لو أطلق الكونُ الفسيحُ لسانه = لسرتْ إليك بمدحه الأشعار
لو قيل: مَنْ خيرُ العبادِ، لردَّدتْ = أصواتُ مَنْ سمعوا: هو المختارُ
لِمَ لا تكون؟ وأنتَ أفضلُ مرسلٍ = وأعزُّ من رسموا الطريق وساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُها = آفاقَنا، مهما أُثيرَ غبار
ما أنت إلا أحمد المحمود فى = كل الأمور، بذاك يشهد غار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلما = شهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير من= قاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ
سقطت مكانة شاتم، وجزاؤه= إن لم يتب مما جناه النار
لكأنني بخطاه تأكل بعضها = وهناً، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر = بل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد، فلا يدٌ = وصلت إليك، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من به = وبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاك ربك همة ومكانة= فلك السمو وللحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول كافر= ملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل أمةٍ = يشكو اندحار غثائها المليار
وقفت على باب الخضوع، أمامها = وهن القلوب، وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارها = من قبل أن يتحرك الاعصار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا = جيش الرذيلة والهوى جرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولم يزل = متخبِّطاً فى موجه البحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى = ومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت نذيرهم = نعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوا = فأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقى = بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهم)؟ = يُصغي الرُّعاةُ وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم = حتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري مثلما = يجري (صديدٌ) فى القلوب،و (قََارُ)
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد جرى = بك في طريق الموبقاتِ قطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْ = فلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول، وللدموع حكايةٌ = عن مثلها تتحدَّث الأمطار
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّنا = أسمى، وأنَّ الشانئينَ صِغَارُ
لكنه ألم المحب يزيده = شرفاً، وفيه لمن يُحب فخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهم = ويذوق طعمَ الرَّاحَةِ الأغْيارُ
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[02 - 02 - 2008, 08:20 م]ـ
ومن روائع الأشعار في مدح حبيب الله صلى الله عليه وسلم ما قاله رائد المدائح النبوية البويصر في قوله.
بِمَدْحِ المصطفى تَحيا القلوبُ ... وتُغْتَفَرُ الخطايا والذُّنُوبُ
وأرجو أن أعيشَ بهِ سعيداً ... وَألقاهُ وَليس عَلَيّ حُوبُ
نبي كامل الأوصافِ تمت ... محاسنه فقيل له الحبيبُ
يُفَرِّجُ ذِكْرُهُ الكُرُباتِ عنا ... إذا نَزَلَتْ بساحَتِنا الكُروبُ
مدائحُه تَزِيدُ القَلْبَ شَوْقاً ... إليه كأنها حَلْيٌ وَطيبُ
وأذكرهُ وليلُ الخطبِ داجٍ ... عَلَيَّ فَتَنْجلِي عني الخُطوبُ
وَصَفْتُ شمائلاً منه حِسانا ... فما أدري أمدحٌ أمْ نسيبُ
وَمَنْ لي أنْ أرى منه محَيًّاً ... يُسَرُّ بحسنِهِ القلْبُ الكئِيبُ
كأنَّ حديثَه زَهْرٌ نَضِيرٌ ... وحاملَ زهرهِ غصنٌ رطيبُ
ولي طرفٌ لمرآهُ مشوقٌ ... وَلِي قلب لِذِكْراهُ طَروبُ
تبوأ قاب قوسين اختصاصاً ... ولا واشٍ هناك ولا رقيبُ
مناصبهُ السنيّة ليس فيها ... لإنسانٍ وَلاَ مَلَكٍ نَصِيبُ
رَحِيبُ الصَّدْرِ ضاقَ الكَوْنُ عما ... تَضَمَّنَ ذلك الصَّدْرُ الرحيبُ
يجدد في قعودٍ أو قيامٍ ... له شوقي المدرس والخطيبُ
على قدرٍ يمد الناس علماً ... كما يُعْطِيك أدْوِيَة ً طبيبُ
وَتَسْتَهْدِي القلوبُ النُّورَ منه ... كما استهدى من البحر القليبُ
بدت للناس منه شموسُ علمٍ ... طَوالِعَ ما تَزُولُ وَلا تَغِيبُ
وألهمنا به التقوى فشقتْ ... لنا عمَّا أكَنَّتْهُ الغُيُوبُ
خلائِقُهُ مَوَاهِبُ دُونَ كَسْبٍ ... وشَتَّانَ المَوَاهِبُ والكُسُوبُ
مهذبة ٌ بنور الله ليست ... كأخلاق يهذبها اللبيبُ
وَآدابُ النُّبُوَّة ِ مُعجزاتٌ ... فكيف يَنالُها الرجُلُ الأديبُ
أَبْيَنَ مِنَ الطِّباعِ دَماً وَفَرْثاً ... وجاءت مثلَ ما جاء الحليبُ
سَمِعْنا الوَحْيَ مِنْ فِيه صريحا ... كغادية عزاليها تصوبُ
فلا قَوْلٌ وَلا عَمَلٌ لَدَيْها ... بفاحِشَة ٍ وَلا بِهَوى ً مَشُوبُ
وَبالأهواءُ تَخْتَلِفُ المساعي ... وتَفْتَرِق المذاهب وَالشُّعوبُ
¥