[ألا قل لصنهاجة أجمعين للألبيري]
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[13 - 01 - 2008, 09:28 م]ـ
من وصايا أبو إسحاق الالبيري .. (هو إبراهيم بن مسعود بن سعيد التجيبي الغرناطي الألبيري، أبو إسحاق، كان عربي الأصل كما يدل عليه لقبه (التجيبي)) رحمة الله عليه .. وغفر الله لنا وله .. وادخلنا جميعاً فسيح جناته. يا ليتها تطبق هذه الايام ..
سكن غرناطة أيام أميرها باديس بن حبوس .. وكان لباديس وزير يهودي اسمه إسماعيل بن (النغدلة) أو (النغرلة)، ولما توفي خلفه في الوزارة ابن له يسمى يوسف، فزاد استبداده بأمور. الدولة، وكان لباديس ابن اسمه (بلقين) رشحه أبوه للإمارة من بعده، وقد ضاق (بلقين) باستبداد يوسف بن إسماعيل (صموئيل) فجعل يحض أباه على الاستغناء عنه، وعلم يوسف بالأمر فدبر اغتيال (بلقين). ولما انكشف أمر الاغتيال زعم يوسف أن نفرا من خدمه وجواريه فعلوا ذلك، فقام باديس بقتل نفر كبير منهم. وكان أبو إسحاق الألبيري ممن يحض باديس وبني صنهاجة، قوم باديس، وأهل غرناطة كلهم، على الفتك باليهود، واستطاع يوسف أن يحمل الأمير باديس على إخراج أبي إسحاق من غرناطة فأمر بنفيه وإخراجه منها، فذهب أبو إسحاق إلى (البيرة) وعاش فيها على إحدى التلال عيشة الزاهد المتصوف، وهناك نظم قصيدة في الحض على الفتك باليهود، وفيها سرد جميع التهم الموجهة إليهم وذكر جميع الصور التي كان استبدادهم بالمسلمين يجري فيها. وقد أثرت هذه القصيدة في أهل غرناطة فثاروا على اليهود وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وكان ذلك سنة 459 هـ وبعدها بقليل توفي أبو إسحاق. كان أبو إسحاق فقيها ومحدثا بارعا في الحديث، كذلك كان شاعرا وجدانيا محسنا، وأكثر شعره في الزهد والتصوف والحكم، على أن شهرته قائمة على قصيدته في التحريض على الفتك باليهود، وهي قصيدة سهلة التركيب واضحة المعاني، مملوءة بالصور المثيرة للنخوة والإباء وفيها يقول
[ألا قل لصنهاجة أجمعين = بدور الندي وأسد العرين
لقد زل سيدكم زلة = تقر بها أعين الشامتين
تخير كاتبه كافرا = ولو شاء كان من المسلمين
فعز اليهود به وانتخوا = وتاهوا وكانوا من الأرذلين
ونالوا مناهم وجازوا المدى = فحان الهلاك وما يشعرون
فكم مسلم فاضل قانت = لأرذل قرد من المشركين
وما كان ذلك من سعيهم = ولكن منا يقوم المعين
فهلا اقتدى فيهم بالألى = من القادة الخيرة المتقين
وأنزلهم حيث يستاهلون = وردهم أسفل السافلين
وطافوا لدينا بأخراجهم = عليهم صغار وذل وهون
وقموا المزابل عن خرقة = ملونة لدثار الدفين
ولم يستخفوا بأعلامنا = ولم يستطيلوا على الصالحين
ولا جالسوهم وهم هجنة = ولا واكبوهم مع الأقربين
أباديس أنت امرؤ حاذق = تصيب بظنك نفس اليقين
فكيف اختفت عنك أعيانهم = وفي الأرض تضرب منها القرون
وكيف تحب فراخ الزنا = وهم بغضوك إلى العالمين
وكيف يتم لك المرتقى = إذا كنت تبني وهم يهدمون
وكيف استنمت إلى فاسق = وقارنته وهو بيس القرين
وقد أنزل الله في وحيه = يحذر عن صحبة الفاسقين
فلا تتخذ منهم خادما = وذرهم إلى لعنة اللاعنين
فقد ضجت الأرض من فسقهم = وكادت تميد بنا اجمعين
تأمل بعينيك أقطارها = تجدهم كلابا بها خاسئين
وكيف انفردت بتقريبهم = وهم في البلاد من المبعدين
على أنك الملك المرتضى = سليل الملوك من الماجدين
وأن لك البق بين الورى = كما أنت من جلة السابقين
وإني احتللت بغرناطة = فكنت أراهم بها عابثين
وقد قسموها وأعمالها = فمنهم بكل مكان لعين
وهم يقبضون جباياتها = وهم يخضمون وهم يقضمون
وهم يلبسون رفيع الكسا = وأنتم لأوضعها لابسون
وهم أمناكم على سركم = وكيف يكون خؤون أمين
ويأكل غيرهم درهما = فيقصى ويدنون إذ يأكلون
وقد ناهضوكم إلى ربكم = فما تمنعون ولا تنكرون
وقد لابسوكم بأسحارهم = فما تسمعون ولا تبصرون
وهم يذبحون بأسواقها = وأنتم لأطرافها آكلون
ورخم قردهم داره = وأجرى إليها نمير العيون
فصارت حوائجنا عنده = ونحن على بابه قائمون
ويضحك منا ومن ديننا = فإنا إلى ربنا راجعون
ولو قلت في ماله إنه = كمالك كنت من الصادقين
فبادر إلى ذبحه قربة = وضح به فهو كبش سمين
ولا ترفع الضغط عن رهطه = فقد كنزوا كل علق ثمين
وفرق عراهم وخذ مالهم = فانت أحق بما يجمعون
ولا تحسبن قتلهم غدرة = بل الغدر في تركهم يعبثون
وقد نكثوا عهدنا عندهم = فكيف تلام على الناكثين
وكيف تكون لهم ذمة = ونحن خمول وهم ظاهرون
ونحن الأذلة من بينهم = كأنا أسأنا وهم محسنون
فلا ترض فينا بأفعالهم = فأنت رهين بما يفعلون
وراقب إلهك في حزبه = فحرب الإله هم الغالبون