ـ[السراج]ــــــــ[01 - 06 - 2009, 11:56 ص]ـ
(ابن النحاس – يزهو شعرا) عدد 446
....
بأبي أفدي أميري، إنه=صادق الطعن، جريء القلب، سَمْحُ
وهو يعلن في زهو وافتخار أنه بلبل أميره وصناجته ومردّد مدائحه، وأنه وحده الذي يثبت في مجال المقارنة ولانتقاد – كما تُنتقد المعادن والدراهم لتمييز صحيحها من زائفها – إنه إذن مُدرك لمنزلته بين شعراء زمانه المتشاعرين غير الموهوبين، وارتفاع قامته بين أقزام الشعر ممن لا يملكون موهبته ولا تأتيه للمعاني البارعة والأبيات السائرة والصور الشعرية الذائقة. يقول فتح الله بن النحاس:
أه من جوْر النوى، لا سُقيتْ=تعطبُ الحُر، وما للحر نُجْحُ
حسّنوا القول وقالوا غربةً=إنما الغربة للأحرار ذبحُ
فانتقدني، واتخذني بلبلا=صَدحهُ بين يديْ علياك مدحُ
وهو يصف قوافيه بأنها كرائق الندى أو كالمطر الخفيف المنهل قطرة بعد قطرة وتسكابا بعد تسكاب:
بقوافٍ كسقيط الطلّ، أو=أنها من وجنات الغيد رشْحُ
كل بيتٍ في العلا، كلّله=من نفيس الدّر والياقوت صرحُ
ولابن النحاس ولعٌ بالبديع واهتمام باقتناص فنونه وطرائفه، في صور الجناس والطباق والتورية، وفي جمال التقطيع والتقسيم، وفي الانتقالات من مقام إلى مقام، ومن طرفة تعبيرية إلى أخرى .. يقول:
بطلٌ لو شاء تمزيق الدجى=لأتاهُ من عمود الصبح رمحُ
كم سطورٍ بالقنا يكتبها=وسطور بلسانِ السيف يمحو
ـ[السراج]ــــــــ[07 - 06 - 2009, 10:09 ص]ـ
(رسالة ... علي السبتي) عدد 503
أعَاتبُ ... لو يُجدي لديك عتابُ=وألْفُ سؤال ما لهُنّ جوابُ
تصُدّينَ لا غضْبَى ولا أنا غاضبٌ=ولا مللاً والأمرُ منك عُجابُ
ولكنّ طَبْعاً فيك لم أدْر سرّهُ=تُحارُ به الألبابُ وهي صيابُ
وكنّا كناريْ روضة يرعيانها=تُحيطُ بها اللّذات وهي شبابُ
وكنتُ أرى فيك الأماني كلها=وأنّي على قدْر الوفاء أثابُ
وما كنتُ أدري أن حبّك منّةٌ=وإني على حِمل الهوى سأعابُ
وأنّ دماً قد نزّ بين قصائدي=تشرّبهُ في السافيات تُرابُ
وأن فضاء مثل عينيك ضاق بي=ولي ذكرياتٌ في حماه عِذابُ
ـ[السراج]ــــــــ[09 - 06 - 2009, 10:59 ص]ـ
(أنتِ) عدد 503
إن قصيدة " صلوات في هيكل الحب " لأبي القاسم الشابي واحدة من أبرز القصائد التي صنعت تأثيراً كاسحاً، وأشاعت روحا شعرية، عارمة، وتناولاً شعريا مغايراً لموقف الشاعر من جلوة الوجد العاطفي مختلطاً بأقباس روحية وصوفية ... إنها قصيدة لها تاريخ!
عذبةٌ أنتِ كالطفولةِ، كالأحلام=كاللحن، كالصباح الجديد
كالسماءِ الضحوك كالليلة القمراء=كالورد، كابتسام الوليد
يا لها من وداعةٍ وجمال=وشبابٍ منّعم أملودِ!
يا لها من طهارةٍ، تبعثُ التقـ=ـديس في مهجة الشقيّ العنيد! ...
يا لها رقّة يكادُ يرفُ الور=دُ منها في الصخرة الجلمود!
أي شيء تُراك؟ هل انت " فينيس "=تهادت بين الورى من جديد
لتُعيد الشبابَ والفرح المعسول=للعالم التعيس العميد
أم ملاك الفردوس جاء إلى الأر=ض ليُحيي روحَ السلام العهيد
أنتِ .. ما أنت؟ أنت رسمٌ جميلٌ=عبقريّ من فنِّ هذا الوجود
فيك ما فيه من غموض وعمق=وجمال مقدّس معبود
أنتِ .. ما أنت؟ أنت فجرٌ من السّحر=تجلّى لقلبي المعمود
فأراه الحياة في مونق الحسن=وجلّى له خفايا الخلود
أنت روح الربيع، تختال في=الدنيا فتهتزّ رائعات الورود
ـ[السراج]ــــــــ[13 - 06 - 2009, 08:29 ص]ـ
(لي الحلم – محمد الطوبي) عدد 450
إني أحبك مخطوفاً وذاكرتي=رند تفتق بالآيات واشتعلا
يا من ترصع أشواقي بفتنتها=لي الحلم أنّى بأقمار اسمك ارتحلا
يا من تعمد غزلان الغواية هل=لمشتهاك صهيل القلب قد وصلا
كم عاشق سفك الدنيا بحيرته=وشف في شغف المحبوب وامتثلا
تطرف عشقك الوضاح يصرخ في=دمي فلا كان لي عشقي إن اعتدلا
إني لأشهر في الدنيا مدائحه=سيفاً وهيجا تشهاه السوى مثلا
برقش الفجر فيروزاً فيسط عبي=سكري ويغدق للنسرين ما سألا
لتسرف الكأس في أشهى شمائلها=حتى أحس بنبضي المسك والعسلا
أنت النعيمة والنعمى أأنت كما=أسطورتي أم تراني أمدح الطللا
من يسأل الآن للسلوى السؤال ومن=فينا معاً في بهاء العشق ما عدلا
ـ[السراج]ــــــــ[25 - 06 - 2009, 06:33 م]ـ
(عن الشاعر وشعره) عدد571
المازني – بهذا المعنى – شاعر فكر أو هو شاعر مفكر، شاعر موقف من الحياة والإنسان والكون، تشغله القضايا الكبرى، ويهتز وجدانه وعقله معا للتجارب العظيمة ويفسح من شعره مساحة للقلق الإنساني، وصراع الرؤى في عالمه المترع، والبصر النافذ المتشوف دوما لما يتصور أنه اللباب أو الجوهر أو الحقيقة ..
يقول عن الشاعر وشعره:
يرى من ستور الغيب، حتى كأنما=يطالع في سفر جليل المراقم
له خاطر يقظان، ليس بنائم=يجيش بأصداف اللآلئ الكرائم
صقيل كحدّ الصبح، سمْح كنوره=نقيّ كصوب العارض المتراكم
وروحٌ كأن الكون من فرط رحْبها=بها، قطرة في زاخر مُتلاطم
ولَحْظٌ كأن البرقَ ريشتْ سهامه=يضيءُ حواشي كل أغبر قاتم
وتطلعه فجرا على الناس واضحا=يُريهم سبيل الحقّ بادي المعالم
وما الشعر إلا صرخةٌ طال حبْسُها=يرن صداها في القلوب الكواتم
يُرقرقُ أنداء العزاء على الأسى=ويُضرم طورا خامداتِ العزائم
¥