تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومع أن القصيدة مكتوبة بوعي، وبنوع من المعاناة الذهنية، النابعة من الحب والألم، غير أن الصناعة فيها لا تكشف نفسها، بخلاف كثير من قصائد الشعر الحديث، ولعل ذلك يعود إلى أنها مترعة بالرقة والحنين من جهة، ومعرفة أسرار الصنعة والقدرة على الإبداع الطافح بروعة الشعر من جهة أخرى، وذلك حين يبوح بصدق عن عاطفة الحب بوصفها أنبل العواطف الإنسانية في أقصى تجل لها.

وقصارى القول فإن قصائد السياب التي توجه فيها إلى أمه، مناجياً، ومحاوراً، تمتلك سمات محددة، تساعد على معرفة أسرار تجربة السياب الإبداعية، فالشاعر لم يتوجه إلى أم على قيد الحياة، ليكتب فيها قصائد الاعتراف بالجميل والبرهان على وفاء الأبناء للأمهات، ولم يكرر على مسامعنا ما جاء في الديانات والثقافات المختلفة من أنها الكائن الأسمى والمقدس، ولم يكتب في هذه الأم قصائد الرثاء المليئة بالحزن والتفجع، قصائد الشاعر في أمه تعبر عن حالة استثنائية قاهرة، تتعلق به وبها في آن معاً، فالشاعر يكابد عذاب المرض، والأم تنام نومها الأبدي، وعبر التذكر والتخيل يحاول الشاعر استدعاء الأم لإشراكها في معاناته، إنها نموذج الشعر الذي يبحث ويتأمل في أدق المسائل التي يواجهها الإنسان في حياته، في دلالة الحب والألم، الموت والحياة، الفناء والخلود، وفي كل ما يتصل بمسائل الوجود والعدم، والمصير الإنساني.

ولقد تمكن السياب في هذه القصائد أن يبعث فينا مشاعر متعاطفة معه، وأن يفتح أعيننا على أسرار الحياة التي نغفل عنها حيناً، ونزعم أننا لا نجهلها حيناً آخر، فقوة هذا الشعر نابعة من قوة تأثيره فينا، بسبب طبيعة المسائل والمواضيع التي يثيرها، ومن خلال تشرب نفس الشاعر هذه المسائل والمواضيع، فمن الخاص إلى العام، وبتدفق عفوي بعيد عن الادعاء، وبفن جذاب وحزين، توجه السياب إلى أم سبقته على طريق الموت، وهو يقف على حافته.


([1]) رشيد سليم الخوري –ديوان الشاعر القروي- دمشق- اتحاد الكتاب العرب- جزء 2 - 1983 - ص436.

([2]) محمود درويش –أحد عشر كوكباً –بيروت- دار العودة- 1992 - ص-55.

([3]) ديوان الشاعر –مج1 - ص- 656.

([4]) ديوان الشاعر –مج1 - ص-186.

([5]) المصدر السابق –ص-188.

([6]) الديوان السابق –ص-189 - 190.

([7]) الديوان مج1 - ص-672 - 673.

([8]) المصدر نفسه –ص-673.

([9]) المصدر نفسه-ص-674.

([10]) الديوان مج1 - ص236.

([11]) أريك فروم-فن الحب- ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد- بيروت- دار العودة-2000م ص 29.

([12]) الديوان –مصدر سابق- ص- 287.

([13]) المصدر نفسه-ص-609.

([14]) المصدر السابق-ص-615

ـ[المستبدة]ــــــــ[07 - 04 - 2005, 03:49 م]ـ
عاشق البيان ..
جزيل الشكر ينحني أمام حروفك التي غمرتني
بكريم وقتها ..
سأشكرك لكل حرف سأقرؤه ..
جزاك الله كل خير ..

عزيزتي:
أنشودة المطر ..
أهلاً بك أولاً ..
ثم أجدني أقف أمام اسمك الرقيق ..
الذي يشي بما يعتمل داخلك، ويلقي ببعض
ما ستقولين .. !
ما أجمل أناشيد المطر ...
أتحفينا بواحدة أيتها الأنشودة الرقيقة ..
أختي. شكرا لحضورك البهي، وشكراً أخرى
لتعليقك،الذي ينم عن ثقافتك.
شكراً لتأطير السؤال مرة أخرى.
صدقيني أؤمن كثيراً، بهؤلاء الذين يأتون، ويأبون
الرحيل إلا بمزيد إشراق لخطواتهم النديّة،بأنهم من نودّ
ونسعد بمصافحتهم .. فشكراً لك ..
لكن لي وقفة يا غالية، قلت:
قلتِ (في عرض قولي):
" هل من رؤية نقدية لكلٍ من الشاعرين؟!
أحب أن أوضح فقط أن الرؤية النقدية لا تؤخذ من ذات الشاعر وإنما من نصوصه.
ولعلي أصيغ السؤال مرة أخرى ..
هل من رؤية نقدية في شاعرية كلاً من السياب ودرويش؟! "
**

شكرا لكِ مرة ثالثة، لكني لم أقل هذا!
وقد قصدتُ ألا أقول مثلما قلتِ!! فللبيب الإشارة!!
قلتُ:

"رؤية نقدية بشكلٍ عام لكلٍ من:
الشاعر:
بدر شاكر السياب.
محمود درويش."
فثمة فرق كبير فيما ذكرتُ وفيما أدرجتِ!
تعنيني التفاصيل كثيراً!
لن أُسهب أكثر،
لكن مع هذا بالفعل أشكرك على "الصياغة" الواعية ..
كما أشكرك على أن تمنيتي أن:
أتمنى أن تقرأي بعضاً من نصوصهما حتى تتبلور لك رؤيتك الخاصة.
وهناك بعض الرؤى النقدية حول فنية شعر السياب في عدد من الكتب مثل كتاب إليا حاوي " في الأدب و النقد".
مع أن تلك الرؤية لم توافقني ومع ذلك ذكرتها لك ربما تكوّن لديك انطباع جديد .. !

سأشكرك رابعة، أيضاً، لكنني سأذكرك ـ أيضاً ـ فيما قلتُ:

" فقط رؤية فنية موضوعيةـ مختصرة ـ، لكي أعتمد سلامة ما وصلت إليه ..
(لستُ بذات يد في شعرهما) .. "

ألحظتِ:
" لكي أعتمد سلامة ما وصلت إليه "!!؟
يعني أنني قرأتْ، تأملت، دوّنت .. ثم أحببت مشاركة الأكارم،،
لمقارنة ستكون بين ما وصلتُ إليه، وما سيغدقون عليَّ به.
دوماً أُردد أنْ لابد من رؤية خاصة،يجب أن يلتفّ بها رأي الناقد والأديب،
والحمد لله،لا أتعسّف هذا .. لكنه ينساب فيما أقول دوماً ..
ومع هذا، لا يمكن أن أكون بمنأى عن رأي الأساتذة الأفاضل والأستاذات الفضليات .. من مثلكِ
أيتها الأنشودة الجميلة ...
أثابك الله.

**
عاشق البيان / أنشودة المطر:
سأعود بعد أن أقرأ مشاركاتكما الطويلة ..

تحيّة،،،
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير