تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وذكروا في قوله تعالى: ?وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ. يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ? (قّ:41 - 42): أن المراد بالخروج خروج البهاء.40 والخروج كما جاء في أوائل السورة يعني: خروج الموتى من قبورهم للبعث والحساب، كما قال تعالى: ?وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ? (قّ:11)؛ ولذلك قال بعد الآية السابقة: ?إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ. يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ? (قّ:43 - 44)، فيوم الخروج هو يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً، ليخرجوا من الأجداث كأنهم جراد منتشر.

وهؤلاء ليسوا إلا امتداداً للباطنية القدامى، الذين لا يؤمنون بقرآن ولا سُنَّة ولا دين، وإنما يتخذون النصوص معاول لهدم الإسلام، كل الإسلام.

* من سوء التأويل حول الشريعة:

على أن أكثر ما نعاني من سوء التأويل في عصرنا، أصبح فيما يتعلق بأحكام الشريعة، أكثر منه في دائرة العقيدة. وخصوصاً بعد أن نجح الاستعمار الغربي في تعطيل الشريعة نحو قرن من الزمان أو يزيد، وإحلال قوانينه الوضعية محلها، وإنشاء تقاليد جديدة مخالفة لأوامرها، وتكوين عقليات مؤمنة بفلسفتها، جاهلة بتراثها، غريبة عن أمتها، واهية الثقة والصلة بربها وشرعها.

- سوء التأويل لآيات الحدود:

ومن نماذج هذا اللون من سوء التأويل ما ذكره المرحوم الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه التفسير والمفسرون41 لكاتب ممن سماهم أصحاب الاتجاه الإلحادي في التفسير،42 قال هذا الكاتب تحت عنوان "التشريع المصري وصلته بالفقه الإسلامي":

"قرأت في السياسة الأسبوعية الغراء مقالاً بهذا العنوان.43 حوى أفكاراً أثارت في نفسي من الرأي ما كنت أريد أن أرجئه إلى حين، فإن النفوس لم تتهيأ بعد لفتح باب الاجتهاد، حتى إذا ظهر المجتهد في هذا العصر برأي جديد، كتلك الآراء التي كان يذهب إليها الأئمة المجتهدون في عصور الاجتهاد، قابلها الناس بمثل ما كانت تقابل به تلك الآراء من الهدوء والسكون، وإن بدا عليها ما بدا من الغرابة والشذوذ، لأن الناس في تلك العصور كانوا يألفون الاجتهاد، وكانوا يألفون شذوذه وخطأه، إلفهم لصوابه وتوفيقه، أما في هذا العصر، فإنَّ الناس قد بَعُدَ بهم العهد بالاجتهاد، حتى صار كل جديد يظهر فيه شاذاً في نظرهم، وإن كان في الواقع صواباً".

ثم أشاد بما كتبه صاحب المقال المشار إليه، ثم قال: "ولكن يبقى بعد هذا في تلك الحدود ذلك الأمر الذي سنثيره فيها، ليُبحث في هدوء وسكون، فقد نصل فيه إلى تذليل تلك العقبة التي تقوم في سبيل الأخذ بالتشريع الإسلامي من ناحية تلك الحدود بوجه آخر جديد ... وسيكون هذا بإعادة النظر في النصوص التي وردت فيها تلك الحدود، لبحثها من جديد بعد هذه الأحداث الطارئة، وسأقتصر في ذلك -الآن- على ذكر ما ورد في تلك الحدود من النصوص القرآنية، وذلك قوله تعالى في حد السرقة: ?وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ? (المائدة:38 - 39)، وقوله تعالى في حد الزنى: ?الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ? (النور:2)، فهل لنا أن نجتهد في الأمر الوارد في حد السرقة وهو قوله تعالى: ?فاقْطعوا? والأمر الوارد في حد الزنى وهو قوله تعالى: ?فاجْلِدوا? فنجعل كلا منهما للإباحة لا للوجوب، ويكون الأمر فيهما مثل الأمر في قوله تعالى: ?يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ? (الأعراف:31)، فلا يكون قطع يد السارق حداً مفروضاً، لا يجوز العدول عنه في جميع حالات السرقة، بل يكون القطع في السرقة هو أقصى عقوبة فيها، ويجوز العدول عنه في بعض الحالات إلى عقوبات أخرى رادعة،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير