تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والخلاصة -أن الدنيا بيت فرشه الأرض، وسقفه السماء، وسراجه الكواكب، والبيوتُ الرفيعة العماد، العظيمة البناء، كما تزين بالأنوار تزين بالنقوش التي تكسبها لألاء وبهجة في عيون الناظرين، ولكن لن يصل إلى إدراك تلك المحاسن إلا الملائكة الصافّون، والأنبياء والعلماء المخلصون، أما الجهال والشياطين المتمرِّدون من الجن والإنس فأولئك عن معرفة محاسنها غافلون، فلقد يعيش المرء منهم ويموت وهو لاهٍ عن درك هذا الجمال، فتخطف بصائرهم كالشهاب الثاقب، فيخطفون منها خطفة يتبعها قَبَس من ذلك النور يضيء، وينير ألبابهم، فيكونون ممن كتب الله لهم السعادة، وقيّض لهم التوفيق والهداية، وممن اصطفاهم ربهم برضوانه، والفوز بنعيمه.

هذا ما قاله الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسير هذه الآيات، ثم عقب في الحاشية فقال:

وقد نحونا بهذا نحواً آخر يخالف ما في كثير من التفاسير، إذ أنهم قالوا: إن خطف الخطفة كان من الشيطان حين أراد أن يسترق السمع، ويأخذ أخبار السماء، فأتبعه شهاب ثاقب فأحرقه، ولم يستطع أخذ شيء منها، وعصم الله وحيه وكتابه. أ. ه.45

ورحم الله الشيخ، فقد أبعد النجعة، وشطح شطحا بعيداً، بعد به عن المنهج القويم، وقد قال تعالى على لسان الجن: ?وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً? (الجن:8 - 9). والمعنى واضح كالشمس.

فالأمر -وفقاً لهذا التأويل- في هذا الآيات كلها للإباحة لا للوجوب، فمن شاء فليُصل، ومن شاء فليُزك وليُنفق، ومن لم يشأ فلا جُناح عليه، فلم يترك إلا أمراً مباحاً، من فعله أُثيب عليه، ومن تركه فلا إثم علي!

وكذلك يقال في كل الأوامر القرآنية: إذ لا فرق بين أمر وأمر. وهذا هو العبث بعينه، أو هو تبديل لدين الإسلام بدين جديد.

- من تكلفات بعض المفسرين المعاصرين:

ومما نأسف له: ما وقع من تكلف واعتساف في التأويل، لبعض المفسرين المعاصرين، مثل صاحب (تفسير المراغي). فقد ذكر في تفسير قوله تعالى: ?إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ. لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ. إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ? (الصافات:6 - 10) كلاماً متكلفاً، بعيداً عن المتبادر، ولا دليل عليه من شرع ولا عقل، ولا عرف. يقول عفا الله عنا وعنه:

?إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ? أي جعلنا الكواكب زينة في السماء القريبة منكم بما لها من البهجة والجمال، وتناسب الأشكال وحسن الأوضاع، ولا سيما لدى الدارسين لنظامها، المفكرين في حسابها، إذ يرون أن السيارات منها متناسبة المسافات، بحيث يكون كل سيار بعيداً من الشمس ضِعف بُعد الكوكب الذي قبله.

?وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ?، أي وحفظنا السماء أن يتطاول لدرك جمالها، وفهم محاسن نظامها، الجهّالَ والشياطين المتمردون من الجن والإنس، لأنهم غافلون عن آياتنا، معرضون عن التفكير في عظمتها؛ فالعيون مفتحة، ولكن لا تبصر الجمال ولا تفكر فيه، حتى تعتبر بما فيه.

?لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى? أي إن كثيراً من أولئك الجهال والشياطين محبوسون في هذه الأرض، غائبة أبصارهم عن الملأ الأعلى، لا يفهمون رموز هذه الحياة وعجائبها، ولا ترقى نفوسهم إلى التطلع إلى تلك العوالم العليا، والتأمل في إدراك أسرارها، والبحث في سر عظمتها.

?َيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً? أي وقد قذفتهم شواتههم وطردتهم من كل جانب، فهم تائهون في سكراتهم، تتخطفهم الأهواء والمطامع والعداوات والإحن، فلا يبصرون ذلك الجمال الذي يشرق للحكماء، ويبهر أنظار العلماء، ويتجلى للنفوس الصافية ويسحرها بعظمته، وهم ما زالوا يدأبون على معرفة هذا السر حتى ذاقوا حلاوته، فخروا ركعاً سجداً مذهولين من ذلك الجمال والجلال.

ـ[أبو المهند]ــــــــ[25 Dec 2008, 08:10 م]ـ

بحث يتفجر وسطية واعتدالا وشمولا وعلماً، بارك الله في الكاتب وأطال عمره واحسن عمله، كذا الناقل.

ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[25 Dec 2008, 11:53 م]ـ

• لا تأويل إلا بدليل:

المهم ألا يحدث إلا بدليل أو بقرينة توجب صرفه عن المعنى الأصلي، وإلا بطلت الثقة باللغة ومهمتها. فإذا وجدنا الدليل أو القرينة صرفنا اللفظ من الصريح إلى الكناية، ومن الحقيقة إلى المجاز.

في القرآن الكريم نجد ذلك التعبير بالكناية في مثل قوله تعالى: ?أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً? (المائدة: 6)، فالغائط هو: المكان المطمئن من الأرض، كُني بالمجيء منه عن التغوط، وهو الحدث الأصغر.

• نعم هو بحث شامل ومعتدل

• ولكن ما وصف بالوسطية –لاتأويل إلا بدليل – أيضا يعطل اللغة ومهمتها

• فإني _رغم كوني غير متخصص في اللغة – أستغرب كيف لا يستخدم العلماء قواعد اللغة

• فمثلا " لامستم " هل ليس هناك ملامسة =مفاعلة إلا بالجماع؛ الفعل علي صيغة –فاعل –ولا يحتاج لتأويل ولا لغيره؛ فكل ما يمكن أن يسمي ملامسة يستوجب الوضوء.

• كيف نقر أن المجيء من الغائط كناية عن التغوط وهو ما يستوجب الوضوء أو التيمم؛ وكأن من كان متوضئا و ذهب إلي الغائط ولم يتغوط لايجب عليه الوضوء؛

• إن النص واضح في أن دخول الغائط يستوجب الوضوء ولكن بعد المجيء من الغائط؛أي أنه لا يصح الوضوء في مكان الغائط

•ولقد طال الكلام في هذه المسألة والبحث رصدها رصدا شبه شامل ولكن بقاء الباب مفتوحا يجعل مجهود الجميع وكأنه بلا فائدة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير