تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يأخذ في الحسبان جميع العوامل المؤثرة في عملية الترجمة وليس في "قابلية الترجمة" فقط وهذا ما يمكن اعتباره نموذجا لما يدعو اليه الباحث المعروف توري كما سنشير لاحقا حينما نستعرض أحدى دراساته الأخيرة في هذا المجال. 5 - تيريزا دوبرزنسكا: التركيز على ايحاءات الدلالة الدراسة التي سنستعرضها الآن هي دراسة تيريزا دوبرزنسكا Teressa Dobrzynska تحمل عنوان «ترجمة الاستعارة: مشاكل المعنى» والتي نشرت في عام 1995 في دورية البراجماتية في مجلدها الرابع والعشرين. وكما يتضح جليا من عنوان الدراسة فهي بعكس الدراسات السابقة تركز على مستوى الدلالة من قضية ترجمة الاستعارة. وترى دوبرزنسكا باديء ذي بدء ان الاستعارة تعتبر نموذجا على كل ما تمر به الاشارة اللغوية بشتى أنواعها حينما يتم استخدامها في الخطاب. بمعنى "انه يمكن التعامل مع الاستعارة على أنها تمثل تعقيد التواصل اللغوي بأكمله" (ص 595) غير أنها مع ذلك تقول ان مشاكل الاستعارة يمكن رؤيتها أقصى وضوحا وتحديدها حينما يراد ترجمة التعبير الاستعاري، أي حينما يراد التعبير عن المعنى في لغة أخرى، حيث تعني اللغة الأخرى خلفية ثقافية أخرى ونظاما قيما مختلفا لدى مستمعين أو قراء آخرين. وتفرق دوبرزنسكا بين التعبير الاستعاري والتعابير الخالية من المعنى بسبب ان التعبير الاستعاري هو كسر "مقصود" للحدود الدلالية في حين أن التعابير الخالية من المعنى غير قابلة للتأويل بعكس التعابير الاستعارية. فالاستعارة ذات معنى بالرغم من أن هذا المعنى يتجاوز التقاليد الدلالية في اللغة. والاستعارة (الحية) تختلف أيضا من منظور دوبرزنسكا عما يعرف بالاستعارات الميتة التي لا يشعر فيها القاريء بالصورة المجازية. وتقول دوبرزنسكا ان دراسة الاستعارة ه توفر فرصة ممتازة لتفحص أفضل للفرق بين المعنى غير المتغير في لغة معينة والذي هو موضوع علم الدلالة، في جانب، والعناصر المقابلة المتعلقة بـ "معرفة العالم" التي ترتبط بالبراجماتية في الجانب الآخر" (ص 596). وهنا تربط دوبرزنسكا الاستعارات بالارتباطات والايحاءات الملازمة للفظ كسمة أساسية في الاستعارة. حيث إن "الايحاءات اللفظية" جزء من تمكن المتحدث أو الكاتب وهكذا فهي أمر مشترك لدى جميع المتحدثين المتمكنين في أي لغة، وهذا ما يفسر التلازم بين معنى الاستعارات كما انتجها المتحدث أو الكاتب والمعنى الذي يصل اليه أو يفسره المستمع أو القاريء ورغم ذلك يظل معنى الاستعارة مفتوحا لأكثر من تفسير واحد. إلا أن بعض الاستعارات تظل أسهل تفسيرا من غيرها وهذا يعود في رأي دوبرزنسكا الى "المعرفة المشتركة" بين الكاتب أو المتحدث والقاريء أو السامع، فكلما كبرت مساحة المعرفة المشتركة بينهما سهل الوصول الى معنى الاستعارة أما اذا ضاقت مساحة هذه المعرفة الى حد انها تتحول الى محض افتراض فيصعب الوصول الى معنى الاستعارة. وفي رأي دوبرزنسكا فإن صعوبة تفسير الاستعارة تتجل أكبر ما تتجل ني حالة الترجمة حيث تتجاوز الاستعارة حدود مجتمع متميز بثقافة معينة، وتنتج الصعوبة هنا من حقيقة ان الكاتب أو المتحدث ليس لديه الا معرفة غامضة بسيطة حول الحقول الدلالية الايمائية لدى القاريء أو السامع. وتظهر المشكلة أيضا حينما تقوم الدلالة الاستعارية من ارتباطات مسكوكة من النوع الايمائي اللفظي، حيث تكون هذه الايحاءات معروفة لدى متحدثي لغة الأصل لكنها لا توجد لدى متحدثي اللغات الأخرى. فما الحل في مثل هذه الحالات حينما تعجز الترجمة عن نقل الاستعارة من لغة الى أخرى جراء الاختلافات في الحقول الدلالية بين كل من الكاتب والقاريء وبين لغة الأصل واللغة المترجم اليها؟ ترى دوبرزنسكا أن على المترجم أن يختار خيارا واحدا من بين ثلاثة خيارات. أول هذه الخيارات هو أن يختار المترجم المقابل الدقيق للاستعارة الأصلية (استعارة ï استعارة)، أو ان يستخدم عبارة استعارية تحمل معنى العبارة الاستعارية نفسه (استعارة 1 ï استعارة 2)، أو انه يحل محل الاستعارة مقابلا تفسيريا حرفيا (استعارة ï شرح). وهنا ترى دوبرزنسكا أن "اختيار التكتيكات الترجمية يجب أن يعتمد على نوع النص المترجم والوظيفة التي يفترض ان يؤديها لجمهوره الجديد في سياقها التواصلي الجديد" (ص 599)، مع ملاحظة ان الطريقة الأول لا يمكن اعتبارها افضل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير