ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[24 - 05 - 2005, 11:18 ص]ـ
أخي الكريم حازم
إذا قلنا: سعيد معلم، فسعيد هو المعلم والمعلم هو سعيد فهما نفس الشيء في المعنى
وإذا قلنا: سعيد رهنُ الاعتقال، فسعيد ليس هو رهن الاعتقا ل ورهن الاعتقال ليس هو سعيدا
والله أعلم
ـ[حازم]ــــــــ[25 - 05 - 2005, 09:21 م]ـ
وأظْهِرِ الغُنَّةَ مِنْ نُونٍ ومِنْ * مِيمٍ إذا ما شُدِّدا، وأخْفِيَنْ
المِيمَ إنْ تسْكُنْ بِغُنَّةٍ لَدَى * باءٍ علَى المُخْتارِ مِنْ أهْلِ الأَدا
وأظْهِرَنْها عِندَ باقِي الأحْرُفِ * واحْذَرْ لَدَى واوٍ وفا أنْ تَخْتَفي
الأستاذ الفاضل / " الطائي "
وما زلتُ أسْعَد من حرفك بعذب البيان، وجواهر المعاني الحِسان، ألفاظ كالبشرَى مسموعة، وكأزاهير الرياض مجموعة، كلام مستهل متسلسل، كالمدام بماء الغمام، يصعب وَصفه، ويقرب ظرفه من الأفهام.
زادك الله علوًّا.
" أنا ضدّ الظلم "
أعجبني عمق نظرك للمعنى، وهو رأي له حظٌّ من النظر، ومتَّجه.
غير أني لا أرَى التكلُّف في تقدير، قد تمَّ وضوح الجملة بدونه، ووصلنا إلى المعنى ومكنونه.
وأصل الكلام مبني على فَهم المعنى، فإذا كان المعنى واضحًا، فلسنا بحاجة إلى التقدير.
وكلَّما قلَّ التقدير، كان هو الأولَى.
ومِن أجل مَيلك إلى وجه " النصب "، لجأتَ إلى تقدير وتأويل، تغيَّر بهما تركيب الجملة الأصلية، وتأثَّرت بهما ملامحها الجوهرية.
وسبب ذلك، أنك ألزمتَ كلمة " ضدّ " معنى واحدًا، وهو: النقيض.
والكلمة تأخذ عدَّة معانٍ، حسب السياق.
قال أبو العلاء المعري، " من الكامل ":
قلْ للمُدامةِ، وهْيَ ضدٌّ للنُّهى * تنضو لها أبدًا سيوفُ محاربِ
رفع كلمة " ضدّ "، و" المُدامة " ليست نقيضًا للنُّهَى.
وفي " خلاصة الأثر ":
كأنَّك ضدُّ الدهرِ حلف النوائبِ
رفع كلمة " ضدّ "، على أنها خبر " كأنَّ "، ومخاطبه ليس نقيضًا للدهر.
وفي " التكملة لكتاب الصلة ":
فكل يقول بخيرٍ أنا * وعند الحقيقةِ ضدُّ الخبر.
رفع كلمة " ضدّ "، على أنها خبر لمبتدأ محذوف.
وقال ابن هانئ الأندلسي، " من البسيط ":
لكنه ضدُّ ما ظنَّ الحسودُ به * وفوقَ ما يَنتهي غالٍ ومنبسط
رفع كلمة " ضدّ "، على أنها خبر " لكنَّ "، وممدوحه ليس نقيضًا للظنّ.
وقال ابن الرومي:
ما زلتَ ضدَّ الزمان تصلِح ما * يُفسِد مذ كنتَ من بني العشْر
نصب كلمة " ضدّ "، على أنها خبر " ما زال "، وممدوحه ليس نقيضًا لفساد الزمان.
وفي " شرح النووي، على صحيح مسلم ":
(فأراد ابنُ عمر براءة ابن الزبير من ذلك الذي نسبه إليه الحجاج، وأعلم الناسَ بمحاسنه، وأنه ضدُّ ما قاله الحجاج) انتهى
رفع كلمة " ضدّ "، على أنها خبر " أنَّ "، وابن الزبير ليس نقيضًا لقَول الحجَّاج.
وأخيرًا، قال الله تعالَى: {كلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ ويَكُونُونَ عَلَيهِمْ ضِدًّا} سورة مريم 82.
اختلَف المفسِّرون في معنى كلمة {ضِدًّا}، وممَّا ذهبوا إليه، أنها بمعنى:
" أعوانًا عليهم "، قَول ابن عباس
" أعداءً عليهم "، قَول الضحاك
بخلاف ما ظنوا فيهم، قاله ابن كثير
خصمًا، قاله النسفي
ولكنَّهم اتَّفقوا على أنَّ " ضِدًّا " خبر " يكون "
والله أعلم.
فأقول: تَبقَى كلمة " ضدّ " مرفوعة على أنها خبر للمبتدأ.
والمعنى قائم، سواء بها، أو بحملها على معنى اسم الفاعل.
فيجوز أن يكون " ضدّ " مصدرا في معنى اسم الفاعل، كما يوصف بالمصدر في قولك" " رجلٌ عدلٌ ".
لذلك أرَى أنَّ تأويل كلمة واحدة في الجملة، - وهو من التأويل المسموع، وشواهده كثيرة – أقرب إلى الصواب، وأولَى من التقدير، والله أعلم.
بقيَ أن أذكر شواهد لكلمة " رَهن ".
قال أبو العتاهية:
أنا رهنٌ بِمَضجَعي * فاحذري مثل مصرعي
حيث رفع كلمة " رهن " على أنها خبر المبتدأ " أنا ".
وجاء في " لسان العرب ":
قال قيس بن رفاعة، " من البسيط ":
مَن كانَ في نفسهِ حَوْجاءُ يطلبُها * عِندي فإنِّي له رَهْنٌ بإصحارِ
أُقِيمُ نخْوَتَهُ إنْ كان ذا عوَجٍ * كما يُقَوِّمُ قِدْحَ النَبْعَةِ الباري
رفع كلمة " رهن " على أنها خبر " إنَّ ".
وجاء في " يتيمة الدهر ":
لئن تنقَّلتَ مِن دارٍ إلى دارِ * وصِرتَ بعدَ ثواءٍ رهْنَ أسْفارِ
فالحرُّ حرٌّ عزيزُ النفسِ حيثُ ثوَى * والشمسُ في كلِّ برجٍ ذات أنوارِ
حيث نصب كلمة " رهن " على أنها خبر " صار ".
وفي " ذم الهوى "
أنا رهنٌ بما جنيتُ فذرني من الغلط
رفع كلمة " رهن " على أنها خبر المبتدأ " أنا ".
وفي " نفح الطيب "، " من الخفيف ":
نحنُ في مصر رَهْنُ شوقٍ إليكم * هل لديكم بالشامِ شوقٌ إلينا
فعجزنا عنْ أن تَرونا لديكم * وأبيتُم عن أن نراكُُم لدينا
رفع كلمة " رهن " على أنها خبر المبتدأ " نحن ".
والله أعلم.
أما قول الأستاذ " عزام ": (والتقدير أنا كائن ضدَ الظلم، أو أكون ضدَ الظلم)
فأقول: ما أعجب أمرك – أيها الأستاذ الفاضل - أتجيز أن تكون كلمة " ضدّ " خبرًا لـ" كان "، وتمنع أن تكون خبرًا للمبتدأ؟
أليس خبر " كان " هو خبر للمبتدأ، قبل دخول " كان " على الجملة؟
وقولك: (لأن الخبر ليس هو المبتدأ في المعنى)
أقول: جاء في " الإنصاف ":
(خبر المبتدأ يتنزل منزلة الوصف، ألا ترى أن الخبر هو المبتدأ في المعنى، كقوله: " زيدٌ قائمٌ "، " وعمرٌو ذاهبٌ ".
أو منزل منزلته، كقوله: " زيدٌ الشمسُ حسنا "، " وعمرٌو الأسدُ شدة "، أي يتنزل منزلته.
وكقوله: " أبو يوسفَ أبو حنيفةَ "، أي يتنزل منزلته في الفقه.
قال الله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم}، أي: تتنزل منزلتهن في الحرمة والتحريم) انتهى
والله أعلم.
أستاذي الطائي: سأعود إليك – إن شاء الله – لإكمال ما تبقَّى من الأسئلة.
مع عاطر التحايا
¥