تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا. إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) [الإسراء: 73 - 75]

فقوله سبحانه وتعالى: (وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) هذا كلام في غاية الأهمية وذلك لأن دعاة الباطل والكفار ليغرون الداعية بأنه إذا غير هنا أو غير هناك أو أوّل الدين أو فسره بما يناسب أهواءهم فإنهم يحبونه ويعظمونه، وهذا ما يحدث الآن في واقعنا، فإن المستشرقين وأمثالهم من الشيوعيين وغيرهم كثيرا ما يمدحون الدعاة أو المنتسبين إلى الإسلام الذين يعمدون إلى مثل هذا التغيير فيصفونهم بسعة الأفق وفهمهم العصر ويصفونهم بأنهم يجعلون الدين للناس يسرا ويصفونهم بأنهم أذكياء وبأنهم متحررون وبأنهم كذا وكذا وكذا، وهذا يغر الإنسان فيتمادى في التحريف، وهم لا يريدون لهذا التحريف أن يقف عند حد، فكل ما وجدوا إنسانا أكثر تحريفا عظموه عمن هو أقل منه تحريفا لأنهم لم يرضوا عنه: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة:120]. هذه الغاية التي يريدون للإنسان الداعية أن يصل إليها.

وإذا كان هذا قد حدث في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه موجود عندنا الآن. إن المجتمع وإن المنحرفين فيه كثيرا ما يضغطون على الدعاة بأن يفسروا الدين وأن يؤولوه بما يناسب أهواءهم، والداعية المخلص يظن أنه إذا استجاب لكلامهم فإن هذا مما يدعوهم لأن يقبلوا كلام الله سبحانه وتعالى ويقبلوا دعوته ولكن الله سبحانه وتعالى يحذر الرسول صلى الله عليه وسلم ويبين له أن الإنسان الصالح الذي يريد الهدى يكفيه هذا الذي أنزلناه إليه، وأما الذي يقترح عليه بأن نغير هنا أو نبدل هناك لكي نستجيب لدعوتك فإنه لن يستجيب أبدا، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [الأنعام:35]

ولذلك كما قلت، في عصرنا هذا رأينا كثيرا من الناس يضيقون صبراً بكثير من أحكام الإسلام التي لا تتمشى مع أهواء العصر، فهم يضيقون بتعدد الزوجات وبرجم الزاني المحصن لأن الغربيين يرون أن هذا من القسوة، بل أن كل الحدود يرون أنها من القسوة ويضيقون صدرا بالربا، لأن البنوك كلها تتعامل به ويظنون أن الحياة لا يمكن أن تسير إلا به ويضيقون صدرا بقتل المرتد لأن هذا لا يتناسب مع التسامح الديني كما هو مفهوم في الغرب، بل إن هذا الضيق قد يصل إلى بعض العقائد، فإن كثيرا من المنتسبين إلى الإسلام أصبحوا يضيقون صدرا بالمعجزات لما فيها من خوارق العادات. وقد قرأت قريبا في كتاب ترجمة لمعاني القرآن باللغة الإنجليزية، وتعليقا عليها لم يكد الكاتب يترك معجزة من المعجزات التي وردت في القرآن الكريم إلا أؤلها تأويلا يصرفها عن معناها، فقال مثلا في معنى قوله تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ) [الأعراف:171]، إن هذا كان زلزالا، قال في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) [الفيل:1] إن هذا كان وباء وهكذا. وكما قلت قد يصل الأمر إلى بعض العقائد فيضيق الداعية صدراً بكل ما يجد في القرآن مما لا يتناسب مع أهواء العصر بل إن هذا قد يقع فيه بعض الموحدين فيبالغون في التنزيه وفي البعد عن الخرافات حتى إنهم ليضيقون بكل ما ليس مناسبا كما قلت مع أهواء العصر مثل تقبيل الحجر الأسود ومثل رمي الجمرات وهكذا فعلينا أيها الأخوة الكرام ونحن نترسم خطى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه أن نحذر من كل هذا وأن نستمسك استمساكا شديدا بما أنزل الله سبحانه وتعالى وأن لا نلتفت إلى أهواء العصر.)

وهذا رابط الموضوع: مهمة الرسل ومهمة الداعية ( http://www.jaafaridris.com/Arabic/Muhadarat/mohimat.htm)

ـ[ابو هاجر]ــــــــ[08 Apr 2009, 09:48 م]ـ

يا فقهاء التيسير اقرؤا إن شئتم:

((وأن هذا صراطي مستقيما فا تبعوه ولا تتبعوا السبل فترق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير