1 - 2 - محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته-ص116 - 117 (بتصرف).
3 - الاسلام والعروبة في شعر محمد العيد آل خليفة
وعلى هذا الأساس نظم القصيدة المعزوفة العروبة أمناّ الكبرى حيث يقول فيها:
الملة السمحاء آصرة لنا ** فوق الأوامر و العروبة مولد
هيهات تقدر أن تفرقنا يد ** والله يجمع شملنا ومحمّد
إنّ العروبة أمناّ الكبرى التي ** في الأمهات نظيرها لايوجد (1)
أماّ ما قاله عن الوطن فهو يعبر عن صدق تجربه وإحساسه المرهف وحبهّ العميق للجزائر، فقد تألمّ لألمه وفرح لفرحه، أنشد فأطرب وعبّر فأجاد، وحسّ فصدق، شاركه في أفراحه وأتراحه بقلمه ولسانه فكان عنصراً فعالاً في استنهاض همم الشباب وبث روح الحماسة مواكباً لأحداث وطنه جسداً وروحاً.
وفي هذه الأبيات يخاطب المحتلّ الفرنسي بأن لاحقّ له في أرض شعبٍ بذل النفس والنفيس في استرجاعها فليس عدلاً أن يسلبه حقه ليستريح ويشقى هو، وأن يخلد المحتلّ ويبيد تحت ظلمه هذا الشعب، ولكن هذه الأرض هي لأفذاذ سيبقون أحراراً رغم الطغاة الغزاة وإن أستهين بقوتهم:
ليس حقاً أن تحرمي الشعب حقاً ** لقي النار دونه و الجديدا
ليس حقا أن تستريح ويشقى ** ليس حقاً أن تسكني و يميداَ
ليس حقا أن تستجدّي يبلى ** ليس حقاً أن تخلدي ويبيداَ
يا فرنسا ردى الحقوق إلينا ** وأقلىّ الأذى و كفّى الوعيداَ
نحن رغم الطغاة في الأرض أحرا ** ر وإن خالنا الطغاة عبيدا (2)
لماّ تحقق النصر للشعب المفدى واسترجع دولته الفتية بعد جهادٍ طويل كلفه غالياً،عبّر الشاعر عن فرحته بهذا اليوم الذي بقي خالداً وسيبقى خالداً ...
كان يوم استقلالنا عيد شعب ** طافح البشر ساحب الأذيال
قالزغاريد والهتافات تعلى ** بين قرع الطبول والأزجال
والأناشيد في الميادين تتلى ** من نساء وصبية ورجال
قد رفعنا الهامات بالنصر تيها ** و شكرنا لربّنا المتعال
1 - الديوان-ص229.
2 - الديوان-ص294.
الى جانب هذه المضامين الأساسية، نلمح وجود بعض الأغراض التقليدية المعروفة في الشعر القديم من وصف وحكمة ومراثي وإخوانيات ... الخ، ندرج بعضا منها:
1 - الرثاء: رثا "محمد العيد" شاعر النيل حافظ ابرهيم في قصيدة بعنوان"رثاء شاعر النيل".
قمْ عزّ مصر وعزّ الشرق أقطاراً ** فحلُ مصر خبا كالنجم وانهاراَ
ياموتُ عدتَ بنفس خصبة نبتت ** فيها المبرّات مثل الرّوض أنهاراَ
وغلت ليثاً بجنب النيل كان له ** زأرّ به أوسع "التاميز" إنذارا
ياشاعراً حنّ بالفصحى ورنّ مدى ** كالطير زقزقة و العود أوتارا
أقام مأتمه الدنيا وأقعدها ** ودام فيها عشياتٍ و أبكارا
وفي الجزائر من وجد بمأتمه ** هولٌ عليها طغى كالموج تيارا
وابن الجزائر بابن الشرق مرتبط ** وإن أحاطت به الأشواك أسواراَ
يارحمة الله هبّي نفحةً وهمي ** غيثا على حافظ في القبر مدرازاَ
في ذمة الله لا أنساه ثانية ** حسبي بحبّي له عهداً وتذكارا (1)
2 - الوصف: لقد نظم الشاعر قصيدة يصور فيها مشهداً من مشاهد البؤس الكثيرة في الجزائر ومن تلك القصيدة نورد الأبيات التالية:
بدا لعيني تاعسٌ ناعسٌ ** على الثرى في الصبح بالي الثياب
جاثٍ على الرجلين حاني الحشى ** والظهر هاوي الجسم ذاوي الشباب
فهاج من حزني ومن لوعتي ** كما يهيج النار عودُ الثقاب (2)
3 - الاخوانيات: وفي هذا الموضوع ندرج أبياتاً كان قداحياّ بهم محمد العيد الأستاذ أحمد سحنون حينما زاره في بيته يقول:
سيديّ إننيّ إليك مشوقٌ ** وعوادي الزمان عنك تعوق
إننيّ مذ فقدت وجهك لم أضفر ** بوجهٍ من الأنام يروقُ
سيديّ كيف حالُ قلبك بعدي ** في زمان قد عزّ فيه الصديقُ
هل كما كان للحياة طروباً ** هلْ له بعدُ بالقريض خفوقُ (3)
1 - ديوان –محمد العيد آل خليفة-ص454.
2 - نفسه-ص28.
3 - نفسه-ص408.
وقد أهدى الشاعر هذه القطعة الشعرية الى صديقيه الأستاذ الطيب العقبي والسيد عباس تركي، بعد أن أطلق سراحهما من السجن ظلماً من الاستعمار الفرنسي، يقول فيها:
خذا لكما عنيّ من الشعر باقة ** كذكركما كما الزّاكي تضوع وتعبق
مضت لكما في الدهر أيام محنة ** وساعات عُسر بالأماثل تلحق
بها يمحّص الله المحقّين في الورى ** ويسحق دعوى المبطلين ويمحق (1)
خصائص شعره:
¥