تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذاته. خلاصة نخلص من الاستقراء السابق لبعض الدراسات التي ظهرت في عقد التسعينات الى الاستنتاجات التالية: 1 - يلاحظ من خلال استعراضنا السابق أن الدراسات في موضوع الاستعارة والترجمة قد تجاوزت محدودية الدراسات المبكرة في الموضوع. ومعنى هذا أن الدراسات المبكرة مثل دراسة داجوت (1976) ونيومارك (1980) قد تمحورت حول الاستعارات المفردة، أي رؤية الموضوع من خلال امكانية ترجمة الاستعارة المفردة المنفصلة عن مستويات السياق العليا كالنص والسياق الثقافي الأكبر والعوامل المؤثرة على الترجمة مثل العامل اللغوي والعامل الثقافي اللذين تحدث عنهما داجوت، والعامل الكوني الذي اقترحه نيومارك. أما دراسات التسعينات فحاولت الخروج من مطب الاستعارة المفردة فحاولت توسيع دائرة الاستعارة لتشمل الجغرافيا النصانية التي توجد فيها الاستعارة. فإشارة مناصير الى وظيفة الاستعارة في تكوين معنى النص، وتركيز كروجر على المستوى "الكوني" أي النص للاستعارة، والمستويات الكبرى التي تحدثت عنها فونج كلها تدل على تحرك نحو تجاوز التعامل مع الاستعارة كوحدة منفصلة عن المستويات الأخرى باتجاه الاهتمام بالمستويات العليا للاستعارة. وهنا نشير الى أن الدراسات في الموضوع في مرحلة تحول، وان التعامل الأشمل مع الاستعارة لم يظهر في رأينا حتى الآن، والدليل على ذلك وجود بعض الدراسات التي مازالت ترى أن على المترجم أن يتعامل مع كل استعارة على حدة مثلما يرى لوكس مثلا، وتمحور دوبرزنسكا حول المفهوم القديم للايحاءات التي تستثمرها الاستعارة في النص. 2 - نرى أن هنالك مدى يمكن للباحث في الموضوع أن يصل اليه مستغلا ما يوجد حاليا من تطورات سواء في مجال الاستعارة أو المجالات الأخرى كلسانيات الخطاب واللسانيات الادراكية ودراسات الترجمة ذاتها. فإذا كانت الدراسات في الموضوع قد تحركت فعلا إلا أن هذه الحركة ليست فيما نرى بالمستوى الذي بالامكان الوصول اليه. واستطيع أن أشير هنا الى بعض التطورات في بعض الميادين التي يمكن للدراسات حول الاستعارة والترجمة الافادة منها: - دراسات الاستعارة: النظرية المعاصرة للاستعارة كما طورها لاكون وجونسون وترنر (3) التي ترى ان الاستعارة عملية ذهنية وأن ما نتعارف عليه بالاستعارة ليس إلا تعبيرا لغويا عن الاستعارة الذهنية. وهنا يمكن لدراسات الترجمة ان ترى كيف يمكن التعامل مع الاستعارة الذهنية من منظور الترجمة. بمعنى ان كانت الاستعارة أمرا ذهنيا وان اللغة ليست الا تعبيرا عن الذهن، فكيف يمكن أولا تحديد مشكلة الاستعارة في الترجمة، وكيف يتعامل المترجمون مع الاستعارة، أي هل تنتقل عبر الاستعارة مفاهيم ذهنية من لغة معينة الى لغة أخرى، أم أن الترجمة ليست إلا عملية احلال لتعابير لغوية موجودة ومتقبلة في لغة الترجمة بمعنى هل الترجمة ذهنية أم لغوية فقط؟ - دراسات الترجمة: تطورت نظرية الترجمة في العقدين الأخيرين تطورا كبيرا يمكن الافادة منه في المباحث التي تتعرض للترجمة والاستعارة، فدعوة توري الى المنهج الوصفي في غاية الأهمية في هذا المجال. كذلك فإن دعوة كثير من الباحثين وخصوصا الالمان منهم الى الاهتمام بغرض الترجمة مهم جدا، حيث يمكن للباحث مثلا أن يدرس الاستعارة وارتباطاتها وعلائقها في النص الأصلي، ويقارن ذلك بوضع الاستعارة في النص المترجم، باعتبار الأخير نصا قائما في ذاته له مبررات وجود تختلف عن مبررات النص الأصلي في لغته الأصلية، ويمكن التركيز هنا على التفاعل بين غرض الترجمة ووضع الاستعارة فيها. كذلك يمكن للباحث أن يستفيد من تطور آخر في دراسات الترجمة وهو النظر الى الترجمة من ناحية ايديولوجية، من حيث ارتباط وضع الترجمة في ثقافة معينة بالوضع العام في تلك الثقافة، حين يستخدم النص المترجم لأغراض لا ترتبط بالترجمة ذاتها بل بالوضع الاجتماعي ومصالح المجموعات المختلفة في تلك الثقافة

للدكتور / عبد الله الحراصي ـــــــــ سلطنة عمان ــــــــ جامعة السلطان قابوس

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير