[دع التدخين هكذا يقول الرصافي]
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[17 - 01 - 2008, 08:03 ص]ـ
دع التدخين للشاعر معروف الرصافي
كل ابنِ آدم مقهور بعادات = لهنّ يَنقاد في كل الارادات
قد يَستلِذّ الفتى ما أعتاد من ضرر = حتى يرى في تعاطيه المسرّات
عادات كل امرىءٍ تأبى عليه بأن = تكون حاجاته إلاّ كثيرات
أنّي لفي أسْر حاجاتي ومن عَجبِ = تَعوُّدي ما به تزداد حاجاتي
كل الحياة افتقار لا يفارقها = حتى تنال ِغناها بالمنيّات
لو لم تكن هذه العادات قاهرةُ = لما أسيغت بحالٍ بنت حانات
ولا رأيت ِسكارات يدخّنها = قوم بوقت انفراد واجتماعات
أن الدخان لثانٍ في البلاء إذا = ما عُدّتِ الخمر أولى في البليّات
وربّ بيضاءِ قيدِ الأصبع احترقت = في الكفّ وهي احتراق في الحشاشات
أن مَرّ بين ِشفاه القوم أسودها = ألقي اصفراراً على بيض الثنيّات
وليتها كان هذا حظُّ شاربها = بل قد تفُتّ بكفّيه المرارات
عوائد عمّت الدنيا مصائبُها = وإنما أنا في تلك المصيبات
أن كلّفَتْني السكاري شُربَ خمرتهم = شربت لكن دخاناً من سكاراتي
واخترت أهون شرّ بالدخان وأن = أحرقت ثَوبي منه بالشرارات
وقلت يا قوم تكفيكم مشاركتي = أياكم في التذاذ بالمُضِرّات
أنّي لأمتصَ جمراً ُلفَّ في وَرَق = إذ تشربون لَهيباً ملء كاسات
كلاهما حُمُق يَفتّر عن ضرر = يَسُمّ من دمنا تلك الكُرَيّات
حسبي من الحمق المُعتاد أهونه = أن كان لابد من هذي الحماقات
يا مَن يدخّن مثلي كل آوِنةٍ = لُمْني أَلُمْك ولا تَرض َأعتذاراتي
أن العوائد كالأغلال تَجمعنا = على قُلوب لنا منهنّ أشتات
مقيَّدين بها نمشي على حَذَر = من العيون فنأتي بالمداجاة
قد نُنكِر الفعل لم تألفه عادتنا = وأن علمناه من بعض المُباحات
وربّ شَنعاء من عاداتنا حَسُنت = في زعمنا وهي من أجلَى الشناعات
عناكب الجهل كم ألقت بأدمغة = من الأنام نسيجاً من خرافات
فحرّموا وأحَلّوا حسب عادتهم = وشَوّهوا وَجه أحكام الديانات
حتى تراهم يرون العلم مَنقَصةٌ = عند النساء وأن كنّ العفيفات
لم تُحصِ سيّئةَ العادات مقدرتي = مهما تَفَنّنت منها في عباراتي
فكم لها بِدَع سُود قد أصطَدَمت = في الناس منهنّ آفات بآفات
لو لم يكُ الدهر سوقاً رابح باطلها = ما راجتِ الخمر في سوق التجارات
ولا أستمرّ دخان التَبغ ُمنتشراً = بين الورى وهو مطلوب كأقوات
لو أستطعت جعلت التبغ محتكَراً = فوق أحتكار له أضعافَ مَرّات
وزِدت أضعاف أضعاف ضَريبته = حتى يَبيعوه قيراطاً ببدْرات
فيستريحَ فقير القوم منه ولا = يُبْلى به غير مُثرٍ ذي سفاهات
الحُرّ من خرق العادات مُنْتَهِجاً = نهج الصواب ولو ضدّ الجماعات
ومن إذا خَذَل الناس الحقيقة عن = جهل أقام لها في الناس رايات
ولم يَخَف في أتّباع الحق لائمةً = ولو أتَته بحدّ المَشرَفِيّات
وعامل الناس بالإنصاف مُدَّرعا = ثوب الأخوّة من نسج المساواة
أغبىَ البريّة أرفاهم لعادته = وأعقل الناس خرّاق لعادات
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[17 - 01 - 2008, 12:31 م]ـ
بارك الله فيك أختي الباحثة عن الحقيقة على هذه القصيدة التي تسلط الضوء على عادة من أسوأ العادات الاجتماعية إلا وهي التدخين حيث يذّكرنا الشاعر بأضرار التدخين والآثار السلبية المترتبة عليه.
وليست هذه الأضرار بخافية لا على المدخنين ولا على من عافاهم الله من هذه الآفة، فلماذا لا يقلع المدخن بعد هذا كله عن التدخين الذي يفتك به ويضر بمن حوله؟!
يتذرع البعض بعذر أقبح من ذنب وهو أنه لا يستطيع، وهذا الكلام غير دقيق، وكل ما تحتاجه أخي المدخن هو أن تقهر تلك النفس الأمارة بالسوء وتتخذ القرار الجريء اليوم قبل الغد.
لقد كنت ممن ابتلوا بهذا الداء، فتاب الله علي وعدت إلى عقلي وتركت التدخين ورائي قبل أكثر من عامين، بعد أن دخنت ما يزيد عن عشر سنوات، وكم تمنيت لو أستطيع محو تلك السنوات من تاريخي.
فمني دعوة صادقة خالصة لوجه الله - إن شاء الله - إلى كل مدخن أن يترك التدخين وأن يقهر نفسه متسلحا بإرادة جبارة وعزيمة قوية يلين الحديد ولا تلين.
نصيحة من مجرب فاقبلوها.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[17 - 01 - 2008, 01:09 م]ـ
قصيدة ممتعة في بابها ... طريفة في موضوعها،بوركت أختي الباحثة على هذا النقل اللطيف.
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[17 - 01 - 2008, 01:13 م]ـ
شكرا جزيلا أختي الباحثة الحقيقة على الإنتقاء والنقل المتميز والنصيحة الغالية
حبذا لو جئت بقصيدة عن الأركيلة .....
وبارك الله فيك.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[17 - 01 - 2008, 11:12 م]ـ
شكراً لمروركم العطر إخوتي ليث بن ضرغام ورعد أزرق وأحمد الغنام