ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[20 Sep 2010, 09:07 م]ـ
وإنما مراد لبيد إبطال كل شيء لا يشاؤه الله؛ فليس يوجد شيء لا يشاؤه الله ..
تقدير كلمة لبيد على تفسيرك: (ألا كل شيء ما خلا ما يشاؤه الله باطل) ولو أعلمت مفهوم المخالفة لهذا الكلام لتبين بطلانه.
ولقد أعياني يا أبا فهر أن أجد لك سلفاً في هذا التفسير.
وقد راجعت كلام شراح الحديث وكلام جمع ممن تطرق لشرح كلمة لبيد فلم أجد أحداً ذكر هذا المعنى، وإنما يذكرون في تفسيره معنيين متلازمين:
الأول: أنها بمعنى (لا إله إلا الله) التي هي أصدق كلمة وأشرف كلمة، وفي ذلك ما يناسب تنويه النبي صلى الله عليه وسلم بها، وكلمته استفتاحية تامة لا تقتضي سباقاً لا يفهم الكلام إلا به.
وكون لبيد غير مسلم حين قال تلك القصيدة لا يعني أنه لا يقول صدقاً ولا حقاً في هذا الباب، وقد يكون من بعض العرب قول لبعض الحق والآثار عنهم في ذلك مشهورة، ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص في معلقته المعروفة:
وإن الله ليس له شريك = علام ما أخفت القلوب
من يسأل الناس يحرموه = وسائل الله لا يخيب
بالله يدرك كل خير = والقول في بعضه تلغيب
وعلى هذا المعنى يفسر الشيء في هذا السياق بما يناسبه، فيكون مراده بكل شيء أي مما يعبد.
وهذا لا يقتضي أن الأنبياء والملائكة والجنة والنار وسائر ما وصف بأنه حق في النصوص أنه باطل، لأن المقصود ذكر ما يُعبد.
ألا ترى أنه لو تناظر رجلان فقال أحدهما للآخر: كل كلامك باطل.
أنه لم يرد إلا كلامه في تلك المناظرة، وأنه لا يريد كلامه كله من أول ما ولدته أمه إلى ساعته.
المعنى الثاني: أنها بمعنى (كل شيء هالك إلا وجهه) وهذه الآية فسرت على وجهين أحدهما يوافق المعنى الأول وهو أنه كل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل، والمعنى الثاني أن كل مخلوق فهو هالك لا وجود له إلا بالله.
ومن أهل العلم من حمل كلمة لبيد على المعنيين كليهما كما فعل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال:
(كل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل، وإن كان فيه لذة ما، وأما الكائنات فقد كانت معدومةً منتفيةً؛ فثبت أن أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: " ألا كل شيء ما خلا الله باطل " وكما قال صلى الله عليه وسلم ((أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل))، وإنها تجمع الحق الموجود والحق المقصود، وكل موجود بدون الله باطل، وكل مقصود بدون قصد الله فهو باطل، وعلى هذين فقد فسر قوله {كل شيء هالك إلا وجهه} إلا ما أريد به وجهه، وكل شيء معدوم إلا من جهته).
جزاكم الله خيراً يا دكتور عبد العزيز وحفظكم الله ..
وأنت فجزاك الله خيراً، وبارك فيك، وأخوك ليس دكتوراً.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 Sep 2010, 10:06 م]ـ
يعني أنا اللي دكتور يا مولانا؟!!
ولكنك رجل فاضل مبارك وأنا أحيل الطلبة على معهدك وأستفيد أنا منه أحياناً ..
ألا كل شيء ما خلا ما يشاؤه الله باطل
بارك الله فيكم العبارة في بيان البيت هكذا غير محررة ..
وإنما قول لبيد: لا يكون الشيء شيئاً كائناً إلا إن شاءه الله عز وجل فأراد أن يكون شيئاً كائناً فلا يكون إلا يشاؤه الله وما لم يشأ الله أن يكون شيئاً لا يكون إلا أن يُشيئه الله ويجعله شيئاً بمشيئته ..
وكلام عبيد عن الشركة في معرفة ما في القلوب وهذا كالشركة في الخلق يقع نفيه في كلام العرب ..
أما نفي الشركة في العبادة فلا يقع من مشرك يشرك في العبادة ..
وأرى أن قد أبنتُ عن حجتي وما قصرتَ أيها الشيخ الكريم في بيان حجتك والمسألة عندي من مسائل الاجتهاد السائغ لدقتها ولطف مأخذها ..
وجزاكم الله خيراً فقد انتفعتُ بنقاشكم ومن قبلكم استفدتُ من مناقشة الفاضلة الكريمة (زوجة وأم) ..
بورك فيكم ونفعنا الله جميعاً بما نكتب ..
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[20 Sep 2010, 11:31 م]ـ
بارك الله فيكم
وجزاكم جميعا خيرًا
توقفت عن النقاش لقلة علمي في الجانب اللغوي وأخونا الفاضل أبو فهر شبهته من هذه الناحية فلا أستطيع أن أناقش جانبا بضاعتي فيه قليلة.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[20 Sep 2010, 11:45 م]ـ
الأخ الفاضل أبو فهر
هناك سؤال في نفسي أريد جوابك عليه:
أنت تقول بأن المحظور هو في معنى "شيء" .. وقلت بأن معناه: هو ما شاءه الله
سؤالي هو: هل الإمام البخاري وأبو سعيد الدارمي وابن جرير الطبري وكل أئمة السنة قديما وحديثا ممن قالوا بجواز إطلاق "شيء" على الله بناءً على فهمهم لتلك الآية والنصوص الأخرى التي ذكرها المشايخ -جزاهم الله خيرا-، لم يكونوا يعرفون ذلك المعنى لكلمة "شيء" وما يلزمه من محظور؟
وإذا كانوا يثبتون معنًا آخر صحيح لكلمة "شيء" مما ليس فيه محظور ... فلماذا لا تثبت ذلك المعنى الذي أثبتوه لكلمة "شيء" لله عز وجل وتنفي عنه المعنى المحظور؟
وهذا ما فعله السلف وأئمة السنة مع الكلمات الأخرى التي تحتمل معنى حق ومعنى باطل، فأثبتوا الحق ونزهوا الله عن الباطل.
¥