تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يتحرر فيها الانسان من اسباب الفتنة فيكون الدين لله بمعنى انه لا توجد سلطة بشرية بكره اي مخلوق لا في مجال العقيدة فقط بل في كل المجالات وذلك ان القتال شرع في هذه الاية من اجل نفي جنس الفتنة لا نوع من انواعها فقال فتنة بالمفرد ونفي الجزء يعني نفي الجنس.

وفي هذا الاطار يمكن فهم ذهاب الاصوليين المسلمين الى وضع حفظ الدين المقصد الاول من الضروريات الخمس التي يسعى الاسلام للحفاظ عليها وتحسين حاله ومنع ما يفسدها. يقول الامام الشاطبي ان من حفظ الشيء منع ما يؤدي الى فساده والفتنة بما هي اكراه وظلم تمنع حسن الاعتقاد والى الشرك وذلك ان الذي يكره الناس يطلب لنفسه سلطة يختص بها الله اي سلطانه على قلوب الناس. وذلك ان الله قد اختص نفسه بسلطة الرزق بما هو الماكل والمشرب والصحة وسلطته على قلوب الناس بما هي تالفهم او تنافرهم اهتداؤهم وظلالتهم. ولذلك فقد خاطب رسوله معاتبا ومنبها اذ قال له "افانت تكره الناس ان يكونوا مؤنين" الى غير ذلك من الايات المؤكدة على انفراد سلطة الله على موضوع الايمان والكفر وفي هذا الاطار يصبح الضن بالتكليف بالقتال من اجل حمل الناس على الايمان او بسبب عدم ايمانهم تكليف بما لا يطاق وتناقض مع ما صرح به المشرع في هذا المجال.

ولذلك فان القول ويكون الدين لله تعني ان لا يكون هناك سلطة قاهرة للناس مكرخة لهم تفتنهم وان تتوفر لهماجواء من الحريوة والاختيار تجعلهم في مستوى التكليف وتمكن الله من محاسبتهم على اساس تلك الحرية مع ان القران اكد ان موضع القلوب لا سلطان عليه سوى صاحبه ولذلك لم يعذر الكافر بكفر بسبب الفتنة وعذر الناس في اعمالهم الاخرى بسبب الاكراه.

يقول الامام الطاهر بن عاشور في سياق تفسيره للاية 256 من سورة البقرة: "لا اكراه في الدين" ان الاكراه المنفي هنا عن الدين ليس فقط الاكراه في مجال العقيدة بل القصد نفي الاكراه في الشريعة اذ يقول:

"والدين تقدم بيانه عند قولنا ملك يوم الدين، وهو هنا مراد به الشرع ... والمراد نفي الاكراه في حكم الاسلام، اي ان تكرهوا احدا على اتباع الاسلام قسرا، وجيء بنفي الجنس لقصد العموم نصا. وهي دليل على ابطال الاكراه على الدين بسائر انواعه، لان امر الايمان يجري على الاستدلال، والتمكين من النظر، وبالاختيار ... لما تم ذلك كله أبطل الله القتال على الدين وأبقى القتال على توسيع سلطانه، ولذلك قال (سورة التوبة 29) "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرومون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" وعلى هذا تكون الاية ناسخة لما تقدم من ايات القتال مثل قوله "يا ايها النبيء جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" [17]

الخاتمة:

حاولت هذه العجالة ان تشرح السياق الادلاي الذي يقع ضمنه استعمال كلمة الدين بحسب الاستعمال القراني وقد تم ذلك من خلال عرض المجال الدلالي للكلمة بحسب الاستعمال المعجمي ثم من خلال احصاء وتصنيف الاستعمالات القرانية للكلمة. كما تم مقارنة المجال الدلالي لكلمة الدين مع المجال الدلالي لكلمة رولجيون من اجل كشف المشترك بينهما وما يفرقهما. وخلص البحث الى ان هناك فرقا شاسعا في الاستعمال بين كلمة الدين وكلمة رولجيون بحيث لا يصح ترجمة الواحدة منهما الى الاخرى ولا استعمال الواحدة منهما بحسب مفهوم الاخر. وبين البحث ان اقرب كلمة لكلمة رولجيون في اللغة العربية هي كلمة ملة. بينما تختص كلمة الدين بمجالها الدلالي الواسع والمرتبط اسا بمعنى الحساب والمحاسبة والطاعة والمعصية اي مجالات السلطة والتشريع بينما تختص كلمة رولجيون بالمجال الروحي والتعبدي والمقدس.

وتبعا لذلك فانه يمكن لنا نقول مطمئنين ان استعمال المجال الدلالي لكلمة رولجيون وكل ما يتعلق بها من اشكاليات فكرية وسياسية يرهق كلمة دين ويشكل فهمها ويدخل عليها وعلى سياقها الدلالي والنص الذي يستعملها مجموعة من الاشكاليات الخاطئة والمبنية على سوء الفهم وخلل في التواصل مع النص. ومن ذلك الاشكاليات المتعلقة بعلاقة الدين بالدولة او الدين بالسياسة بينما المنقصود علاقة المجال العقائدي والروحي مثلا بالسياسة او علاقة المقدس بالسياسية بما هي المعاني التي تشير اليها كلمة رلجيون ولا تقصدها كلمة الدين بالدلالة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير