تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

" وقد أحببت أن أبنين هنا ما أردته بوحدة الفكر والحياة في الفن فأقول أولا، إن الحرية في رأيي هي العنصر الذي لا يخلو منه جمال في عالم الحياة أو في عالم الفنون " 2.

ولكن العقاد تنبه إلى تقيد الحرية إن صح التعبير وفرق بينها وبين الغموض فيقول: " وخلاصة الرأي أننا نحب الحرية حين نحب الجمال، وأننا أحرار حين نعشق من قلوب سليمة صافية، فلا سلطان علينا لغير

ـــــــــــــ

1 ـ النقد والنقاد المعاصرين ص 61، محمد مندور. 1

2 ـ النقد والنقاد المعاصرين ص 86، محمد مندور ص.

الحرية التي نهيم بها ولا قيود في أيدينا غير قيودها ولا عجب فحتى الحرية لها قيود " 1.

وقد طالب العقاد من خلال منهجه النقدي ولا سيما الموجة إلى أحمد شوقي بمجموعة من الأسس والقواعد النقدية، منها الفردية والمنهج النفسي الذي تبناه في مذهبه النقدي وخاصة الوحدة العضوية للقصيدة، وما يتعلق بمقاييس المعاني مما تحدث فيه النقاد العرب القدماء كالإحالة التي تعني المبالغة في المعاني مبالغة مسرفة. يقول العقاد عنها: " أما الإحالة فهي فساد في المعنى وهي ضروب: فمنها الاعتساف والشطط، وفيها المبالغة ومخالفة الحقائق، ومنها الخروج بالفكر عن المعقول، أو قلة جدواه وخلو مغزاه " 2.

ومن تلك المقاييس أيضا مما اتخذه العقاد أساسا لمنهجه النقدي ما يعرف بالتقليد وهو من المقاييس النقدية القديمة التي عرفها النقاد العرب وأسرفوا في نقدها حتى جعلوها نوعا من السرقات الأدبية، وآخر تلك المقاييس التي اتبعها العقاد في نقده لشعر شوقي ومدرسة التقليد هو نظرتهم إلى التشبه ووظيفته الشعرية، وهي تلك النظرة التي نقلت التشبيه من مجال الحواس الخارجية إلى داخل النفس البشرية فيقول مندور: " إذ رأيناهم يعني ـ العقاد وزميليه ـ يطالبون بأن يكون الهدف من التشبيه هو نقل الأثر النفسي للمشبه من وجدان الشاعر إلى وجدان القارئ، وبذلك فتحوا الباب أمام التعبير الرمزي " 3.

الصورة الشعرية ووحدة القصيدة:

لم تكن الصورة الشعرية بدعا في عالم الشعر والمذاهب النقدية المعاصرة، سواء عند مدرسة الديوان أو المدارس الأخرى المجددة، كالمدرسة الرومانسية والواقعية والرمزية، فهي موجودة منذ عرف الشعر، بل إن الشعر قائم عليها، ولكن استخدامها يختلف من شاعر لأخر كما أنها في الشعر القديم تختلف عنه في الشعر الحديث، وهي أكبر عون على تقدير الوحدة الشعرية أو على كشف المعاني القيمة التي ترمز إليها القصيدة. ومع رجوع الصورة في الشعر القديم كما هي موجودة في الشعر الحديث " إلا أنها في الشعر الحديث أكثر تتابعا، ولكن الشاعر ينفر من استخدامها في البرهان والإثبات، ويعمل دائما على أن تكون صوره جديدة وناقلة للتأثير ومترابطة في مجموعها بحيث يكوّن منها صورا كبرى. على أن صعوبة ما يحاوله الشاعر الحديث توقعه في الاضطراب فتجيء صورة محشودة أو مجتلبة فيخل بالترابط الذي يريده، وتعجز قصيدته عن تحقيق ما يريد لها من غاية لأنها أغرقت في التوجه نحو تلك الغاية " 4.

ـــــــــــــــ

1 ـ محمد مندور نفس المرجع ص 86.

2 ـ محمد مندور مرجع سابق ص 109.

3 ـ موجع سابق ص 112.

4 ـ فن الشعر ص 232 د. أحسان عباس.

وقد عمد نقاد مدرسة الديوان إلى استخدام الصورة غير المتكلفة، والمنسجمة مع بعضها البعض، وأن تكون صورا جديدة مبتكرة، ولا يعني جدة الصورة التقاؤها في ذهن الشاعر بما يلتقي به مما حوله من مظاهر الحضارة الجديدة، وإنما تعني ما تعكسه الصورة من تعبير عن نفسية الشاعر وكأنها تشبه الصور التي تتراءى في الأحلام، هذا من جانب، ومن جانب أخر أن يكون غرض الصورة مجتمعة قد تعين على كشف معنى أعمق من المعنى الظاهري للقصيدة، ذلك لأن الصورة وهي تحوي جميع الأشكال المجازية، إنما تكون من عمل القوة الخالقة التي هي منبع روح الشعر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير