إن الحديث عن الآفاق، هو حديث عن الإحياء والتجديد اللازمين لهذه المؤسسات بكل مكوناتها الست، وهذا لا يتم إلا بالحديث المفصل بعض الشيء عما يلزم كل مكون من هذه المكونات داخل المنظومة التعليمية ببلدنا، وتحديد الهدف -وإن لم يكن – التفكير في وضعه والبناء عليه.
1 - آفاق الفضاء التعليمي:
هو المكان الذي يجلس فيه المتعلمون ساعات طويلة ليتلقوا القرآن الكريم حفظا وفهما وسلوكا، وهو مكان إن لم تتوفر فيه شروط السلامة والصحة، وكذا وسائل الترغيب في البقاء فيه لحين إدراك المرغوب، فإن الملل سيكون رفيق كل متعلم، خصوصا والأمر لم يعد كما كان قديما، فالطفل يحتاج -إضافة الى تلقي المعارف في صغره -الى اللعب واللهو، وهي مرحلة إن تجووزت أضرت بالمراحل التي قد تأتي بعد. وأذكر هنا المنشور الوزاري الذي أصدرته وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية الذي يتضمن الوثائق والشروط المطلوبة للحصول على فتح كتاب قرآني، ويهمنا منها ما يتعلق بالمكان، حيث طلب المنشور: إحضار شهادة صلاحية المحل المعد لذلك، مسلمة من لدن المصالح الصحية المختصة بالاقليم.
ولكن ما ينبغي الانتباه له الآن، هو كيف نقلل من كثرة هذه الكتاتيب من حيث الكم غير المتقن من حيث المكان والمؤطر والمؤطر، وهذا أمر ليس بالسهل تناوله، إذ يحتاج الى خريطة دقيقة بالموجود، ووضع سترجة " استراتيجية" للتغيير، وليكن في تصورنا أن نوجد مثلا كتابا في كل قرية، نحرص على دعمه ومراقبته متابعته، وذلك بترميم المكان وتطويره.
وإن كان الموجود غير كاف أو أن هناك نقصا ما في أماكن معينة، فبإنشاء كتاتيب جديدة وتوزيعها توزيعاً جيداً.
2 - آفاق الزمن التعليمي:
وهو أيضا يحتاج الى نظر وتجديد، تراعى فيه خصوصية كل منطقة، وخصوصية الأشخاص المتعلمين وحاجياتهم.
إذ لابد من وضع برنامج يصلح لكل فئة تعليمية، ولكل منطقة، يناسب أحوال الناس وأسرهم وحاجاتهم، حتى لا يستهلك وقت المتعلمين فقط في تلقيهم للعلوم النظرية، دون استفادة أسرهم منهم، واستفادتهم هم أيضا من الوقت لأعمال أخرى أو معارف أو صنعة أخرى قد تنفعهم في حياتهم المهنية. ولم لا مثلا، اختيار وقت الصباح كله للدراسة، وتفريغ المتعلمين بعد ذلك ... وهذا سيسمح لكثير من الأطفال ولوج هذه الأقسام باعتبارها تمنحهم ما يستطيعون من خلاله تلبية حاجيات أخرى لهم ولأسرهم ... ولم لا امتهان حرفة أو مهنة ...
3 - آفاق المتعلمين: وبدون وجودهم لن تكون عندنا كتاتيب، ولا عملية تعليمية، فتشجيعهم على اقتحام هذا المجال، وتوفير الشروط الضرورية لذلك أمر واجب اليوم على المديرية المعنية، فإذا وفرنا الفضاء والمؤطر والمنهج والتسيير، يبقى علينا توفير المتعلمين، وهم في الأعم الأغلب أبناء القرى والبوادي.
نعم، إن رغبة الآباء قوية من أجل الدفع بأبنائهم للكتاتيب، سواء بالمدن أو بالقرى، لكن هناك أمور تعيق نجاح هذا التوجه، منه على سبيل المثال ما يتعلق بأبناء البوادي، وعلى رأسه: مشكل التوقيت الذي يستغرق كل يوم المتعلم، وهذا أمر يمكن تدارسه داخل كل منطقة على حدة، مما يقتضي توفير إدارة أو مراقبين يحرصون على مثل هذا الفعل.
أما داخل المدن، فما نشاهده هو رغبة الآباء في هذا النوع من التعليم، لكن الوقت أيضا لا يسمح بذلك، وقد تغلب على هذه الصعوبة بنوع من الاجتهاد والتنظيم، حيث تم الاتفاق في بعض المدن وبعض المساجد وبعض المؤطرين على أن يكون التعليم بالكتاب ساعة فراغ الأبناء من الدراسة النظامية، وذلك كل يوم أربعاء مساء، ويوم السبت والأحد صباحا، صحيح أن هذا الوقت غير كاف لتحقيق المطلوب، لكنه معين على تنشئة الأبناء التنشئة المطلوبة وانقاذ ما يمكن انقاذه ...
4 - آفاق منهج التلقين:
أ-طرق التلقين:
وهي ما سميتها قبل قليل بالطرق البيداغوجية، كما يشمل الوسائل المعينة على حسن تلقي التلقين.
-فطريقة التلقين والتحفيظ تحتاج الى تجديد ونظر، فاللوحة الخشبية أعطت الكثير لأبناء الكتاتيب، ولم ولن يتوقف عطاؤها وصلاحيتها، لكن يمكن الاستفادة من وسائل معاصرة، ولما لا تكون السبورة المتحركة، أو الدفاتر والكراريس بأقلام جد متوفرة تعين التلميذ على اكتساب الخط، وتعلم الكتابة. وطبعا بحسب المكان والزمان والامكانيات.
¥