تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد ظن بعض الباحثين ([12] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn12)) أن سيد قطب قد نشأ على يديه ما يعرف بنظرية" الذوق الانطباعي"، وهذا رأي فيه نظر؛ وذلك أن الذوق الذي اعتمده سيد في ظلاله هو قوام منهج الموازنة بين الذات والموضوع، وهذا المنهج منهج قديم قدم التفسير نفسه، وأن كل ما فعله سيد –رحمه الله- هو انتقاله بالخواطر القرآنية من مرحلة الإشارات ولطائف المتصوفة ومصطلحاتهم – التي كانت تناسب تلك الأزمنة التي غلب على أصحابها الزهد والتصوف والانخلاع من الدنيا - إلى مرحلة يقتضيها واقع الأمة المعاصر وهي مرحلة الواقعية والحركية.

ولعل السبب الذي نشأ عنه توهم ميلاد منهج الموازنة بين الذات والموضوع على يد سيد قطب، هو الخلط بين " الإشارية " التي وصفت بها هذه النظرية والتصقت بها فترة طويلة من الزمن وبين النظرية ذاتها القائمة على الموازنة بين الذات التي قد يغلب عليها التصوف أو الحركية أو السلفية وبين موضوع القرآن نفسه.

وهناك سبب آخر وهو الحساسية المفرطة من تسمية نظرية الخواطر بالتفسير الإشاري الذي ينصرف بداهة إلى الفكر الصوفي، وما يرافق هذه التسمية من توجس وانقباض؛ لا سيما في البيئات العلمية التي سيطر عليها الفكر السلفي الأثرى؛ فنتج عن ذلك الدعوة إلى استئناف منهج جديد مستقل؛ خشية الربط بين هذه النظرية وبين التفاسير الأخرى الفاسدة التي افتقدت شرائط التفسير الإشاري المقبول.

غير أنه ينبغي أن تتلاشى هذه الحساسية وأن تزول حينما يتم التفريق بين التفسير الصوفي النظري من جانب وبين التفسير الإشاري المقبول من جانب آخر، فالأول وهو التفسير الصوفي النظري تفسير فاسد، يحول فيه الصوفي القرآن عن هدفه ومقصده إلى ما يقصده هو ويرمي إليه، وغرضه بهذا كله أن يروج لتصوفه على حساب القرآن، وأن يقيم نظرياته وأبحاثه على أساس من كتاب الله، وبهذا الصنيع يكون الصوفي قد خدم فلسفته التصوفية ولم يعمل للقرآن شيئاً، اللهم إلا هذا التأويل الذي كله شر على الدين وإلحاد في آيات الله ([13] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn13))، هذا بالإضافة إلى أن المفسر الصوفي يرى أن كل ما تحتمله الآية من المعاني - وليس وراءه معنى آخر - يمكن أن تحمل الآية عليه هذا بحسب طاقته طبعاً ([14] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn14)).

أما التفسير الذي يعتمد الذوق النفسي فلا يرتكز على مقدمات علمية بل يرتكز على رياضة روحية منضبطة بأصول الشريعة يأخذ بها المفسر نفسه، ويعيش مع القرآن آناء الليل وأطراف النهار، ويذوق حلاوته وتنسكب معانيه وخواطره في أحاسيسه فيهبه الله قدرة عجيبة وتوفيقاً نادراً في الجمع والموازنة الدقيقة بين ذاته وبين القرآن؛ دون أن يخرج بفكره وخواطره عن دائرة ما جاءت به الشريعة ومن غير أن يفقد شرطاً من شروط اعتباره.

يقول د. فهد الرومي " ونحن لا ننكر وجوب التدبر في القرآن الكريم

ولا ننكر أيضاً أن يكون لمعاني القرآن معانٍ ظاهرة متبادرة للذهن، ومعانٍ أخرى حقاً تحتاج إلى تدبر وتمعن، يؤتيه الله من يشاء من عباده، وتتفاوت فيه الدرجات، لكنا نرفض - كل الرفض - أن يكون هذا النوع هو الذي يزعمه الصوفية من إشارات ورموز وطلاسم، قوامها الوجد والذوق تذهب صفاء القرآن الكريم ونقاءه" ([15] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn15)).

ويزيل د. السيد أحمد خليل، اللبس الذي قد يقع بين التفسير الذي يعتمد على الذوق السليم، والفكر الصحيح، وبين التفسير الفاسد الناتج عن ذوق منتكس وعقيدة خربة فيقول " يجب أن نفرق بين نوعين من التفسير هما:

1 التفسير الإشاري 2 التفسير الرمزي

أما الأول فحق، وهو ينقسم إلى قسمين:

تفسير إشاري معنوي، وتفسير إشاري لفظي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير