مما يلاحظ على مؤطرينا أنهم لا يستعملون اللغة العربية للتخاطب والتحدث بها بين المتعلمين أنفسهم فضلاً عن بقية المجتمع، بل يضطر المعلم أن يشرح في كثير من الأحيان أو يوجه باللهجات المحلية لتلاميذه!.كما أنه من بين أسباب ضعف اللغة الاقتصار على تعلم النحو والصرف غالباً –دون دراسة الأدب والبلاغة والتعبير-، مما يخرج طالباً قارئاً كاتباً فقط!.فتقويم لسان الأطفال داخل الكتاب أمر أساسي، والحفظ يمنح بعض هذا، ولكن لا يمنحه كاملا، لهذا يبقى دور الفقيه والمعلم أساسي في هذا الأمر، ولعل مما يعين عليه، التحدث بها داخل الكتاب، وحسن توجيههم نحو فهمها والقراءة فيها. ويستحسن أن يرفق تعليم القرآن بتعليم وحفظ متن الأجرومية في النحو، ولامية ابن الوردي في الأدب ...
وهذا يدفعني الى القول والسؤال، لماذا لا يتم تنظيم هذه الكتاتيب في إطار يجمعها ويحدد منهجها، ويضعها في درج سلم معين، من ارتقاه وصل الى ما يليه.
و-التدرج في التعليم:
وهذا منهج فريد تميزت به شريعة الرحمان، بحيث يلزم اتباعه حين الرغبة في إيصال المعارف والعلوم، إذ لا يعقل أن يلقى العلم أو تعطى المعارف جملة أو طفرة واحدة، بل لابد من التدرج في إملاء العلوم وتلقينها، وخصوصا تحفيظ القرآن، فإملاؤه على المتعلمين يكون بحسب معرفة مداركهم وقوة حفظهم ومدى استيعابهم، وكذا سائر العلوم التي يحتاجها الحافظ لكتاب الله من تفسير ولغة وبيان ...
إن التدرج في التعليم له ما له من إيجابيات، بحيث يستطيع المعلم اكتشاف قدرات مريديه، فيميز بين المتفوق منهم والبسيط في الفهم ... فيبني على ذلك حلقاته وتوجيهاته.
ز-التربية العقابية:
لن نبدع بالتأكيد في مسألة العقاب ووسائله، ولكني أقدم هذه الأسئلة لتجيب عن نفسها في الموضوع.لماذا الضرب في حد ذاته؟.وهل أعطى ثماره في السابقين؟.
ألا يحتاج الأمر بعض الاستقراء وبعض الحوارات مع من تخلوا عن الدراسات بالكتاب بسبب الضرب الشديد الذي تلقوه على يد الفقيه؟.
بل ألا يحتاج الأمر الاستفسار عمن انحرفوا بعد الحفظ بسبب هذا النوع من العقاب؟.
نعم، إنها أسئلة، ولكني أجيب باختصار، بأن زمن الضرب قد ولى، واقتحم عليه المجال زمن الحوار والافهام والتواصل بشتى أنواعه، كما حل محله زمن الترغيب والمسابقات والمباريات ...
ويجب أيضا على معلمي الكتاتيب كما يبدعون في وسائل التعليم وتحبيب المواد المدرسة، أن يبدعوا في وسائل العقاب الايجابية، بدل السلبية التي لا تثمر شيئا سوى الحقد والكراهية وحب الانتقام مع توالي الأيام، أما الوسائل العقابية الايجابية فهي تثمر التحفيز والرغبة والمسارعة نحو تجاوز الأخطاء والتقدم على الأقران .... وهذا لا يعني أبدا ترك الحبل على الغارب، بل يعني ضمن ما يعنيه الحزم من غير فضاضة والرفق دون هزل كما قال الشاعر:
فقسا ليزجره ومن يك حازماً ... فليقس أحياناً على من يرحم [5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5)
5- آفاق المدرسين:
وهم من أقطاب العملية التربوية والتعليمية، وينبغي الاهتمام بوضعيتهم، ومكانتهم، ومؤهلاتهم.ولن يتم ذلك إلا بما يلي:
أ-إحصاء المدرسين بكتاتيبهم.
ب-وضع ملف علمي لكل معلم بالكتاتيب، لمعرفة الموجود كما يلزم للانطلاق الى المقصود.
ج-توحيد الشواهد التي ينبغي توفرها في معلم الكتاب.
د- تأطير خاص للمعلمين، تعد له الوزارة المعنية ولو جهويا أو بجمع الجهات المتقاربة. [6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6) وهذا إن حصل سيكون له أكبر الأثر في الدفع بمسار التعليم بالكتاتيب القرآنية ببلدنا.
وأقترح هنا:
-أن يكون اختيار معلمي الكتاتيب اختيارا دقيقا، حيث يكونوا أصحاب أهلية علمية، وخبرة عملية، وهمة وبصيرة دعوية، ليكون تأثيرهم أكثر وأنفع.
-عقد دورات تدريبية لمدرسي الكتاتيب يحضرها ويؤطرها المتخصصون، وتكون تحت عناية ونظر المديرية المعنية.
وأقترح أن يشمل هذا البرنامج ثلاث نقط:
أ-طرق التحفيظ: من أجل النظر فيها، وتجديد ما يمكن تجديده فيها، وتجنب ما ينبغي تجنبه فيها.
¥