ـ[حازم]ــــــــ[22 - 05 - 2005, 09:37 م]ـ
فواللهِ ما اشتقتُ الحِمَى لِحدائقٍ * بها الدوحُ يزهى غُصنُهُ وَوَريقُه
بلِ اشتقتُ لمّا قيلَ إنْكَ بالحِمَى * ومَن ذا الذي ذِكْرُ الحِمَى لا يَشوقُه
أستاذي العزيز / " المهندس "
لا أدري ماذا أكتب، يتنازعني شعور بالسعادة من أمرين:
سعادة بحضورك المشرق، بعد طول غيابٍ، ومرورك.
وأخرى بضياء حروفك، وتألُّق سطورك.
وما زالت حروفي متلعثمة، وإن كانت تذيب المسك خجلاً، ويذوب قِوامها وجلاً.
غير أني أقول:
زاد الله علمَك بريقا، وفَهمك توفيقا.
" ما شاء الله "، قد أكرمك الله بعلوم لا تتّحد فنونها ولا تتعيّن عيونها.
حرف ناضر، ومعنى حاضر
يحتويه علم غزير، في فلكِ فَهمٍ صحيح وفير
أرجو أن يكون لك شأن
مع خالص تحياتي وتقديري
ـ[حازم]ــــــــ[22 - 05 - 2005, 09:40 م]ـ
عَدِمنا خَيلَنا إنْ لمْ تَرَوْها * تُثيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُها كَداءُ
يُبارينَ الأعِنَّةَ مُصْعِداتٍ * على أكْتافِها الأسَلُ الظِّماءُ
تَظلُّ جِيادُنا مُتَمطِّراتٍ * تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِّساءُ
الأستاذ الفاضل / " ابن أبي الربيع "
بدايةً، أشكرك على حسن ظنِّك، وأسأل الله القدير، أن يجزيك خيرًا، ويرفع قدرك، إنه هو البرُّ الرَّحيم.
قد أدركتُ سؤالك – أيها الهمام -، وقد اشتمل تعقيبي المتواضع على إجابته.
ولعلَّ ضعف بياني قد خانني، وتوضيح الجواب قد فاتني، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاَّ بالله.
جمع ما لا يعقل، سواءً أكان جمع تكسير، أم جمعًا مختومًا بألف وتاء.
يجوز أن يُعامل معاملة المفردة المؤنثة، أو معاملة الجمع، في ضميره، وصفته، والإخبار عنه، والإشارة إليه.
وقد اشتمل شاهد سورة فاطر، على عَود الضمير المفرد إلى جمع.
وتقدير المعنى: ثمراتٍ ألوانها مختلفة.
فإذا جاز أن يعود الضمير المفرد، " الهاء " في كلمة " ألوانها "، إلى جمع " ثَمراتٍ "، جاز أن يوصف الجمع بمفرد.
فالقاعدة تقول: ضميره، وصفته، والإخبار عنه، والإشارة إليه.
وشاهد " فصِّلت "، زاد الأمر توضيحًا.
لأنَّ الثمرات اختُلف في قراءتها بين الإفراد والجمع، ولكن بقي الضمير المفرد ثابتًا لم يتغيَّر، مع المفرد والجمع.
مع الإفراد: من ثَمرةٍ من أكمامها.
ومع الجمع: من ثَمراتٍ من أكمامها.
وفي شاهدي سورة " مريم "، ظلَّ الاسم الموصول " التي " للمفرد والجمع، لأنَّ الجمع لِما لا يعقل.
{تلك الجنَّةُ التي}
{جنَّاتِ عَدنٍ التي}
وهكذا مع بقيَّة الشواهد، لجمع التكسير، والجمع المختوم بألف وتاء.
وهاك دليلاً آخر.
أنتَ أجزتَ أن يقال: " هذه سيارات حمراوات " أليس كذلك؟
فإذا أجزتَ أن تشير إلى الجمع، باسم إشارة مفرد " هذه "، لَزمَ جواز وصف هذا الجمع بمفرد.
فإن قلتَ: كيف ذاك؟
قلتُ: قد فرَّق الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز، في الإشارة إلى جمع العاقل، وغير العاقل.
للعاقل، قال تعالى، حكاية عن لوط – عليه السلام -:
{قالَ هَؤُلاءِ بَناتِي إِن كُنتُمْ فاعِلينَ} سورة الحجر 71.
فأشار بالجمع " هؤلاء "، لأنَّ كلمة " بنات " جمع عاقل.
وقال تعالى: {وهَذِهِ الأنْهارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أفَلا تُبْصِرُونَ} سورة الزخرف 51.
{ما هَذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَها عاكِفُونَ} سورة الأنبياء 52.
فأشار بالمفرد " هذه " إلى الجمع، لأنه جمع ما لا يعقل.
والله أعلم.
الدليل الثالث: من الحديث النبويِّ.
جاء في صحيح البخاري
((عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ثم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعوِّذ الحسن والحسين، ويقول: إنَّ أباكما كان يُعوِّذ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذُ بكلماتِ الله التامَّة، من كل شيطان وهامَّة، ومن كل عين لامَّة))
وفي صحيح مسلم
((عن خولة بنت حكيم السلمية، تقول: سمعتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول: مَن نَزلَ مَنزِلا ثم قال: أعوذُ بكلماتِ الله التامَّات من شر ما خلق شيء، لم يضُرَّه شيءٌ حتى يرتحل من منزله ذلك))
الشاهد: وصف " كلمات "، وهي جمع
تارة بالجمع: " التامَّات "
وتارة بالمفرد " التامَّة ".
والله أعلم
الدليل الرابع: من كلام العرب.
قال عمر ابن أبي ربيعة، " من المتقارب ":
أأنكرتَ من بعدِ عِرفانِكا * مَنازِلَ كانَتْ لِجِيرانِكا
مَنازلَ بيضاءَ كانتْ تكو * نُ بسرِّ هواكَ وإعلانِكا
الشاهد: منازل بيضاء.
ختامًا، أسأل الله أن يلهمَنا الصواب، مع حسن البيان وأدب الخطاب، عليه توكَّلتُ وإليه متاب.
مع عاطر تحياتي