ويفقهنا أدونيس أكثر في هذا المعنى فيقول: «يزداد معنى التوحيد وما يوجبه، حين نعرف ما سنسميه بـ {التوثين}. والوثن: {اسم جامع لكل ما عبد من دون الله، لا فرق بين الأشجار والأحجار والأبنية، ولا بين الأنبياء والصالحين والطالحين}، {فمن دعا غير الله أو عبده، فقد اتخذ وثناً، وخرج بذلك عن الدين، ولم ينفعه انتسابه إلى الإسلام} بشروي نقير!
هل تخلى أدونيس عن إلحاده؟!
إن هذا التلخيص الجيد لأفكار شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب، يوحي وكأن تلاقياً ما قد حدث بين طرفي النقيض والتنافر، أو أن أفكار الوهابية التي أصبحت مصدر هدى للناس في هذا الزمان، ومنذ زمان، قد هدت فيمن هدت من الخلائق هذا الصابئ القديم أدونيس، القائل في كتابه (الثابت والمتحوّل) إن: «الله والأنبياء والفضيلة والآخرة ألفاظ رتبتها الأجيال الغابرة وهي قائمة بقوة الاستمرار لا بقوة الحقيقة والتمسك بهذه التقاليد موت! والمتمسكون بها أموات! وعلى كل من يريد التحرر منها أن يتحول إلى حفار قبور كي يدفن أولاً هذه التقاليد كمقدمة ضرورية لتحرره»!
ويعجب المرء كيف وضع أدونيس شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب، في عداد النهضويين المجددين، ومن قبل ما كان يحفل إلا بأمثال الرازي، وابن الراوندي، ويعدهم في طلائع المجددين، حيث كان يقول عن تقدميتهم: «لقد نقد الرازي النبوة والوحي وأبطلهما وكان في ذلك متقدماً جداً على نقد النصوص الدينية في أوروبا في القرن السابع عشر.
إن موقفه العقلي نفي للتدين الإيماني ودعوة إلى إلحاد يقيم الطبيعة والمحسوس مقام الغيب، ويرى في تأملهما ودراستهما الشرط الأول للمعرفة، وحلول الطبيعة محل الوحي جعل العالم مفتوحاً أمام العقل: فإذا كان للوحي بداية ونهاية فليس للطبيعة بداية ونهاية، إنها إذن خارج الماضي والحاضر: إنها المستقبل أبداً.
... لقد مهّد الرازي وابن الراوندي للتحرر من الانغلاقية الدينية ففي مجتمع تأسس على الدين باسم الدين كالمجتمع العربي لا بد أن يبدأ النقد فيه بنقد الدين ذاته».
إن هذه العقائد التي ينسبها أدونيس إلى الرازي وابن الراوندي، لا تتفق مع عقائد سلف الأمة الصالح، وللسلف الأماجد عليها تعليقات وتشنيعات وغارات حادة انبعثت ولا تزال تنبعث من خلال سطور الكتاب العظيم (اجتماع الجيوش الإسلامية لغزو المعطلة والجهمية) من تأليف شيخ الإسلام شمس الدين بن قيم الجوزية، فكيف تاح لأدونيس إذن أن يوفّق بين هؤلاء الملحدين المجدفين، وهؤلاء السلفيين الهداة المهتدين؟!
هذا ما سنقف عليه بإذن الله تعالى وعونه في المقال التالي فإلى لقاء ..
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[22 - 07 - 2008, 10:31 م]ـ
أيها الفصحاء الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد طول انقطاع عن هذه الشبكة الحبيبة إلى نفسي هي وأهلها الذين هم من أهلي وعشيرتي، ويعلم الله أنه ما قطعني منكم إلا صوارف قاهرة حرمتني من الشابكة كلها طيلة الفترة الماضية وما زال بعض آثارها يمنعني من المشاركة المنتظمة طيلة أيام الإجازة الصيفية، وهي صوارف يطول شرحها؛ فعفوا ومعذرة، ولعلي أعود خلال أيام إلى الإجابة عن أسئلة أحبابي في نافذة الاستشارات، على الأقل.
أما هذا المقال فليس لي فيه إلا النقل من أحد المواقع السودانية التي دلفت إليها على عجل لمتابعة بعض أخبار السودان في هذه الأيام العصيبة. وكاتب المقال الأستاذ الدكتور محمد وقيع الله كان أستاذا لنا في جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان منذ ما يقارب عشرين عاما،ثم هاجر إلى أمريكا للدراسة في البداية، ولكن يبدو أنه أعجبه المكان وأسعده الزمان؛ فأقام هناك إقامة نهائية وعمل أستاذا في جامعاتها،ولا يزال. ويكتب كثيرا في القضايا الفكرية والثقافية السودانية والعربية والإسلامية أحيانا. ولعلي أنقل إليكم الجزء الآخر منه حال نزوله في الموقع المذكور. والله الموفق.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[23 - 07 - 2008, 01:49 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
مرحبا وأهلا وسهلا
أستاذي الكريم
هل ستبقى خلال الإجازة في محل إقامتك؟
لأني ربما أعرج عليكم يوما ما خلال الإجازة
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[23 - 07 - 2008, 02:21 ص]ـ
حياك الله يادكتور سليمان
أما أدونيس فقد أنصف حين قل المنصفون
والوهابية كما تسمى نسبة إلى الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله فعليها غشاوة من صنع الحاقدين يراها الجاهلون أو من لم يكلف نفسه النظر في دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وتأملها تأمل من يريد الحق ويبتغيه وإلا فدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب كانت رحمة من الله وهو والله أعلم من المجددين الذين أخبر عنهم النبي:= وقد ناصرها آل سعود فنصرهم الله وجدد الله بهم الدين بعد أن فشى الجهل وعم وطم فأعاد الله بهم الدين والمجد والأمن والرخاء وسرت من قلب نجد من أرض الجزيرة العربية حياة وبعث لآمال المسلمين فهي بحق دعوة مجددة إصلاحية للدين والدنيا على جميع المستويات من اجتماع وسياسة واقتصاد وقد رحم الله بها الكثير من عبادة ومن أراد الاستكثار فعليه بقراءة كتب التاريخ المنصفة أمثال كتب المؤرخ المصري محمد جلال كشك رحمه الله.
¥