تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حتى تكون كاتباً روائياً

ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[09 - 01 - 2008, 09:48 م]ـ

حتى تكون كاتباً روائياً

لكل فنان زمان، ولكل فارس ميدان، فمن الذكاء، والكياسة والدهاء، أن يكون إبداعك، فيما فيه إسعادك، فتصرف همتك، وتتوافق موهبتك، مع متطلبات سوق الأدب، فتهون على نفسك التعب، حتى تكون فارس الميدان، وفنان الزمان، فيكثر الأتباع، ويتجمهر حولك الأشياع، فتصير رمزاً وطنياً، ونبيلاً غنياً، وربما تحولت إلى ثروة قومية، وشخصية كارزمية.

وكل هذا لن يكون، حتى تختار فن الفنون، وثقافة القرون، الفن الذي اكتسح العصر، وفاق النثر والشعر، فسلب الألباب، وأشغل الكتاب، فصار الفن المقدّم، على كل ما تقدّم، ألا وهو فن الرواية ـ جُنبت الزيغ والغواية ـ فهي الفن الذي اخترق الثقافات، وهدد هزيل الديانات، فقراءة الروايات، صارت أهم الهوايات، فما أن تُكتب في الشرق رواية، حتى ينشر لها في الغرب ألف دعاية ودعاية، فقد تخطت حواجز الثقافات، وعوائق الألسن واللغات، وما رواية "هاري بوتر" عنا ببعيد، فقد تقاتل الناس على جزئها الجديد، أما رباعية "دان براون" الشهيرة ـ وأخص " الشيفرة " المثيرة ـ، فهي أكبر دليل، وأصدق من أي تحليل، على أنها الأدب المرغوب، لكل الشعوب.

أما عالمنا العربي، شرقه والغربي، فقد تأثر بالموجة السابقة، فدور النشر على الترجمة متسابقة، والكتاب الأذكياء، نافسوا الغربيين بغباء، فأخذوا ينشرون فضائحهم، وسيء قبائحهم، بروايات هزيلة، وأفكار مهجنة عليلة، ساهمت بكساد سوقهم، سود الرب وجوههم.

وحتى لا تتكرر الأخطاء، وتصاب بنفس الداء، أقدم إليك هذه التوجيهات، والنصائح المليحات، لتنافس " إليكس هالي "، فتدعو لي ولآلي، وربما تفوقت على " تولستوي"، فتكون روائياً قوي، وعليك بفهم كل حرف وظلاله، فلكل كلام مآله، ولكل مقام مقاله.

1. إياك أن تكتب عن ماضيك، فتشمت الناس فيك، فمعارفك أحياء، وكذلك الشهود والأعداء، فيكذبون بطولاتك، ويسخرون من كذباتك، ولكن عليك بروايات عديمة الزمان، مجهولة المكان، فكثير من الكتاب، أصحابنا الأحباب، يكتب مغامراته المخزية، وأيامه المزرية، ولا ينوي نسبتها إليه، فيكتب ـ بصراحة ـ بكلتا يديه، وعندما تنتشر، ويعرف اسمه ويشتهر، ينسبها إلى مذكراته، وينسى أنه ضمنها مخازيه وهفواته.

2. عليك بإثارة الغرائز، فكل ما تعلق بالجنس فائز، وما ومذكرات شادية العسكر، إلا دليل على أن الجنس يسكر، فكسبت شهرة كبيرة، مع أنها لأدنى مواصفات الأدب فقيرة، تحدثت عن طقاقة، في عصور الفقر والفاقة، وقعت في حب لبناني، زين لها الأماني، في قصة مجون وجنون، وكذب على اللحى والذقون.

3. لا تنسى ........ أن ما تكتب لن ينسى، فسيقرأه أبناؤك وبناتك، فكن دوماً أنت البطل الفاتك، واكتب عن فضائح العوائل، معتدلها والمائل، رفيعها والسافل، وعن كثرة الفساد، وأن العهر بازدياد، حتى تكثّر أمثالك، فلا تعير لوحدك لا أبالك.

4. عليك بالسفر والترحال، وتلقيط الروايات ولو من الصومال، وعليك بالبلاد البعيدة، واللغات الغريبة، فترجم تلك الروايات، واقتبس منها بالمئات، فهذا صنيع الشلة، ورفاق الدرب والخلة.

5. واجعل على غلافها خربشات فنان، وغموض في العنوان، وإن ظفرت بتقديم لأحد " سرابيت " الشيبان، وتقريظٍ لذي فكر حيران، فقد حلت عليك الشهرة من كل مكان، وضمنت المعجبات الحسان، وقراءات نقدية لسرديتك بالمجان، وربما كتبت عنها في الجامعات الرسائل، لما حوت من جزيل الفكر وعظيم المسائل.

6. وإذا لمزت أصحاب الفكر الإسلامي، وذكرت خطرهم المتنامي، فأبشر بالسعد، ورفاهية العيش والرغد، فسيشتريها الأعداء، أكثر من الأصدقاء، وربما وزعوها بالمجان، وطبعت منها نسخ خيرية للفتيان، ليحذروا منها الشباب، والمستفيد مؤلف الكتاب، أما إن ضمنتها شباب الصحوة، فلك عند الأسياد الحظوة، وإذا لمحت أنك منهم يوماً، وتركتهم مهموماً، فهذه الشهر قد أتتك، وعلى جبينك قبلتك.

7. أما إن ذكرت السياسة، وأخبارها المحتاسة، فقد جننت، وفي رواية سجنت، فإياك القرب منها، فلا أضر على الأديب " العاقل " منها، فكم من عزيز أذلوه، ومن حر قيدوه، فعليك بما يحبون ويألفون، وإن كان من سالف القرون.

8. عليك بكثرة مشاهدة المسلسلات، والأفلام السينمائيات، فكثير منها كان رواية منسية، وقصة رومانسية، فما عليك إلا إعادة كتابتها بما يوافق الزمان، وتغير أسماء الأبطال والأعيان، فهذه وصفة سرية، ومهنة خفية، لا يتقنها إلا القليل، ومن أصحاب الفكر العميل.

9. أما الروايات الإسلامية، فلها بالسوق أهمية، وإن تركت على حالها، زاد انتشارها، وكتابها المعاصرون، في كل وسيلة يكتبون، حتى سطعت أسماؤهم، وكثر قراؤهم، فهم الخطر القادم، فلا تلوموا عندها أي لائم، فمالك الرحبي، ذلك الحر الأبي، تابعه الناس، وحبست عند متابعته الأنفاس، حتى لقي ربه، متعه الله بقربه.

فهذه الوصايا تخدم كل فنان، ليكون أديب الزمان، ومتنبي الأوان، فهي من كاتب ناصح، مترفع عن القبائح، وإياكم أن تتسرب، إلى العدو وتهرب، فيحصل ما لا تمد عقباه، حينها يبلغ الندم منتهاه.

http://kaaatib.maktoobblog.com/63687...7%C6%ED%C7%F0/


منقول
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير