هل أداوي جراحي بك، هل تتفق جراحي معك، أم تنبت لي جراح تتطاير مع النسيم. لنجد إنتقال بعد ذلك إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة (الحيرة)، بنص يصور مرحلة مختلفة تماما عما سبق، وإن كانت إستكمال لمرحلة تمر بها النفس البشرية .. حب وفراق وأمل وحيرة في مواجهة مرحلة أخرى .. أقتطف هذه العبارات من نص (الحيرة) ..
تمضي الأيام سلوانا، أسير بثبات تارة وأتعثر تارة.
حتى يلملم سواد الليل نومي فأسامره وقته.
تتيه بين شعور الخوف والإاقدام بين نظراتها إلى الخلف والأمام
فأحمل حقيبتي وأسافر .. لعلي أصل إلى النسيان
كم أخاف السفر، كم أخاف المجهول
أبحث عن أحلام سرقتها الأيام
ما زالت تستوقفني محطات العمر
فهنا نتلمس بين العبارات الشعور بالوحدة بعد إستقرار، والرغبة في الخروج من واقع تراوح بين ألم وحلم إلى الانتقال لمرحلة أخرى رمزت لها بالسفر، وهنا الحقيبة مدلول على بعض من ذكريات ورغبات ما زالت تحمل جمالا ولم تنس، فهي لم تفقد الأمل فما زالت محطات العمر تستوقفها، ولم تفقد الحلم كما لمسنا بالنص السابق (خذ بيدي)، ويتكرر ذكر الحقيبة برمزيتها مرة أخرى في نص يحمل إسم (حقيبة)، لكنها هنا تكون اكثر وضوحا بمدلول ومفهوم الحقيبة ..
حقيبتي سنين عمري
أعشقها بمحتوياتها
هي عالمي، موطني
وفي (التضاد) نجد مرحلة الوصول للحلم للحب، إلى محطة أخرى من مسيرة النفس البشرية، مسيرة الإنسان الذي يبحث عن الحب الملائكي الذي يلغي الزمان والمكان .. (نستقي حبا ملائكيا .. تحوم شفافية تكوينه متحدة، تلغي الزمان والمكان وتصل إلى ذروة التحليق بين السماء والأرض). (أو بعد هذا أبحث عن كلمات) .. وفي (أيا إمرأة تمسك القلب بين يديها) نجد الانسان الذي يريد أن يسمو ويحتج ويتمرد ويعلن العصيان في مواجهة زخم الحياة اليومية، هذا الزخم الذي يدمر الحب ..
(هو ذلك الإنشغال يقتل أجمل لحظاتنا ليدخلنا في رتابة المفروض). أما في (الزوايا) فنرى صورة أخرى تختلف عن صور المرأة التي رأيناها في النصوص السابقة، فهنا زوج وشخصيتين .. زميلته وهي إمرأة قوية في شخصيتها وتأثيرها في مجال العمل مع إهتمامها الكبير بزوجها وأطفالها، وزوجته في البيت المرأة السلبية التي لا تمتلك شخصيتها ومهمتها أن تقول لزوجها .. أنت السيد المطاع وأمرني انفذ، فهي لا تناقش ولا تعترض ولا تحتج وتترك القرار له وحده حتى لو شاورها فهي تقول له كما تريد فأنت اعلم مني، وفي النهاية نجد هنا الرجل يثور على هذا الواقع المر، لأنه هو ايضا يبحث عن الانسان وليس عن الآلة التي تنفذ فيصرخ حانقا وهلعا (لما هذا الخضوع، أين كيانك .. إبحثي عن ذاتك) .. لكن السؤال يطرح نفسه .. لو كان يرغب بالمرأة صاحبة الشخصية من الأصل فلماذا بحث عن ابنة السابعة عشر ليتزوجها؟؟ أم هو تناقض بين رغبتين في داخل الذات البشرية!!!
في (كومة لحم) نجد نصا مختلفا عن كل النصوص ولكنه بشكل او بآخر يمثل لها إمتدادا، فهنا المرأة طفلة بيعت في أسواق النخاسة لرجل كل مؤهلاته أنه يمكنه دفع المال الوفير لذويها تحت بند الزواج، وما هي الا عملية بيع وشراء وصاحبتها ضحية اخرى من ضحايا المجتمع والتخلف، فتكون النهاية أنها ترمي نفسها من نافذة سجنها إلى الرصيف لتنهي المأساة ..
هي تكسر ألف مرة في اليوم من أقرب الخلق وتسلب الكلام
هو ذو العزة الغافية المترفة ذو السلطة ورب الحريم الكثار
هي ذلك الجسد الغض المباع المفعم بالطفولة قليل الأعوام
هي ترى النور من نافذة تقابلها تكفي جسدها من التحليق بوئام
هي كومة لحم عاري منغرس ملتصق بالرصيف أمام الأنام الانسان يتجلى في بكائية (أفول شجرة) والتي تتحدث عن وداع إنسان عزيز، فالفراق والفقد هي من اكثر المسائل التي تصيب النفس مهما بلغت غلظتها، فكيف بالنفس التي تحمل في ثناياها روح الانسان، فنجد صورة الوداع ..
عند الوداع ..... بكى الشجر
وحجبت الغيوم السوداء القمر
وزلزلت الارض إيمانا بالقدر
ويظهر النص هنا صورة مختلفة لردود الفعل المختلفة في النفوس البشرية، التي تلتف حول الجثمان حتى قبل أن يوارى الثرى، فمن مؤمن إلى طامع إلى مستسلم إجتمع الحشد حول عظم جثومها دون حراك
منهم من ينظر بحزن، منهم من يدعُ ومنهم من بدأ العراك
من يحق له اوراقك، من يحق له خشبك، ومن سيبكي نواك
¥