هل البحتريُّ جبان؟
ـ[محمد سعد]ــــــــ[19 - 01 - 2008, 02:31 م]ـ
لقد اعترف مؤرخو البحتري بمقدرته على الوصف وقالوا: إنه أجود أنواع شعره، ,وقد عرفوا له مكانته في هذا الفن، فله القدرة على تصوير ما يرى تصويراً ينقل إليك الصورة كاملة، وهو يمزج المحسوسات بالوصف الخيالي، ويستلهمه في تصوير الأحوال غير المنظورة فيضيف إليها من خياله ما يتمم نقصانه، ويبرزه في أكمل صورة،، ولكن الوصف عنده يبلغ أحياناً مبلغ الخيال الذي يقترب من مخالفة الحقيقة، ومجانبة الواقع، وتبرز هنا قصيدته التي عنوت بـ (معركة مع ذئب).
وتورد بعض مصادر حياته أنه كان جباناً، والجبن صنو البخل. ففي هذه القصيدة يصف فيها البحتري ذئباً لقيه في رحلة كان يقوم بها ليلاً –ولا ريب في أن السير ليلاً يتطلب جرأة وشجاعة- ويصور معركة دارت بينهما، وانتهت بسقوط الذئب قتيلاً وشواء البحتري له، واتخاذ بعض لحمه طعاماً، ترسم ريشة البحتري للذئب صورة مخيفة مرعبة، فذنبه طويل كالحبل يجرّه خلفه، وظهره اعتراه الاعوجاج فبدا كالقوس الأعوج، حيث يقول:
كلانا بها ذئب يحدث نفسه = بصاحبه والجد يتعسه الجد
عوى ثم أقعى وارتجزت فهجته = فأقبل مثل البرق يتبعه الرعد
فأوجرته خرقاء تحسب ريشها = على كوكب ينقض والليل مسود
فما ازداد إلا جرأة وصرامة = وأيقنت أن الأمر منه هو الجد
فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها = بحيث يكون اللب والرعب والحقد
فخر وقد أوردته منهل الردى = على ظمإ لو أنه عذب الورد
وقمت فجمعت الحصى واشتويته = عليه وللرمضاء من تحته وقد
ونلت خسيسا منه ثم تركته = وأقلعت عنه وهو منعفر فر
ـ[أبوعمار الأزهري]ــــــــ[19 - 01 - 2008, 04:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومما يؤيد ماذهب إليه المؤرخون من براعة البحتري في الوصف ماصوَّره البحتري نفسه في المشهد الذي رآه وهو مقتل الخليفة المتوكل على يد غلمانه الأتراك وقد كتب البحتري في ذلك قصيدة من أروع القصائد وكما قلت لكم أنه رأى المشهد بعينيه:
محل على القاطول أخلق داثره ... وعادت صروف الدهر جيشًا تغاورهْ
تخفى له مغتاله تحت غِرَّةٍ ... وأولى لمن يغتاله لو يجاهره
صريع تقاضاهُ السيوفُ حشاشةً ... يجود بها والموتُ حمرٌ أظافره
ولو كان سيفي ساعة القتل في يدي ... درى القاتل العجلان كيف أساوِره
إلى أخر ما قال من قصيدة ماتعة.