تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) ونقد الشعر

ـ[محمد سعد]ــــــــ[16 - 02 - 2008, 01:48 م]ـ

الرسول صلى الله عليه وسلم ونقد الشعر

محمد (:=) حامل لواء هذا الدين، ما موقفه من الشعر؟ وهل للنبي دور في نقد الشعر؟ وهل تعرض لشعر ما بالنقد؟ ما الأسس التي أقام عليها النبي موقفه؟ على الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل الشعر ولم يعلمه الله إياه، إلا أنه، كان يعجب له ويطرب طرب العربي صاحب الذوق السليم؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم عربي، وقد وهبه الله من صفاء الذهن، وسلامة الذوق، والقدرة على تمييز الحسن من القبيح من الكلام - ما فاق العرب جميعاً، وهو ذو بصر بصناعة الكلام، فيعجب الرسول صلى الله عليه وسلم بشعر النابغة الجعدي، ويقول له: "لا يفضُض الله فاك"، وبلغ من استحسانه لقصيدة (بانت سعاد) أن صفح عن كعب وأعطاه بردته، واستمع إلى الخنساء واستزادها مما تقول، وتأثر تأثراً رقيقاً لشعر قُتيلة بنت النضر، وقد تعدى الرسول هذا الدور إلى دعوة الشعراء للمنافحة عن الدعوة وهجاء المشركين.الذين وقفوا في وجه الدعوة الإسلامية، فالشعر سلاح لصاحب الدعوة فقد معارك كلامية بين المسلمين والمشركين بجانب المعركة الحربية، وأن شعراء المسلمين كانوا يقفون في صف واحد أمام شعراء المشركين، كي يردوا عليهم افتراءاتهم وأباطيلهم التي كانوا يرمون بها الإسلام والمسلمين، لذلك لا نعجب إذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم شعراء المسلمين من أمثال حسان بن ثابت وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة - إلى الدفاع عن الإسلام، وإلى الدعوة إليه، ومما يدل على ذلك ما روي أنه: لما كان عام الأحزاب، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً، قال الرسول:=: "من يحمي أعراض المسلمين؟ " فقال كعب بن مالك: أنا يا رسول الله! وقال عبد الله بن رواحة: أنا يا رسول الله! وقال حسان: أنا يا رسول الله! فقال عليه الصلاة والسلام: "نعم اهجهم أنا (يعني حساناً) فإنه سيعينك روح القدس".وروي أيضا أن رسول الله:= قال: "أمرت عبد الله بن رواحة، فقال وأحسن وأمرت كعب بن مالك فقال وأحسن، وأمرت حسان بن ثابت فشفى واشتفى" ولا عجب إذا رأينا رسول الله:=يستحسن الشعر، ويستنشده أصحابه ويمدح به، ويثيب عليه، بل ينقده ويصلح منه.

المقاييس النقدية عند الرسول ينبغي أن نلاحظ أن الرسول الكريم قد جاء بدين قويم يدعو إلى الفضائل، وينهى عن الرذائل، ويدعو - قبل ذلك وبعده - إلى عبادة إله واحد لا شريك له، وإذا لاحظنا ذلك علمنا أن المقاييس النقدية التي كان على أساسها يحكم الرسول على الشعر ويبني نقده وتوجيهه له - هي المقاييس والأسس الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم، من التسامح والتواضع والعدل والإحسان والخلق الحسن، وهي الأسس والمقاييس العربية التي أقرها الإسلام، كالكلام والشجاعة والنجدة وحفظ الجوار، وهذه الأسس هي أسس تتصل بالمعاني التي يجب يدور حولها الشعر، وإذا كان الرسول الكريم قد اتخذ من المعاني الإسلامية والتوجيهات الخلقية لهذا الدين مقياساً وأساساً ينقد الشعر على أساسه، ويصلح منه - فإنه:= قد اتخذ من القرآن الكريم - أيضاً – أسلوباً ولفظا ونظماً أساساً له ومنهاجاً؛ لما امتاز به من سماحة في القول، وسلامة في التعبير، وطبعية في الأسلوب، وبعد عن التكلف والغلو. ولا نعجب إذا رأينا شعراء المسلمين يتمثلون القرآن الكريم في شعرهم - على اختلاف فنونه وأغراضه - يتمثلونه معنى وموضوعاً، وأسلوباً ونظماً، فيبنون فخرهم ومدحهم وهجاءهم .. على أسس من المبادئ الإسلامية، والقيم الأخلاقية الرفيعة التي استحدثها الدين الإسلامي، في هذا المجتمع الجديد، وعلى دعامة من الفضائل العربية التي أقرها الإسلام، كما كانوا يتخذون من بلاغة القرآن وسحر بيانه أساساً لنظمهم ودعامة لبيانهم ...

وجملة القول أن هناك أساسين أو مقياسين كان على أساسهما يحكم الرسول على الشعر وينقده، هذان الأساسان أو المقياسان هما:

(أ) المقياس الديني الإسلامي

(ب) والمقياس البياني.

1 - المقياس الديني الإسلامي:

حينما نستعرض نقدات الرسول الكريم التي وجهها إلى الشعر والشعراء، نلاحظ أن الجوانب الدينية والمعاني الإسلامية كانت المحور الأساسي، لنقد الرسول الكريم، ولعلنا نستطيع أن نرى هذا المقياس بوضوح في النقدات الآتية:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير