[من غرر أبي فراس الحمداني]
ـ[الأحيمر السعدي]ــــــــ[31 - 12 - 2007, 11:23 م]ـ
وتسمى الروميات
لما أسرت الروم في بعض الوقائع أبو فراس الحمداني وهو جريح، وقد أصابه سهم بقي نصله في فخذه، ونقل مثخناً إلى قسطنطينية، وتطاولت مدته بها لتعذر المفاداة، وبتأثير الأسر والمرض وفرط الحنين إلى أهله وإخوانه وأحبابه، والتبرم بحاله ومكانه، قال أشعاره التي خرجت من صدر حرج، وقلب شج، تقطر رقة ولطافة، وتبكي سامعها، وتعلق بالحفظ لسلاستها، فمنها قوله:
ما للعبيد من الذي= يقضي بهى الله امتناع
ذدت الأسود عن الفرا = ئس ثم تفرسني الضباع!
وقال:
قد عذب الموت بأفواهنا = والموت خير من مقام الذليل
إنا إلى الله لما نابنا = وفي سبيل الله خير السبيل
ولما شقت فخذه عن نصل السهم الذي أصابه قال:
فلا تصفن الحرب عندي، فإنها = طعامي مذ بعت الصبا وشرابي
وقد عرفت وقع المسامير مهجتي = وشقق عن زرق النصول إهابي
ولججت في حلو الزمان ومره = وأنفقت من عمري بغير حساب
وقال بخرشنة وقد مكث بها في بداية أسره قبل نقله إلى قسطنطينية ولعمري لقد أجاد:
إن زرت خرشنة أسيراً = فلقد حللت بها مغيرا
ولقد رأيت النار تنت = هب المنازل والقصورا
ولقد رأيت السبي يجل= ب نحونا حوراً وحورا
من كان مثلي لم يبت = إلا أميراً أو أسيرا
ليست تحل سراتنا = إلا الصدور أو القبورا
ـ[الأحيمر السعدي]ــــــــ[31 - 12 - 2007, 11:31 م]ـ
وكتب إلى سيف الدولة يحثه على فداءه قصيدة طويلة منها:
دعوتك للجفن القريح المسهد = لدي، وللنوم القليل المشرد
وما ذاك بخلاً بالحياة وإنها = لأول مبذول لأول مجتد
ولا زال عني أن شخصاً معرضاً = لنبل العدا إن لم يصب فكأن قد
ولكنني أختار موت بني أبي = على سروات الخيل غير موسد
وآبى وتأبى أن أموت موسداً = بأيدي النصارى موت أكمد أكبد
نضوت على الأيام ثوب جلادتي = ولكنني لم أنض ثوب التجلد
فمن حسن صبربالسلامة واعد = ومن ريب دهر بالردى متوعدي
فمثلك من يدعى لكل عظيمة = ومثلي من يفدي بكل مسود
تشبث بها اكرومة قبل فوتها = وقم في خلاصي صادق العزم واقعد
فإن تفتدوني تفتدوا شرف العلا = وأسرع عواد إليكم معود
يدافع عن اعراضكم بلسانه = ويضرب عنكم بالحسام المهند
متى تخلف الأيام مثلي لكم فتى = طويل نجاد السيف رحب المقلد
ولا وأبي ما ساعدان كساعد = ولا وأبي ما سيدان كسيد
وإنك للمولى الذي بك أقتدي = وإنك للنجم الذي بك أهتدي
وانت الذي بلغتني كل غاية = مشيت إليها فوق أعناق حسدي
فيا ملبسي النعمى التي جل قدرها = لقد أخلقت تلك الثياب فجدد
ألم تر أني فيك صافحت حدها = وفيك شربت الموت غير مصرد
وفيك لقيت الألف زرقاً عيونها = بسبعين فيها كل أشأم أنكد
يقولون جنب عادة ما عرفتها = شديد على الإنسان ما لم يعود
فقلت أما والله ما قال قائل = شهدت له في الخيل ألأم مشهد
ولكن سألقاها فإما منية =هي الظن أو بنيان عز مؤيد
ـ[الأحيمر السعدي]ــــــــ[31 - 12 - 2007, 11:40 م]ـ
وكتب إلى والدته وفد ثقل من الجراح التي به:
مصابي جليل والعزاء جميل = وظني بأن الله سوف يديل
جراح تحاماها الأساة مخافة = وسقمان باد منهما ودخيل
وأسر أقاسيه وليل نجومه = أرى كل شيء غيرهن يزول
تطول بي الساعات وهي قصيرة = وفي كل دهر لا يسرك طول
تناساني الأصحاب إلا عصابة = ستلحق بالاخرى غداً وتحول
وإن الذي يبقى على العهد منهم = وإن كثرت دعواهم لقليل
أقلب طرفي لا أرى غير صاحب =يميل مع النعماء حيث تميل
وصرنا نرى أن المتارك محسن = وان خليلاً لا يضر وصول
تصفحت أحوال الزمان فلم يكن = إلى غير شاك للزمان وصول
أكل خليل أنكد غير منصف = وكل زمان بالكرام بخيل
نعم دعت الدنيا إلى الغدر دعوة = أجاب إليها عالم وجهول
وفارق عمرو بن الزبير شقيقه = وخلى أمير المؤمنين عقيل
فيا حسرتي من لي بخل موافق = أقول بشجوي مرة ويقول
وإن وراء الستر أماً بكاؤها = علي، وإن طال الزمان، طويل
فيا أمتا لا تعدمي الصبر، إنه = إلى الخير والنجح القريب رسول
فيا أمتا لا تحبطي الأجر، إنه = على قدر الصبر الجميل جزيل
تأسي كفاك الله ما تجدينه = فقد غال هذا الناس قبلك غول
لقيت نجوم الأفق وهي صوارم = وخضت سواد الليل وهو خيول
ولم أرع للنفس الكريمة خلة =عشية لم يعطف علي خليل
ولكن لقيت الموت حتى تركته = وفيه وفي حد الحسام فلول
ومن لم يوق الله فهو ممزق= ومن لم يعز الله فهو ذليل
ـ[غير مسجل]ــــــــ[31 - 12 - 2007, 11:42 م]ـ
شكرا لك يا أحيمر
وتذكر كتب الأدب أن الدمستق الرومي أتى أبا فراس وهو في الأسر فقال له:
"إنما أنتم قوم كتاب، لا تعرفون الحرب "
فرد عليه أبو فراس قائلا: " ويحك، نحن نطأ أرضكم منذ ستين عامًا .. بالسيوف؟ أم بالأقلام؟
فأفحمه.
ثم أنشد:
فويلك من للحرب إن لم نكن لها ... ومن ذا الذي يمسي ويضحى لها تربا!
شكرا لك
ـ[الأحيمر السعدي]ــــــــ[01 - 01 - 2008, 08:00 م]ـ
شكراً لك أخت جهاد
هذا الدمستق سبق أن فر في إحدى حروبه مع العرب وترك إبنه تتناوشه الرماح وقال فيه أبو فراس
فدى نفسه بابن عليه كنفسه =وللشدة الصماء تقنى الذخائر
وقد يقطع العضو النفيس لغيره=وتدفع بالأمر الكبير الكبائر
¥