على العموم "محمد العيد" يعتبر من أحد شعراء المدرسة الاحيائية التي تقوم على احياء التراث والاستفادة منه، إلاّ أنه جددّ في المضامين وكان شديد الصلة بالأسلوب العربي القديم، حاول أن يخلّص أسلوبه من الضعف والتصنع والجمود (2).
ومن أهم خصائص شعره:
1 - يكاد شعره يخلو من تصوير لعواطف الشاعر وأحاسيسه الذاتية الخاصة، فغلبت على شعره الذات القومية الجماعية (3)، يقول في هذا الصدد: (إنّ ذلك الموقف الذي اتخذته، وذلك المنهج الذي إلتزمت به في شعري إنماّ هو تعبير عن وجدان الأمة، وإنيّ وإن كنت قد قلت في بعض الأشخاص فلأني كنت أعتبر ذلك جزءاً أساسياً من عملي الوطني والقومي) (4).
ومثال ذلك قوله:
نحن الدعاة الى الحسنى فما أحدّ ** مناّ بمجترح للشرّ مجترم
ألا فقل للذي بالحرب فاجأنا ** لاتلق بالحرب من يلقاك بالسلم
وقل لمن نالنا بالظلم منتقماً ** حذار من نائلٍ بالعدل منتقم (5)
2 - اللغة التي استعملها في شعره هي لغة الرغبة الجادة في التبليغ، لا لغة الزخارف والأصباغ التزييفية والتلاعب بالألفاظ (6) يقول:
أنت من عنصر الخلود لباب ** كن الى المجد طامحاً ياشبابُ (7)
لك دين مدى الدهور عزيزّ ** يبذل المالُ دونه والرّقاب
1 - الديوان-ص395.
2 - محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته-أ/محمد بن سمينة-ص30.
3 - نفسه-ص137 (بتصرف).
4 - نفسه-ص140 (بتصرف).
5 - المحصول –شعر محمد العيد آل خليفة (شاعر الوطنية) عيسى حاجي-ص32.
6 - في الأدب الجزائري الحديث،د/عمر بن قينة-ص69 - 70 (بتصرف)
7 - المحصول –شعر محمد العيد آل خليفة (شاعر الوطنية) عيسى حاجي-ص104 ..
3 - المعيار الفني: عنده ليس محدداً بأشكال معينة في التجديد ولا محصوراً في قوالب تقليدية زخرفية، بل تجاوز الزخارف المصطنعة الى الانفعال بالحدث، وحسن التعبير عن التجربة، وجودة بناءها (1)، فكان يجهد نفسه في البحث عن الألفاظ والتراكيب والمعاني المتداولة في الحياة العامة، ويذللها لشعره إذ يراها أنفذ الى مشاعر سامعيه من غيرها، وأقدر على التأثير فيهم (2)، حيث يدخل المتلقي في حالة شعورية ذهنية فكرية روحية، فيشارك التجربة وينفعل معها (3).
أو مثال هذا الأبيات التي صورّ موقف النساء ومشاركتهن في الثورة والكفاح المسلح، وشجاعتهن الفائقة.
قد سبقن الرجال في البأس صبراً ** وتحملن فتنة الأضداد
وأثرن الأبطال للثأر منهم ** فاستبادوا زروعهم بالحصاد
كم غدونا الى جريح طريحٍ ** فأسونا جراحه بالضماد
وحنونا على شهيد مجيد ** خطّ تاريخه بأزكى مداد (4)
4 - ارتبطت صوره الشعرية بمقاييس النقد القديم، تفتقد الى الغرابة والابتكار وتقترب من السطحية، وبما أنّ التشبيه هو الأداة المفضلة عند القدامى، فقد استخدمه "محمد العيد" بكثرة، فهو يعتقد أنّ التشبيه هو الأقرب الى الواقع وألصق بالعقل، وأكثر تناسباً مع الاتجاه الشعري الذي اختاره الى نفسه، وهو الاتجاه الذي تغلب عليه النظرة الواقعية للأشياء، ومن هذه التشبيهات في قصيدة"مالي وللأذى":
كن طاهراً كالملاك نفساً ** لاتظمر الحقد كالجمال
كمْ من أذى لم أعره بالا ** فغاص كالماء في الرّمال
5 - هو مثله غيره من شعراء الجزائر (احتفظ بسمة من الوضوح ولم يوغل في الرّمزية وإن رمز في شعره فهو ليس بالايجابي الغامض، لكنه نتاج ظروف سياسية واجتماعية فقط مثل ذلك قوله في الحرية:
من كان في العشاق باسمك ناطقاً ** فكأنماّ هو الناطق بمحالِ
حيث نلاحظ في هذا اليت الذي أشاد فيه بالحرية رمزٌ خفي حيث رمز لها بالحبيبة وهو إيحاءٌ ظاهر قريب جداً للمعنى واضح الهدف لايحتاج الى عناءٍ فكري (5).
6 - استقى صوره من الطبيعة غالباً، يقول محيياًّ من خلالها "جمال عبد الناصر"
إنّ الجزائر بوّأتك أرضها ** أكباد أحرارٍ لها وحرائر
صحت إليك حدائقها بأزهارها ** وثمارها ضحك الحبيب السافر
واستقبلتك سهولها وحقولها ** وربيعها الزاهي بحسن المناظر (6)
1 - في الأدب الجزائري الحديث،د/عمر بن قينة-ص69 - 70 (بتصرف)
2 - المحصول –شعر محمد العيد آل خليفة (شاعر الوطنية) عيسى حاجي-ص212.
3 - في الأدب الجزائري الحديث،د/عمر بن قينة-ص69 - 70.
4 - الثورة الجزائرية في الشعر العربي، د/مصطفى بيطام-ص52 - 53.
5 - الاسلام والعروبة في شعر محمد العيد آل خليفة، رسالة تخرج شهادة ليسانس.
¥