تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نلاحظ من خلال هذه الأبيات، صدق التجربة وحرارة الانفعال، اللذين كان الشاعر يعيشهما، وهو يحيا هذه الأجواء الرّبانية مما يعكس بعض ملامح صوفيته، التي استقى أصولها من صميم الاسلام.

بقي الشاعر يعيش أواخر أيامه بصوفيته وزهده وعكوفه عن الحياة الدنيا، إلى أن مرض ونقل إثر ذلك الى مستشفى مدينة باتنة وبقي على حاله يوم الأربعاء، وتوفي السابع من رمضان المعظم سنة1399هـ الموافق لـ31جويلية1979م ونقل جثمانه الى مدينة بسكرة حيث دفن بمقبرة "العزيلات" وذلك يوم09من شهر رمضان لليوم الثاني من شهر أوت (2).

1 - السابق-ص118 - 119 - 120 (بتصرف).

2 - نفسه-ص136 (بتصرف).

مراحل شعره:

لم يترك الشاعر وراءه ما يتهالك عليه المتهالكون من حطام الدنيا ولكنه ترك لنا شعره، وأهم ما وصلنا منه ديوانه الذي يقع في أكثر من ست مائة صفحة (1)، ويحتوي على 6797بيتاً من الشعر (2)، طبع عام1967م على نفقة وزارة التربية الوطنية في الجزائر، ثم قامت الشركة الوطنية للنشر والتوزيع بطبعة مرة ثانية سنة1979م، كما ترك ملحمة شعرية يصور فيها الجزائر حتى عام1964م بعنوان: وحي الثورة والاستقلال، وهي في446صفحة ومسرحية شعرية بعنوان"بلال بن رباح" (3).

إنّ الموهبة الشعرية لدى محمد العيد مكنته من التعبير عن أحاسيسه وتجاربه فجادت قريحته بقول الشعر ونظم القصائد وتعتبر أول خطوة خطاها وهو مايزال طالباً في بسكرة، أعانه على ذلك أنه نشأ في بيئة أدبية ودرس على يد شيوخ معظمهم شعراء مثل معلمه الأول بعين البيضاء "محمد الكامل بن عزوز"، ولماّ انتقل الى بسكرة توفرت لديه حوافز الابداع فبدأ ينظم قبل أن يتعرف تعرفّاً جيداً على أدواته بدافع من موهبته وبتأثير من محفوظاته وهو لم يتعدى السابعة عشر من عمره، فكان يعرض ما ينظم على أقرانه وعلى شيخه علي بن إبراهيم العقبي فكان يحضى بالاعجاب والتشجيع حيناً وبالنقد والتوجيه حيناً آخر.

إن ّ لهذه المؤثرات المختلفة مفعولها في تغذية اتجاه الشاعر الى قول الشعر فاستمر في هذا الاتجاه وتعتبر قصيدة "داعي النهوض" من أقدم القصائد الكاملة التي وصلتنا على حدّ تعبير الأستاذ محمد ابن سمينة والتي قالها حوالي سنة1920م ثم نشرها في 24جويلية1925م (4).

أما عندما كان طالبا في تونس لم يتسنى له أن قال شعراً وذلك لأنه وقع أمام الخيار الحاسم فرض عليه أن يختار اتجاه من الاتجاهين وهما إماّ يسير في طريق الأدب وإماّ أن يسلك طريق العلم والتحصيل فاختار الاتجاه الثاني يقول في هذا الصدد: (كنت طوال فترة وجودي بتونس منكباً على التحصيل العلمي مشتغلاً به دون سواه، لإحساسي أنّ ما حصلت عليه من الأدب قد يكفيني الى حين ولذلك لم استكثر من الشعر ولم أحرص على عقد الصلّة بيني وبين من كنت أسمع بهم من شعراء تونس يومئذ ... على الرغم من أنيّ كنت أترددّ على البعض المحافل الأدبيةأحياناً).

وعند عودته من تونس استقر ببسكرة وكانت تشهد يومئذ بوادر نهضته علمية وأدبية نشطة يساهم فيها ويوجهها كوكبة من الكتاب والشعراء فاندمج الشاعر في هذه الحركة، ويعلق على ذلك فيقول: (في بسكرة فتحت عيني على النهضة الأدبية والعلمية وتعرفت على بعض الأدباء وكان لي معهم مساجلات أدبية ورسائل شعرية).

1 - محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته-ص29 (بتصرف).

2 - الاسلام والعروبة فيشعر محمد العيد آل خليفة/رسالة تخرج لنيل شهادة ليسانس من إعداد (تقاري محمد-خليفة الطاهر-علالي عبد القادر)،تحت إشراف الأستاذ:"وذناني بوداود" دفعة (1995 - 1996) -ص79.

3 - محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته-ص29 (بتصرف).

4 - نفسه-ص47 - 48 - 49 (بتصرف).

ويمكن القول أنّ الانطلاقة الحقيقية للشاعر في الميدان الفني ترجع الى الفترة التي عقبت عودته من تونس، والذي يدلّ على هذا هو غزارة إنتاجه (1) وتمرسه فيه.

أما ما سبق هذه المرحلة فتعد بدايات وارهاصات لما بعدها ومن أقدم القصائد في هذه المرحلة "قصيدة صدى الصحراء" حيث تتضمن دعوة حارة الى العمل واليقظة والاصلاح، حيث يقول:

صفا العيش لي وامتد ريف ظلالي ** فما تكاليف الزمان ومالي

صفا العيش وازدان روض مواهبي ** وأينع فضلي واستبان كمالي

وكنت صدى الصحراء أدعى لأنني ** بسطت على الصحراء نور هلالي

وواليت بالارشاد رفع عقيرتي ** عسى أن يهب النائمون حيالي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير