تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا عبرة الدنيا كفانا ما مضى=من شأن أندلس مدى لبكاء

ما كان ذنب العرب ما فعلوا بها=حتى جلوا عنها أمر جلاء

خرجوا وهم خرس الخطى أكبادهم=حرى على غرناطة الغناء

الفلك وهي العرش أمس لمجدهم=حملت جنازته على الدأماء

أوجزت حين بلغت ذكرى غبهم=إيجاز لا عي ولا إعياء

و بعض السكوت يفوق كل بلاغة=في أنفس الفهمين والأرباء

و من التناهي في الفصاحة تركها=والوقت وقت الخطبة الخرساء

ـ[محمد سعد]ــــــــ[16 - 07 - 2008, 04:52 م]ـ

بلنسية

في شرق الأندلس، بينها وبين قرطبة على طريق بجانة ستة عشر يوماً، وعلى الجادة ثلاثة عشر يوماً.

وهي مدينة سهلية، وقاعدة من قواعد الأندلس، في مستوٍ من الأرض، عامرة القطر، كثيرة التجارات، وبها أسواق وحط وإقلاع، وبينها وبين البحر ثلاثة أميال. وهي على نهرٍ جارٍ ينتفع به، ويسقى المزارع، ولها عليه بساتين، وجنات، وعمارات متصلة.

والسفن تدخل نهرها، وسورها مبنى بالحجر والطوابى، ولها أربعة أبواب، وهي من أمصار الأندلس الموصوفة، وحواضرها المقدمة، ولأهلها حسن زيٍ، وكرم طباع، والغالب عليهم طيب النفوس، والميل إلى الراحات، وهي في أكثر الأمور راخية الأسعار، كثيرة الفواكه والثمار، جامعة لخيرات البر والبحر، ولها أقاليم كثيرة، وهي في الجزء الرابع من قسمة قسطنطين

وقد رثى الشعراء بلنسية وبكوها كما لو أنها إنسان نرموق فجع الناس بفقده، وهذا ابن خفاجة شاعر بلنسية الرقيق الذي غنَّى للطبيعة فيها طويلا، لم يطق أن يرى مدينته الجميلة وقد أصبحت خرابا على يد جيوش الفرنجة الذين قتلوا أهلها وأحرقوا دورها فرثاها فقصيدة دامعة فقال:

عاثت بساحتك الظبى يادار =ومحا محاسنك البلى والنار

فإذا تردد في جنابك ناظر =طال اعتبار فيك واستعبار

أرض تقاذفت النوى بقطينها =وتمخضت بخرابها الأقدار

كتبت يد الحدثان في عرصاتها=لا أنت أنت ولا الديار ديار

وقال الأستاذ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن خلصة البلنسى:

وروضة زرتها للانس مبتغياً =فأوحشتنى لذكرى سادةٍ هلكوا

تغيرت بعدهم خرباً وحق لها =مكان نوارها أن ينبت الحسك

لو أنها نطقت قالت لفقدهم =بأن الخليط ولم يرثوا لمن تركوا

ـ[فائق الغندور]ــــــــ[16 - 07 - 2008, 11:59 م]ـ

و لله در الإمام العلامة خاتمة أدباء الأندلس، أبي الطيب صالح أبن شريف الزندي رحمه الله إذ قال بلاد الأندلس، ويبعث العزائم ويحركها من أهل الإسلام لنصرة الدين، وإنقياد البلاد من يد الكافرين، ولسان الحال ينشده "لقد أسمعت لو ناديت حياً".لكل شيء

إذا ما تم نقصان = فلا يغر بطيب العيش إنسان

هي الأمور كما شهدتاها دول = من سرة زمن ساءته أزمان

و هذه الدار لا تبقى إلى =و لا يدوم على حالٍ لها شان

يمزق الدهر حتما كل سابغة = إذا نبت مشرفيات وخرصان

و ينتضى كل سيف للفناء ولو = كان أبن ذي يزن والغمدان غمدان

أين الملوك ذوو التيجان من يمن = و أين منهم أكاليل وتيجان

و أين ما شداه شداد في إرم = و أين ما ساسه في الفرس ساسان

و أين ما حازه قارون من ذهبٍ = و أين عاد وشداد وقحطان

أتى على الكل أمر لا مرد له = حتى قضوا فكان القوم ما كانوا

و صار ما كان من ملك ومن ملك = كما يحكى عن خيال الطيف وسنان

دار الزمان على داراً وقاتله = و أم كسرى فما آواه إيوان

كأنما الصعب لم يسهل له سبب = يوما ولا ملك الدنيا سليمان

فجائع الدهر أنواع =وللزمان مسران وأحزان

و للحوادث سلوان يهونها = و ما لمّا حل بالإسلام سلوان

دهى الجزيرة أمر لا عزاء له = هوى له أحد وانهد ثهلان

أصابها العين في الإسلام فارتزئت = حتى خلت منه أقطار وبلدان

فاسأل بلنسية ما شأن مرسيةٍ = و أين شاطبة أم أين جيان

و أين قرطبة دار العلوم فكم = كم عالم قد سما فيه له شأن

و أين حمص وما تحويه من نزهٍ = و نهرها العذب فياض وملآن

قواعد كن أركان البلاد فما = عسى البقاء لم تبق أركان

تبكي الحيفة البيضاء من أسفٍ = كما بكى لفراق الإلف هيمان

على ديار من الإسلام خاليةٍ = قد أسلمت ولها بالكفر عمران

حيث المساجد قد صارت كنائس ما = فيهن إلاّ نواقيس وصلبان

حتى المحاريب تبكي وهي جامدة = حتى المنابر ترثى وهي عيدان

يا غفلان وله في الدهر موعظة = إنَّ كنت في سنة فالدهر يقظان

و ماشياً مرحا يلهيه موطنه = أبعد حمص تغر المرء أوطان

تلك المصيبة أنست ما تقدمها = و ما لها مع طول الهر نسيانُ

يا أيّها الملك البيضاء رايته = أدرك بسيفك أهل الكفر لا كانوا

يا راكبين عتاق الخيل ضامرة = كأنها في مجال السبق عقبانُ

و حاملين سيوف الهند مرهفةً = كأنها في ظلام النقع نيرانُ

و راتعين وراء البحر في دعةٍ = لهم بأوطانهم عزٌ وسلطانُ

أ عندكم نبأ من أهل أندلس = فقد سرى بحديث القوم ركبانُ

كم يستغيث بنو المستضعفين وهم = أسرى وقتلى فما يعتز إنسانُ

ماذا التقاطع في الإسلام بينكم = و انتم يا عباد الله إخوانُ

ألا نفوس أبيات لها همم = أما على الخير أنصارٌ وأعوانُ

يا من لذة قوم بعد عزهم = أحال حالهم كفر وطغيانُ

بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم = و اليوم هم في بلاد الكفر عبدانُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير