تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه إشكالات واردة على من فرق بين جملة جواب الشرط المقترنة بالفاء وغير المقترنة بها، فحكم على المقترنة بأن لها محلا من الإعراب وعلى الثانية بأنه لا محل لها من الإعراب.

والتخلص من هذه الإشكالات عندي ألا يفرق بين المقترنة وغير المقترنة فكلتاهما لا محل لها من الإعراب، لأن هذا المحل إنما هو للجمل ولا يقع المفرد في جواب الشرط ولا يصح، والأصل في الجمل ألا يكون لها محل من الإعراب إلا إذا صح أن تقع الجملة موقع المفرد، أي يكون المفرد هو الأصل، وتنوب عنه الجملة، كما أن جملة الخبر نائبة عن الخبر المفرد، لأنه الأصل في الخبر، وكذلك جملة الصفة نائبة عن الوصف المفرد لأن الأصل أن يوصف الاسم بوصف مفرد لا بجملة، وكذلك الجملة الحالية نائبة عن المفرد لأن الأصل في الحال أن يكون مفردا، وجواب الشرط ليس الأصل فيه المفرد حتى تنوب عنه الجملة، لذلك لا محل لها من الإعراب اقترنت بالفاء أم لم تقترن.

قد يعترض على هذا بأن الفعل المضارع يجزم إن عطف على هذه الجملة، فكيف يجزم إن لم نحكم على محل المقترنة بالفاء بالجزم؟

فالجواب أن الجزم هو عطف على الأصل في جملة الجواب، والأصل فيها أن يكون مضارعا مجزوما، فيكون الجزم مراعاة لهذا الأصل، وليس لأن الجملة كلها في محل جزم، وقد جاء الإعراب مراعيا الفرع فكيف لا يراعى الأصل، فقد روعي الفرع في قول الشاعر:

بدا لي أني لست مدركَ ما مضى **** ولا سابقٍ شيئا إذا كان جائيا

فعطف (سابق) بالجر على (مدرك) لأنه قد يدخل الباء عليه فيقال: لست بمدرك، فهذا الشاعر قد راعى الفرع، فعطف بالجر على الفرع مع وجود الأصل، لأن خبر (ليس) المقترن بالباء الزائدة فرع لخبرها المتجرد من الباء، فإن جاء الإعراب مراعيا للفرع فأن يأتي مراعيا للأصل أولى وأجدر، فالجزم في المعطوف على جملة الجواب إنما هو لمراعاة الأصل، فكأن المتكلم يتصور وجود فعل مضارع مجزوم في الجواب فيعطف عليه بالجزم.

هذا اجتهاد أرى فيه تيسيرا، وهو مبني على أدلة قوية بإذن الله، والله أعلم وهو الموفق لكل خير.

مع التحية الطيبة والتقدير.

ـ[أبو الحسين]ــــــــ[12 - 05 - 2005, 12:59 م]ـ

اعتراض موفق أيها الأغر الفاضل، ولكن ...

قلتَ: (ما علاقة الفاعل بالجزم حتى يكون مشمولا مع الفعل في وقوع الجزم عليهما، فالفاعل اسم لا حظ له في الجزم، لأن الجزم من خصائص الفعل المضارع، وهو يقابل الجر في الاسم، أي لا يكون الاسم مجزوما أبدا، ولا يكون الفعل مجرورا أبدا ولكن إن أوّل مع فاعله باسم إذا أضيف إليه الزمان كان ذلك الاسم في محل جر؟؟)

نعم أوافقك في أنْ لا علاقة مباشرة للفاعل بالجزم، لكنه ركنٌ في جملة في محل جزم، هو لا علاقة له بالجزم، لكن جملته لها علاقة.

انظر - وفقك الله- في قولنا: (أقول: إنك مبدعٌ)

لعلك تتفق معي أن جملة (إنك مبدعٌ) في محل نصب مفعولا به (مقول القول)

فما علاقة الحرف (إنّ) المبني على الفتح، والذي لا محل له من الإعراب بالنصب؟

نعم إذا نظرنا إلى تلك الجمل نظرة جزئية كلمةً كلمةَ وحرفًا حرفًا، فلن نجد أي علاقة، لكن النظرة تكون متكاملة.

وقلت: (ويبقى إشكال منبنٍ على الأصل المقرر في إعراب الجمل وهو أن الجملة إن أمكن تأويلها بمفرد كان لها محل من الإعراب وإلا فلا محل لها ... فلو قلنا إننا يمكن أن نؤول الجملة الاسمية في قولنا: إن تدرس فإنك ناجح، فنقول التأويل: إن تدرس تنحج، أي أن الفعل (تنجح) هو المفرد الذي آلت إليه الجملة الاسمية _ لما كان صحيحا لأنك إن جعلت الفعل وحده دون فاعله هو الجواب، لما تمت الفائدة من الجواب الذي يجب أن يكون مفيدا ولا تتم الفائدة إلا بذكر ركني الجملة الفعل والفاعل.؟)

نعم كلامك صائب ٌ صائب،

لكن بما أننا أوّلنا جملة الجواب، أليس من الأرجح أن نؤول جملة الشرط معها بما أنهما مترابطتان؟

أقصد ألا يمكن أن نؤولهما بمفردين فنقول: (دراستُك نجاحُك)؟

وقلت: (والتخلص من هذه الإشكالات عندي ألا يفرق بين المقترنة وغير المقترنة فكلتاهما لا محل لها من الإعراب)

هنا ترتسم في ذهني إشكالية ,وهي: نحن نعلم مثلا أن أداة الشرط (إنْ) تجزم فعلين: فعل الشرط، وفعل الجواب، فإن اعتبرنا أن جملة الجواب المقترنة بالفاء مثل: (إن تذاكر فلن ترسب)، إن اعتبرناها لا محل لها من الإعراب، فكيف نقول بعد ذلك: إن الأداة تجزم فعلين.

أيها المتمكن الأمكن الأغر أقف حائرًا أمام قولك:

(الأول أن فعل الجواب إن كان ماضيا لا يظهر عليه أثر الجزم مثل الذي في مثالك: (سافر)، كما أن المضارع المنصوب لا يظهر عليه أثر الجزم، فلماذا تناول الجزم الجملة بكاملها عندما كان فعلها مضارعا منصوبا، وتناول الفعل وحده عندما كان الفعل ماضيا مع أن أثر الجزم لم يظهر في الحالتين؟)

فكلامك صائب، لكن ألا ترى أن هنا فرقا بين الفعل الذي أثّر عليه عاملٌ خارجي (لن)، والفعل الذي كان مبنيًا على الفتح في أصل وضعه دون تأثير عامل؛ لذا كان بناؤه على الفتح باقيًا لما حلّ موضعا ليس بموضعه.

في الحقيقة ليس لدي سعة في العلم؛ كي أفسر هذه المسألة بإفاضة، أو أن أتجادل مع متبحر مثلك.

هذا ما لدي

وأنتظر الإنارات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير