تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولا يمكن لأحد فينا أن يقرأ رواية دون أن يدخل إلى قاعة العرض السينمائية وبجعبته الكثير من الأسئلة أولها يتعلق فيما إذا كان المخرج قد استطاع مع الطاقم أداء وتجسيد روح الرواية.

وفي معظم الأحيان، أو ربما في الغالب، يتم الانحياز إلى العمل الأدبي في أصوله الأولى، إذ إن الرواية تظل أكثر غنى وتعددا من الأحادية التي يفرضها تحويل الأدب إلى سينما.

الكاتب الروائي: نجيب محفوظ:

سيتم تناول أسلوب نجيب محفوظ ولغته ووسائل التعبير لديه من خلال عمل من روائع كاتبنا وهي رواية (زقاق المدق). من المعروف عن معظم النتاج الروائي لنجيب محفوظ أنه تصوير لرحلة الحرمان الاجتماعي الذي تعاني منه الفئة البسيطة في المجتمع المصري بما في هذا المجتمع من اضطراب له علاقة بالحياة اليومية و الحياة العامة من أحداث وأفكار وفلسفات ونزاعات. ومن هنا فإن نجيب محفوظ إنسان نبع من صميم الشعب واهتم بهمومه، كتب عن هذه الفئة من الشعب لأنه ينتمي إليها. ولا شك أن هموم شعبه حركته إلى الكتابة الجادة حيث كان يعي الظروف القاسية السائدة في المجتمع المصري آنذاك وهموم شعبه وهذا ما نراه مجسد في رواية زقاق المدق والتي سنحاول دراستها بشقيها الروائي والإخراجي 0

لغة نجيب محفوظ:

إن أهمية اللغة تكمن في حيويتها وذلك باستخدام الكاتب للأسلوب المليء بالحيوية وألا يكون هذا الأسلوب حافلاً بالزخارف و التكلف وانه يمكن استخدام بعض الزخارف الأسلوبية أو بعض الألفاظ والتعبيرات العامية، إذا كان يخدم موقفاً فنياً في الرواية ويساعد على رسم الشخصية فيها لذلك فإن معرفة اللغة أمر ضروري للقاص ولكل كاتب لأنها الشكل المادي الذي تكسب به الرواية وجودها الواقعي وحينما نقف عند لغة نجيب محفوظ في رواية زقاق المدق نجده بنطق شخوصه ألفاظاً فصحى. إلا أن دلالتها وتراكيبها من حيث تأخير الكلمات وتقديمها أقرب إلى العامية، أما من ناحية مقدمة الرواية فهي اقرب ما تكون إلى لغة المقالة. التي قدم بها لعمله الروائي (1)

ونجد هذا الأمر واضحاً في مقدمة (زقاق المدق). حيث نجده يقول

(تنطبق الشواهد الكثيرة بأن زقاق المدق كان من تحف العهود الغابرة وانه تألف يوماً في تاريخ القاهرة المغرية كالكوكب الدري، أي قاهرة أعني؟ الفاطمية؟ المماليك؟ السلاطين؟ علم ذلك عند الله وعند علماء الآثار ولكنه على كل حال اثر، واثر نفيس 000) (1)

وحينما يصل كاتبنا إلى الشخصيات نجده بالفعل يعتمد على أسلوب وصفي رائع. لا يمكن من خلاله أن تخرج تلك الشخصية حين تناولها فنياً عن نطاق ما يرسمه لها بقلمه فنجده يصف لنا مثلاً شخصية (عم كامل) بائع البسبوسة رغم أنه شخصية ليست محورية في البناء الدرامي لقصة زقاق المدق لكنه رغم ذلك رسم بقلمه أدق تفاصيله قائلاً: (دكان عم كامل بائع السمبوسة على يمين المدخل وصالون الحلو على يساره ومن عادة عم كامل أن يقعد كرسياً على عتبة دكانه يغط يف نومه و المذبة في حجرة لا يصحو إلا إذا ناداه زبون أو داعيه عباس الحلو هو كتلة بشرية جسمية ينحسر جلبابه عن ساقين كقريبتين وتتدلى خلفه عجيزة كالقبة 0000) (2)

ب – الحوار:

الحوار الفني حديث يسن شخصين أو أكثر و الناقد تشارلز مورغان Charles Morgan يطلق كلمة محادثة على الكلام الذي يدور على ألسنة الناس في الحياة أما كلمة حوار فيعتبرها خاصة بكلام الشخصيات في القصص والمسرحيات وهو عنصر فني من عناصر الأسلوب القصصي أو الروائي وهذا العنصر في الرواية يوحي بثقافة الكاتب وإدراكه لخطورة الدور الذي يؤديه الحوار في العمل الفني (1)

وحينما تدخل إلى لغة الحوار لدى نجيب محفوظ فإنه يعتبر صورة من صور الأسلوب ومن الوسائل التي أعتمدها في رسم الشخوص وتطوير الإحداث، ومن ثم فهو يستعمل الحوار لتطوير موضوع الرواية و الوصول بها إلى النهاية، وفيه تستحضر الحلقات المفقودة في الحديث، وبه يتم الكشف عن جوهر الشخوص ويدور الحوار في رواية زقاق المدق حول فكرة معينة، يحرص كاتبنا على ألا يصرح بها مباشرة،من ذلك ما نجده في الحوار الواقع بين أم حميدة و الست سنيه عفيفي حول فكرة الزواج؛ التي تحاول أم حميدة ترويجها للست سنية عفيفي صاحبة العقار، نعم يا ست سنيه، لذلك خلق الله الدنيا كان وسعه يملأها رجالاً فحسب أو نساء فحسب، ولكن خلق

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير