ـ[الطائي]ــــــــ[03 - 06 - 2005, 09:27 م]ـ
ذلك ما كنا نبغي
أستاذنا برقش ...
لقد أجبتَ - بنقلك هذا النصّ - عن الكثير الكثير ممّا سُئل عنه آنفاً؛ فلك جزيل الشكر، ووافر الامتنان يا أستاذنا الفاضل.
تُرى، ما المنتدى المناسب لهذا الموضوع، أهو المنتدى اللغوي، أم منتدى النحو والصرف؟!!
دُمْتَ في حفظ الله ورعايته ...
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[04 - 06 - 2005, 03:21 ص]ـ
أخي الكريم الأستاذ الطائي وفقه الله وسدده
أنا لا أزور منتدى الأدب إلا غبا، وقد اطلعت اليوم على ما كتب في هذا الموضوع، فأردت أن أشارك بتعليق يسير، لعله ينير بعض جوانبه ..
إن جعلتَ وقوع الطلب سببا وشرطا أو نزلته منزلة السبب والشرط لتحقق جواب الطلب جزمت الجواب، وسأستعين بشوهدك للتوضيح:
فمما جعل وقوع الطلب شرطا لتحقق الجواب قوله تعالى: فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفّارا، يرسلِ السماءَ عليكم مدرارا، فقد جعل حصول الاستغفار شرطا لنزول المطر، فجاء الجواب مجزوما.
ومما نزل وقوع الطلب منزلة الشرط، وليس بشرط، قوله تعالى: ذروني أقتلْ موسى، فقد نزل وقوع الطلب منزلة الشرط لتحقق الجواب، فحاشية فرعون لم تكن لتمنعه من قتل موسى، ولكن فرعون نزلهم منزلة من لهم شأن وسلطة، وجعل موافقتهم شرطا للقتل، وهو يعلم أنهم لا يملكون إلا أن يوافقوا، وهذا شأن الطغاة يُشْعِرون أتباعهم بأن لهم شأنا ومكانة، ويُظهرون أنفسهم بمظهر (الديموقراطيين) مع أنهم يحكمون حكما مطلقا.
فإن لم تجعل وقوع الطلب شرطا ولا منزلا منزلة الشرط لوقوع شيء آخر صار الطلب جملة لا شرط فيها ولا جواب، والفعل المضارع الذي يأتي بعد فعل الطلب يرفع أو ينصب بأداة نصب أو يجزم بأداة جزم، وتعرب جملته بحسب موقعها، فقد تكون هذه الجملة صفة، كقوله تعالى: فهب لي من لدنك وليا يرثُني، فجملة يرثني صفة للولي. ويصح أن يكون هذا الفعل الذي وقعت جملته صفة مجزوما بلم، كأن تقول: ابحث عن كرام لم يجنوا على أحد.
وقد تقع الجملة حالا كقوله تعالى: (ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) فجملة يلعبون حال من هم في ذرهم إن جعلت الجار والمجرور (في خوضهم) متعلقين بالفعل يلعبون.
وقد يكون الفعل الذي وقعت جملته حالا مجزوما بلم مثل: هذا زيد لم يسئ إليك.
وقد تكون هذه الجملة صالحة للوصفية والحالية كقوله تعالى: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " فجملة (تطهرهم) صفة للصدقة، أو حال من الضمير في (خذ)
وقد لا يكون للجملة محل من الإعراب فتكون مستأنفة، مثل: دعني أذهبُ، أي: دعني فأنا ذاهب على كل حال. ويصح أن تنصب الفعل بلن فتقول: دعني لن أذهب، أو مجزوما، مثل: اجلس لا تذهب.
أما لماذا جزم الجواب في قوله تعالى (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون) فإنه جعل تركهم سببا لوقوع الجواب، ذلك أن دعوتهم إلى الهداية تنغص عليهم عيشهم فكأنهم لا يأكلون ولا يتمتعون، فأراد الله أن يتركهم الرسول صلى الله عليهم وسلم، بعد أن أصروا على الكفر لكي يتمتعوا بأكلهم ولهوهم فيزدادوا بعدا وينغمسوا في ملذاتهم ويطول أملهم، فيستحقوا العذاب الأليم، فجُعِل ترك دعوتهم سببا لتمتعهم بالأكل وسائر المتع واللهو، وعلى هذا يقدر للأفعال الواقعة في الجواب أحوال مناسبة، فيكون التقدير مثلا: ذرهم يأكلوا باستمتاع، ويتمتعوا بتلذذ، ويلههم الأمل بامتداد، وهذه الأحوال يدل عليه جزم الأفعال ثم الوعيد في قوله: فسوف يعلمون، لأنه معلوم أن تركهم ليس سببا لوقوع أكلهم، لأنهم يأكلون تركناهم أو لم نتركهم، ولكن لو دعوناهم نغصنا عليهم فيأكلون ولا يتمتعون بأكلهم، فإن تركنا دعوتهم أكلوا باستمتاع، فوقوع الطلب هنا سبب لوقوع الجواب على هيئة مخصوصة مفهومة من السياق، أما الوعيد فهو أيضا يقوي هذا التقدير، أي: استمتعوا إلى أقصى حد فستعلمون كيف تكون عاقبتكم. والله أعلم.
وأما قوله تعالى (قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) فأتى بصيغة الطلب الذي لا جواب له، أي قل لهم: الله أنزل الكتاب ثم انصرف عنهم واتركهم لاعبين في خوضهم.
هذا اجتهاد أدعو الله أن يكون لي عليه أجران، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
مع التحية الطيبة والتقدير.
ـ[الطائي]ــــــــ[04 - 06 - 2005, 11:02 م]ـ
يا الله!!
كم أنت رائعٌ أيها الأغرّ!!
نظرٌ ثاقب، وولوج إلى عمق المسألة بفهم دقيق، تؤدَة في العرض، سلاسة في التعليق، توجيه متقن ...
أشهد أنّك أحطْتَ بالمسألة إحاطةَ السوار بالمعصم، فلك الشكر ثم لك الشكر ثم لك الشكر ...
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[05 - 06 - 2005, 08:06 م]ـ
أتاني من الطائيِّ فضلٌ منمنم ****** فأكرم به فضلا يدلّ على الأصل
كذاك النِّجار الحرّ يؤتي شمائلا ***** تضاهي المصفى من شهاد جنى النحل
أخي الكريم الأستاذ الطائي
قرأت ردك في البريد فلم أملك إلا أن أبادر_على كثرة الواجبات _ إلى أن أشكرك، وإنني حقا لا أستحق هذا الثناء العاطر، فجزاك الله عني خيرا.
لا زلت مؤيدا بتوفيق الله وتسديده.
مع التحية الطيبة والتقدير.