أخانا المبارك (رسالة الغفران) ـ غفر الله له ـ أستميحك عذرا في أن أقف وقفة عجلى مع القصيدة وقصتها ولعلي ألخصها في خمس نقاط:
الأولى: لسنا ضد مدح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدح الملتزم بضوابط الشريعة كيف وقد مدحه أصدق القائلين فقال (وإنك لعلى خلق عظيم) ولا ينكر شمائل المصطفى وفضائله إلا جاهل أو مكابر
قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم
الثانية: الحب الحقيقي للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو في امتثال ما جاء به وأن ادعاء الحب مع المخالفة تناقض ظاهر، إن المحب لمن يحب مطيع.
الثالثة: المنامات لم تكن في يوم من الأيام مصدراً للتشريع وإنما تؤخذ الشريعة من الكتاب والسنة أما الاتكاء على المنامات في تقرير البدع والمخالفات فهو من شأن أهل الأهواء الذين لم يجدوا ملجأ يجمحون إليه غير تلك التخييلات.
الرابعة: لعل من العدل أن نقول: القصيدة من الناحية الفنية هي من عيون الشعر العربي بل لعلها أفضل المدائح النبوية صنعة بعد البردة الأم لكعب ـ رضي الله عنه ـ لكن هذا لا يعني حسن مضمونها ـ وإن كان فيها من الأبيات ما هو سليم في المعنى والبنى ـ.
الخامسة: هذه بعض المخالفات المختصرة في القصيدة وقصتها وهي على سبيل المثال لا الحصر أرجو أن يتسع صدرك أخانا الحبيب لقبولها:
فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمايل وأعجبته
كيف يتمايل أعلم الخلق بالله عند سماعه لقصيدة تعج بالشرك الذي جاهد وجالد من أن أجل تطهير الأرض منه.
فأخذها سعد الدين ووضعها على عينيه فعوفي،
لم يكن ذلك الفعل سببا شرعيا ولا عقليا لشفاء الأمراض.
وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُمَنْ لولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ يقول الله سبحانه ((وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون)) فالحمكة من الخلق هي عبادة الله.
39 وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ كيف يستفيد السابق من الاحق، لا يمكن تصور هذا إلا على طريقة المنحرفين من الصوفية.
43 دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ يقول الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله) ـ رواه البخاري ـ
46 لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماً أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّممِ إساءة أدب مع الله.
58 لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُ طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ ومُلْتَثم
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: واتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يقبله، وهذا كله محافظة على التوحيد.
75 أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُ مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَة ً مَبْرُورَة َ القَسَمِ
شرك أصغر يقول الخليل ـ صلى الله عيه وسلم ـ (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)
ـ رواه أحمد والترمذي ـ
80 ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بهِ إلاَّ ونلتُ جواراً منهُ لم يضمِ
81 ولا الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِنْ يَدِهِ إلاَّ استلمتُ الندى من خيرِ مُستلمِ
والله تعالى يقول ((وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو))
ويقول ((فما بكم من نعمة فمن الله)) كما أن نسبة الضيم إلى الدهر فيها تعدي.
146 فإنَّ لي ذمة ً منهُ بتسميتي مُحمداً وَهُوَ (الخَلْيقِ) أوفى الخلق بالذِّمَمِ
متى كانت التسمية حسنة تجعل للمسمى ذمة عند حبيبنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو القائل لبنته التي من صلبه (لا أغني عنك من الله شيئا) ـ رواه البخاري ـ
152 يا أكرَمَ الرُّسْلِ مالي مَنْ أَلُوذُ به سِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ فأين الله،
شرك أكبر لما في ذلك من الاستغاثة بغير الله يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ (من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار)
154 فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَ ضَرَّتها ومن علومكَ علمَ اللوحِ والقلمِ صدق الله وكذب الشاعر يقول الله ((وإن لنا للآخرة والأولى)) ويقول ((قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله))
156 لعلَّ رحمة َ ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيانِ في القسمِ متى كانت الرحمة جزاء على العصيان فليستكثر الناس من المعاصي إذا،
يقول الحق ((إن رحمت الله قريب من المحسنين)) ولا أرى العصيان إحسانا إلا على مذهب البوصيري.
ختاما: أعلم أن نقل القصيدة لا يعني بالضرورة الموافقة على جميع ما فيها وإنما جرى التنبيه على ما سبق من شطحات القصيدة لما نراه من عموم خطرها واتساع ضررها لا سيما مساسها برأس مال المسلم العقيدة، ثم إني أكرر اعتذاري للأحبة وأسأل الله أن يرينا وإياهم الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويزقنا اجتنابه.
ـ[عبدالله]ــــــــ[08 - 02 - 2008, 11:50 م]ـ
لا فض فوك أخي أبا مالك
و جعل الله ما تفضلت به في ميزان حسناتك
¥