[ليالي الجائعين]
ـ[المازنية]ــــــــ[15 - 01 - 2008, 07:20 م]ـ
قصيدة للشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني
هذي البيوت الجاثمات إزائي=ليل من الحرمان و الإدجاء
من للبيوت الهادمات كأنّها=فوق الحياة مقابر الأحياء
تغفو على حلم الرغيف و لم تجد=إلاّ خيالا منه في الإغفاء
و تضمّ أشباح الجياع كأنّها=سجن يضمّ جوانح السّجناء
و تغيب في الصمت الكئيب كأنّها=كهف وراء الكون و الأضواء
خلف الطبيعة و الحياة كأنّها=شيء وراء طبائع الأشياء
ترنو إلى الأمل المولّي مثلما=يرنو الغريق إلى المغيث النائي
و تلملم الأحلام من صدر الدّجا=سردا كأشباح الدجا السوداء
هذي البيوت النائمات على الطوى=توم العليل على انتفاض الداء
نامت و نام اللّيل فوق سكونها=و تغلّفت بالصمت و الظلماء
و غفت بأحضان السكون و فوقها=جثث الدجا منثورة الأشلاء
و تلملمت تحت الظلام كأنّها=شيخ ينوء بأثقل الأعباء
أصغى إليها اللّيل لم يسمع بها=إلاّ أنين الجوع في الأحشاء
و بكا البنين الجائعين مردّدا=في الأمّهات و مسمع الآباء
ودجت ليالي الجائعين و تحتها=مهج الجياع قتيلة الأهواء
يا ليل، من جيران كوخي؟ من هم=مرعى الشقا و فريسة الأرزاء
الجائعون الصابرون على الطوى=صبر الربا للريح و الأنواء
الآكلون قلوبهم حقدا على=ترف القصور و ثروة البخلاء
الصامتون و في معاني صمتهم=دنيا من الضجّات و الضوضاء
و يلي على جيران كوخي إنّهم=ألعوبة الإفلاس و الإعياء
ويلي لهم من بؤس محياهم و يا=و يلي من الإشفاق بالبؤساء
أنوح للمستضعفين و إنّني=أشقى من الأيتام و الضعفاء
و أحسّهم في سدّ روحي في دمي=في نبض أعصابي و في أعضائي
فكأنّ جيراني جراح تحتسي=ريّ الأسى من أدمعي و دمائي
ناموا على البلوى و أغفي عنهمو=عطف القريب ورحمة الرحماء
ما كان أشقاهم و أشقاني بهم=و أحسّني بشقائهم و شقائي
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[15 - 01 - 2008, 09:23 م]ـ
قصيدة جميله تحرك الرحمة والرأفة في القلوب ....
وما أكثر هذه البيوت في عالمنا العربي ..
ومن مفارقات القدر أن بعضنا في العالم العربي والإسلامي يموت جوعا وآخرون يموتون تخمة ..
ولو نظر المتخوم إلى الجائع نظرة رحمة ما مات من التخمة قبل أن أن يموت أخيه من الجوع.
بارك الله فيك.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[15 - 01 - 2008, 09:31 م]ـ
قصيدة رائعة تثير الشجون كباقي قصائد هذا الشاعر المتألق رحمه الله.
بارك الله فيك أختي على هذا الاختيار الموفق.
ـ[أحاول أن]ــــــــ[15 - 01 - 2008, 10:33 م]ـ
اختيار شجي أيتها المازنية , زاد مساءنا برودة ..
رحم الله البردوني , ورزقنا حسن الإسلام والتراحم ..
رعى الله إحساسك المرهف ..
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[15 - 01 - 2008, 10:43 م]ـ
فلسفة الجراح
متألمٌ، ممّا أنا متألمُ؟ =حار السؤالُ، وأطرق المستفهمُ
ماذا أحس؟ وآه حزني بعضه =يشكو فأعرفه وبعضٌ مبهم
بي ما علمت من الأسى الدامي وبي =من حرقة الأعماق ما لا أعلمُ
بي من جراح الروح ما أدري، وبي = أضعاف ما أدري وما أتوهم
وكأن روحي شعلةٌ مجنونةٌ = تطغى فتضرمني بما تتضرّم
وكأن قلبي في الضلوع جنازةٌ=أمشي بها وحدي وكلي مأتمُ
أبكي فتبتسم الجراح من البكا = فكأنها في كل جارحةٍ فمُ
يا لابتسام الجرح كم أبكي وكم = ينساب فوق شفاهه الحمرا دم
أبداً أسيرُ على الجراح وأنتهي = حيث ابتدأت فأين مني المختم
وأعاركُ الدنيا وأهوى صفوها = لكن كما يهوى الكلامَ الأبكمُ
وأبارك الأم الحياة لأنها = أمي وحظّي من جناها العلقم
حرماني الحرمان إلا أنني = أهذي بعاطفة الحياة وأحلمُ
والمرء إن أشقاه واقع شؤمهِ = بالغبن أسعده الخيال المنعمُ
وحدي أعيش على الهموم ووحدتي = باليأس مفعَمةٌ وجوي مفعمُ
لكنني أهوى الهموم لأنها = فِكرٌ أفسر صمتها وأترجمُ
أهوى الحياة بخيرها وبشرها = وأحب أبناء الحياة وأرحم
وأصوغ (فلسفة الجراح) نشائداً = يشدو بها اللاهي ويُشجى المؤلَمُ
ـ[المازنية]ــــــــ[16 - 01 - 2008, 05:21 م]ـ
شكرا لمروركم الكريم أخي الفاضل بارك الله فيكم