ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[09 - 01 - 2008, 11:20 م]ـ
أخي الكريم انس ..
للأسف لا أوافقك الرأي في ان أقوم بسرقة اعمال الآخرين ووضعها بأسمي كما وردت في موضوعك، فالموضوع المتميز يكون من الضمير، وإن صاحبته بعض الهفوات،
إياك أن تكتب عن ماضيك، فتشمت الناس فيك، فمعارفك أحياء، وكذلك الشهود والأعداء، فيكذبون بطولاتك، ويسخرون من كذباتك، ولكن عليك بروايات عديمة الزمان، مجهولة المكان، فكثير من الكتاب، أصحابنا الأحباب، يكتب مغامراته المخزية، وأيامه المزرية، ولا ينوي نسبتها إليه، فيكتب ـ بصراحة ـ بكلتا يديه، وعندما تنتشر، ويعرف اسمه ويشتهر، ينسبها إلى مذكراته، وينسى أنه ضمنها مخازيه وهفواته.
إذا كان الماضي مشرّف ومشرق ما ضير من كتابته مع تغير الأسماء ووضع الألقاب .. وتغير الزمان والمكان؟!
ولكن أرى بأنك إن أردت أن تصبح أديبا أو كاتبا وروائيا عليك أن تسلب الناس عقولهم باختيارك الفاظاً تأنسها الأنفس .. وتلذ بها حتى الأعين لتناسقها .. وتستمتع بها الأذهان.
وقولك:
وما رواية "هاري بوتر" عنا ببعيد، فقد تقاتل الناس على جزئها الجديد، أما رباعية "دان براون" الشهيرة ـ وأخص " الشيفرة " المثيرة ـ، فهي أكبر دليل، وأصدق من أي تحليل، على أنها الأدب المرغوب، لكل الشعوب.
ومن هو هاري بوتر أو دان براون وحتى الشيفرة .. أمام شيخنا أبوعثمان الجاحظ .. إن أردت أن تذكر الكتاب عليك بمخرة العرب بالشعر والنثر .. فهذا ابوالعلاء المعري يراسل ابن القارح في كتابه رسالة الغفران .. برسائل ما أجودها من رسائل وبكلمات ما أبلغها من كلمات .. لله دره! وهذا الجاحظ يتفنن في كتاباته ... وإن أردت من المعاصرين إقرأ لمصطفى لطفي المنفلوطي صاحب رواية "ماجدولين" و "الشاعر" والنظريات وغيرها ... ولا أنس قط الرافعي وما جادت به يمينه في رسائله المسماة برسائل الأحزان ورسائل الورد وما ورد فيها مما يسلب اللب ويجعلك تحس وكأنك في جنة من جنان الفردوس الأعلى، وقولك:
عليك بإثارة الغرائز، فكل ما تعلق بالجنس فائز، وما ومذكرات شادية العسكر، إلا دليل على أن الجنس يسكر، فكسبت شهرة كبيرة، مع أنها لأدنى مواصفات الأدب فقيرة، تحدثت عن طقاقة، في عصور الفقر والفاقة، وقعت في حب لبناني، زين لها الأماني، في قصة مجون وجنون، وكذب على اللحى والذقون.
وإن كان ما تقوله صحيح بأن كل ما تعلق بالجنس فائز، هل يصح أن أكتب رواية تعتمد إعتمادً كليا على الغرائز الجنسية .. أنا أرى " وأعوذ بالله من الأنا " بأن الروية أو أيا كان مسماه يجب أن يتسم بالفضيله و رقي الأخلاق قال علي الصلاة والسلام:"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "، أنا لا أقول ان لا تذكر الغرائز، إذكر إذا أردت .. ولكن لا تجعلها من شروط الكتابة كما قلت " حتى تكون كاتبا وروائيا "
إذا أردت أن تدخل في قلوب الناس يمكنك أن تشغفهم بالحب العذري وتذكر الفضيلة والسمو كما ذكرت قبل قليل.
وإن كان كما تقول بأن الشهرة تأتي عند ذكر الغرائز الجنسية، فعلى الكاتب أن يملك رأيه، ويبرز شخصيته لا يكون كما تريده الشهرة، بل كما هو يريد. وعليك أن تعلم بأن الرأي السديد والشخصية البارزة لا تأتي من فراغ بل من ماض مثمر، قد كد فيه، وسهر حتى سَهُدت عيناه من القراءة، وزاحم العلماء بركبتيه، ليستخلص ويستشف رأيه.
وقولك:
عليك بالسفر والترحال، وتلقيط الروايات ولو من الصومال، وعليك بالبلاد البعيدة، واللغات الغريبة، فترجم تلك الروايات، واقتبس منها بالمئات، فهذا صنيع الشلة، ورفاق الدرب والخلة.
عليك بالسفر .. نعم عليك بالسفر فهذه صفة حميدة كقول الامام علي بن ابي طالب والشافعي:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا = وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة = وعلم وآداب وصحبة ماجد
وبالنسبة لقولك اقتبس منها بالمئات، لو قلت إسرق منها كنت أبلغ:)
نعم قم بالاقتباس ولكن ليس بالمئات، فقطف من كل حديقة زهرة، ومن كل باقة وردة.
وقولك:
¥