تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يبدو الأمر كذلك، إلاَّ على لغة مَن نَسِيَ وجود الياء، وتوهَّم انتهاء الكلمة على النون. وهي لغة قليلة.

وردت في قراءة شاذَّة.

حيث قرأ الحسن البصري، قولَه تعالَى: {ولَهُ الجَوارُ المُنشَئَاتُ في البَحرِ كَالأعْلامِ} الرحمَن 24

برفع الراء، بناءً على جَعل الكلمة اسمًا برأسه، وجعل المحذوف في حكم المنسيّ.

قال البحر، أبو حيَّان، في " بحره ":

(وقرأ عبد الله والحسن وعبد الوارث، عن أبي عمرو: بضم الراء) انتهى

وكذا قال الشوكانيُّ، في " فتح القدير ":

(وقرأ ابن مسعود، والحسن، وأبو عمرو في رواية عنه برفع الراء تناسيًا للحذف) انتهى

وقال الزمخشريُّ، في " كشَّافه ":

(وقُرِئ: {الجوارُ} بحذف الياء، ورفع الراء، ونحوه) انتهى

قلتُ: ونحوه، يعني بذلك، {غَواشٍ} في الأعراف، وما شابهها.

قال أبو حيَّان:

(وقُرئ {غَواشٍ} بالرفع، كقراءة عبد الله {ولَهُ الْجَوارُ الْمُنشَئَاتُ}) انتهى

قلتُ، وأكَّد الخضري، ورود هذه اللغة، في " حاشيته "، وهو يتكلَّم عن العدد " ثمانية ":

(ويقل حذف الياء مع إعرابها على النون، كقوله:

لها ثنايا أرْبَعٌ حِسَانُ * وأرْبَعٌ فَثَغْرُها ثَمانُ

وقال الرضيُّ، في " شرح الكافية ":

(وقد تُحذف الياء في " ثماني "، في غير التركيب، ويُجعل الإعراب على النون، قال " من الرجز ":

لها ثنايا أرْبَعٌ حِسانُ * وأرْبَعٌ فَثَغْرُها ثَمانُ

وفي الحديث: ((صلَّى ثمانَ رَكعاتٍ) بفتح النون) انتهى

" ثَمانُ " في قَول الراجز: خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمَّة ظاهرة في آخره.

و" ثمانَ " في الحديث: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره.

والله أعلم

وقولك: (وسمعته يقول: " بلغت درجة الحرارة ثمانيًا وثلاثين "، فهل لحن هنا أيضًا؟

هل كان الأصح أن يقول: " ثماني وثلاثين " على اعتبار أنَّ اللفظة ممنوعة من الصرف؟)

أقول: بل هو على صواب، فإنَّ كلمة " ثمانيًا " معربة، وليست ممنوعة من الصرف.

قال الخضري، في " حاشيته ":

(" ورأيتُ ثمانيًا " بالتنوين، لأنه مصروف، كما مرّ،

ويقال " " رأيتُ ثمانيَ " بلا تنوين، لشبهها بـ" جَوار " لفظًًا ومعنًى) انتهى

قلتُ، جاء في " اللسان ":

(وقول الأَعشى، ":

ولقد شرِبْتُ ثَمانِيًا وثَمانِيًا * وثَمانِ عَشْرَةَ واثنَتَين وأرْبَعا

قال:

ووجْه الكلام بـ" ثمانِ عَشْرةَ "، بكسر النون، لتدل الكسرةُ على الياء، وتَرْكِ فتحة الياء على لغة من:" يقول رأَيت القاضي ") انتهى

وقال زهير، " من الطويل ":

وقدْ كُنتُ مِنْ سَلمَى سِنينًا ثَمانِيًا * على صِيرِ أمرٍ ما يَمَرُّ وما يَحلُو

وقد ورد في الشِّعر، غير مصروف.

جاء في " اللسان ":

(والثَّمانيةُ من العدد: معروف أَيضًا، قال: ثَمانٍ عن لفظ يَمانٍ، وليس بنسبٍ، وقد جاء في الشعر غير مصروف؛ حكاه سيبويه عن أبي الخطاب؛ وأَنشد لابن مَيَّادة:

يَخْدُو ثمانيَ مُوَلَعًا بِلِقاحها * حتى هَمَمْنَ بزَيْغةِ الإِرْتاج

قال ابن سيده: ولم يَصْرِفْ " ثَمانِيَ " لشبَهِها بـ" جَوارِيَ " لَفْظًا لا معنى) انتهى

وقال الجوهريُّ:

(وتسقُط مع التنوين عند الرفع والجر، وتثبُت عند النصب، لأَنه ليس بجمع، فيَجري مَجْرى " جَوارٍ وسَوارٍ " في ترك الصرف، وما جاء في الشعر غيرَ مصروفٍ، فهو على توهّم أنه جمع؛ قال ابن بري يعني بذلك قولَ ابن مَيّادة:

يَحْدو ثمانِيَ مُولَعًا بلِقاحِها) انتهى

وأخيرًا، بقي النظر، في كتابة العدد " 18 ".

تقول: في المذكَّر: " ثمانية عشر يومًا "

وفي المؤنث: " ثماني عشرةَ ليلةً "، وفيها أربع لغات:

فتح الياء: " ثمانيَ عشرةَ ليلةً "

وسكونها: " ثمانِي عشرةَ ليلةً "

وحذفها مع كسر النون: " ثمانِ عشرةَ ليلةً "

وحذفها مع فتح النون: " ثمانَ عشرةَ ليلةً "

قال ابنُ الحاجبِ، في " كافِيَته ":

(وفي " ثماني ": فتح الياء، وجاء إسكانها، وشذَّ حذفها بفتح النون.

وقال الرضيُّ، في " شرح الكافية ":

(أما الفتح، فلأنَّ الياء تحتمل الفتح لخفَّته، كما في " رأيتُ القاضِيَ ".

وجاء إسكانها كثيرًا، لتثاقل المركَّب بالتركيب، كما أُسكنت في " مَعْدِيكَرِب " و" قالي قلا "، و" بادي بدا "، وجوبا.

وجاز حذف الياء مع قلَّته، للاستثقال أيضًا، وبعد حذف الياء ففتح النون أولَى من كسرها، ليوافق أخواته، لأنها مفتوحة الأواخر، مركَّبة مع " العشرة ".

ويجوز كسرها لتدلَّ على الياء المحذوفة) انتهى

والله أعلم

قلتُ: وأفصح هذه اللغات، ما ورد في الكتاب العزيز، وهو فتح الياء.

قال الله تعالى: {قالَ إنِّي أُرِيدُ أنْ أُنكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلَى أن تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ} سورة القصص 27.

ختامًا، أشكر الأستاذة النابغة / " سمط اللآلئ "، على روعة إجابتها، بارك الله في علمها، ونفعنا به.

دمتُما بخير، مع عاطر تحاياي

ـ[الطائي]ــــــــ[08 - 06 - 2005, 11:23 م]ـ

جزى الله سمط اللآلئ خير الجزاء إذ كانت أول المغيثين فهطلت علماً أطفأ ظمأ الجهل.

دمتِ هتّانةً علماً ...

أستاذي الأجلّ حازم ...

أنت هنا وأنا أتشوّفك في المجلس!!

لله أنت من عالمٍ جليلٍ يسكب العلم عذباً فراتاً سائغاً شرابه، لن أشكو بعد اليوم ظمأً "فعيون علمك ماؤها فوَّارُ".

هذا درسٌ جليل، سأنهي جلسة الاتصال هذه ثم أحدّق في ما كتبتَ متعلّماً مستمتعاً داعياً لك بطول البقاء على الصحة والسلامة وطاعة الله.

لك عندي دعواتٌ بظهر الغيب ما أنفكّ أغرفها من قلبٍ يمحضك المحبّة في الله.

هل أراك في المجلس قريباً؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير