تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويقول ابن غازي أيضا في كتابه: "المطلب الكلي في محادثة الإمام القلي" (نيل الابتهاج: 42): "ولقد كان شيخنا شيخ الجماعة الإمام الأستاذ أبو عبد الله الكبير يثني كثيرا على فهم الصفاقسي ويراه مصيبا في أكثر تعقباته وانتقاداته لأبي حيان". ويقول ابن مرزوق في الثناء على هذا الكتاب (نيل الابتهاج: 42): "سمعت من لفظه كتابه الذي أعرب فيه وأغرب في إعراب القرآن، وتحدث فيه مع شيخنا أبي حيان في أبحاثه". ويقول ابن فرحون في الثناء عليه (الديباج المذهب: 92): "وهو من أجل كتب الأعاريب وأكثرها فائدة".

ولم يذكر محققو "البحر المحيط" (ط. الكتب العلمية: 1/ 93) اختصار الصفاقسي بين اختصارات "البحر المحيط".

5 – المحاكمات أبي حيان والزمخشري:

للإمام أبي زكرياء يحيى بن محمد بن محمد بن عبد الله، الشاوي الملياني الجزائري (1030 - 1096هـ) نزيل مصر، يقول في مقدمته عن منهجه: "وبعد: فالكتاب قصدت فيه جمع اعتراضات الإمام ذي البيان، المشتهر بأبي حيان، على ابن عطية ومحمود الزمخشري، والتكلم معه بما يظهر للقريب والبعيد، وأسأل الله في ذلك التسديد". (انظر: الأعلام للزركلي: 8/ 169، والبحر المحيط ط. دار الكتب العلمية (الدراسة): 1/ 93).

وهكذا لم تقتصر الاختصارات النحوية لـ"لبحر المحيط" على تلاميذ أبي حيان؛ فهذا أحد المتأخرين يختصره اختصارا نحويا أيضا.

مختصران يتبعان أبا حيان في سهوه:

قال الإمام ابن هشام (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 2/ 48): "وحصل للإمام فخر الدين في تفسير هذه الآية [يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم] سهو؛ فإنه سأل: "ما الحكمة في تقديم "من دونكم" على "بطانة"؟ وأجاب بأن محط النهي هو "من دونكم" لا "بطانة"؛ فلذلك قدم الأهم. وليست التلاوة كما ذكر. ونظير هذا أن أبا حيان فسر في سورة الأنبياء كلمة "زبرا" بعد قوله تعالى: "وتقطعوا أمرهم بينهم"، وإنما هي في سورة المؤمنون، وترك تفسيرها هناك. وتبعه على هذا السهو رجلان لخصا من تفسيره إعرابا".

فمن هما هذان الرجلان اللذان اختصرا "البحر المحيط" وتبعا أبا حيان على هذا السهو؟

أبهم ابن هشام الرجلين، ولم يشأ أن يحددهما لنا؛ فأثار ذلك إشكالا لدى طلاب العلم والشيوخ؛ قال الإمام التنبكتي (نيل الابتهاج: 43): "وذكر الشيخ أبو عبد الله الرصاع التونسي في كلامه على آيات المغني أن الطلبة كثيرا ما يسألون عن ثاني الرجلين المذكورين، وأنه سأل عنه بعض شيوخه فلم يجبه".

واختلفت الآراء في تحديد المقصود بهذين الرجلين. مع ملاحظة أن ابن هشام نفسه (ت: 761هـ) من أصحاب أبي حيان أيضا، فهو لا شك يعني بالرجلين بعض زملائه أصحاب أبي حيان.

فالإمام ابن فرحون – وقد عاش في عصر أبي حيان وأصحابه (ت: 799هـ) - يرى أن إبراهيم الصفاقسي لم ينفرد بتأليف "إعراب القرآن"، بل شاركه في تأليفه أخوه القاضي شمس الدين محمد؛ وعليه فيكون الكتاب من تأليف شخصين، كما يقول ابن فرحون (الديباج المذهب: 92): "ومن تآليفهما "إعراب القرآن الكريم" وهو من أجل كتب الأعاريب وأكثرها فائدة جرده من "البحر المحيط". وتبعه محمد بن محمد مخلوف الذي يقول عن مؤلفات الصفاقسي (شجرة النور الزكية: 209): "وإعراب القرآن مشهور له وأخيه الشمس محمد".

فإذا كان "إعراب القرآن الكريم" من تأليف الأخوين الصفاقسيين، صح أن يكونا هما المقصودين بـ"الرجلين" في كلام ابن هشام. وهذا الرأي هو ما أخذ به الإمام ابن غازي؛ فهو يوافق ابن فرحون في نسبة الكتاب إلى الرجلين، بل صرح بأنهما هما المقصودان بكلام ابن هشام، كما يقول في كتابه: "المطلب الكلي في محادثة الإمام القلي" (نيل الابتهاج: 42): "وقد كان له أخ نبيل شاركه في تصنيف كتابه المجيد المذكور، كما نبه عليه صاحب "المغني" حيث نكت عليهما في إعراب "زبرا" في غير محله تبعا لأبي حيان".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير