ـ[الحب خطر]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 11:24 ص]ـ
الجزء العاشر
كان كريم في إسطبل الخيول يتجاذب أطراف الحديث بالإشارة تارة وبقليل من الإنجليزية تارة أخرى، مع غلام في الثانية عشرة من عمره؛ يأتي قبيل الظهر ليساعده على تنظيف الإسطبل وإطعام الخيول ...
أحس كريم بآلام في أسفل ظهره ورقبته، وقد أدار ظهره للباب .. كما أدار ظهره أيضاً للغلام وراح يتكلم معه بصوت مرتفع عن أحوال المزرعة .. وأحوال الجزيرة، وهو منهمك في تقليب الأعلاف وتنظيف الأرضيات وتبديل الماء ... ولم يتفطن المسكين إلا وهو يسقط على كومة الأعلاف التي أمامه من هول المفاجأة حين أطلق أحد من خلفه صرخة عالية أفزعته!!! وحين التفت إلى مصدر الصوت، وقلبه يخفق بشدة، وإذا بغيوم تقف وراءه ومعها الغلام وهما غارقان في ضحك عميق ...
قام مسرعاً ليمسك بغيوم. إلا أنها هربت هي والغلام خارج الإسطبل وكل منهما سار في اتجاه مغاير .. حمل كريم شوكة الأعلاف الطويلة بيده ولحق بغيوم التي غابت بين سيقان الذرة، وهو يهدد ويتوعد.
أما الغلام فقد توقف عن الركض ووقف مكانه ينظر إليهما وهو يتبسم وقد غاب الاثنان تماماً في الحقل .. ثم عادا من جديد بعد دقائق وهما يضحكان ويتبادلان الحديث بلغة لم يفهمها الغلام، وقد أمسك كل منهما بيد الآخر متجهين ناحية الغلام.
حين وصلا، وقفا أمامه، ثم استند كريم بيده على شوكة الأعلاف ولف يده الأخرى حول غيوم وقد التصقت به.
- كريم (وهو يعرف الغلام لغيوم): غيوم .. هذا كالاكاتا .. أو كيماواتا .. أو كاكاواتا .. أو شيء له واتا، لا أدري سليه أنتي فقد عجزت أن أحفظ اسمه.
تبسم الغلام وقد فهم انه هو المقصود وقال: (إهيكاواتا) .. ثم نظر إلى غيوم وقال: آهاأوتو بآييتا .. تولالانقا أورّوبها ناكوبنديا أوف، ياتهاكا آم بيلايا. ثم انصرف وهو يودعهما بيده ويقول: أودا!
وترك غيوم تضحك .. ثم أشارت بيدها إليه وهي تقول: أودا.
ثم التفتت إلى كريم وهي تقول: إنه يقول .... " إذا تزوجت في المستقبل فسوف أحضر زوجتي إلى هنا حتى ألاحقها في حقل الذرة "
أطلق الإثنان ضحكات متقطعة، ثم دخلا داخل الإسطبل يحتميان عن أشعة الشمس .. ثم قامت غيوم لملاقاة الخادمة التي أقبلت من بعيد تحمل الغداء .. ثم استخرجت غيوم من كيس جلدي أحضرته معها طعاماً كانت قد صنعته بنفسها، وجلس الاثنان يأكلان بشهية مفتوحة، وكل منهما يختلس النظرات إلى صاحبه حين يغفل عنه.
فجأة قالت غيوم ووجهها يتهلل من الفرح: " كنت اليوم في قسم الشرطة ..... " ثم سكتت طويلاً وتشاغلت بالأكل وكأنها تريد أن تثيره!!
كريم وقد بدأ عليه التعجب: ..... !!! حسناً!! ثم ماذا غيوم؟؟
غيوم: علمت أن رئيس الشرطة يعاني من وعكة صحية عنيفة ألزمته الفراش .. وهذا يعني أنه سيغيب عن قسم الشرطة لمدة أسبوع أو أكثر، لقد أصابته بعوضة (الدنقا)؛ وهي تسبب نزلة معوية حادة وارتفاع في درجة الحرارة و ... قاطعها كريم متحمساً ,,
وقال: حسناً .. حسناً ... لايهمني أمر هذا الـ (جلال) الآن، يهمني أمر المحول الكهربائي فيم تفكرين!!!؟؟؟
نظرت إليه غيوم وراحت تتبسم بمكر دون أن تنطق بحرف واحد ...
- كريم: لا لا ... لا تقولي أنك تخططين لسرقته!
سيفتضح أمرنا غيوم ثم يزجون بي وبكِ في السجن .. لا لا لن أعمل طوال عمري في المزرعة أجمع قيمة الغرامة المالية ... هذا مستحيل.
- غيوم: من قال لك أنني أخطط لسرقته؟؟ أ .. أ .. إسمع:
" هناك جندي يعمل حارساً لقسم الشرطة وهو صديق لوالدي ومدين له بعشرة جنيهات لا يستطيع سدادها .. وقد اتفقت معه على أن يسمح لي أن أتسلل ليلاً لاستعارة المحول لمدة يومين أو ثلاثة قبل أن يتفطن أحد، ثم أعيده مكانه , وسيزود المحول بوقود يكفي لمدة ثلاثة أيام "
كانت غيوم تأمل أن هذين اليومين ربما يكونان غير كافيين لالتقاط بث من مكان بعيد كهذا، وحينها ستخف رغبة كريم بالعودة إلى بلاده تدريجياً .. وهذا يعني بقاؤه عندها مدة اطول ريثما تفكر في حل يرضي قلبها من ناحية .. ويرضي كريم من ناحية أخرى ..
لم تكن هذه الأفكار بدافع الأنانية بلا شك .. لكنه قلب الأنثى الذي يصبح أسيراً تحت إمرة الحب حين يسيطر عليه ويسلبه أرضه.
رضي كريم بهذا الحل .. وهدأت نفسه أكثر ودب فيها الأمل من جديد.
¥