وما دمتم يا شيخنا الكريم تصرحون نصاً وظاهراً أنَّ سردَ مائةِ قول لا يقنعكم بخلافٍ في أصل الموضوع , فهذا متضمنٌ رغبتَكم في أن يكونَ ما تكتبُونهُ إملاءً لا يقبلُ التأمُّلَ والمُراجعةَ , ولو أذنتم لنا بمعاملة بحوثكم كما تعاملون أقوال الصحابة والتابعينَ (بمعنى أنَّ ألفَ ألفِ عمليَّةِ حسابيَّةٍ لا يمكنُ لها زعزعةُ قناعةِ أحدنا بوجودِ الخلافِ ووجاهته) لعلمتم يقيناً أنَّ قدرَكُم عندنا عظيمٌ جداً , لأنَّكم بالطبعِ تُجلُّونَ سلفَ هذه الأمَّةِ الصالحَ وإن كانت أقوالهم لا تعني لكم شيئاً في مقابل الحساب , وتقبلوا مشكورينَ فائقَ الاحترامِ والتقدير.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[02 Oct 2010, 12:19 م]ـ
أخطاء منهجية فى معالجة هذا الموضوع
- 1 -
الخطأ الأول
الأخ الفاضل الشيخ نايف
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد
فى واقع الأمر يوجد إشكال كبير فى معالجتكم لموضوع الاعجاز الاحصائى (وأنا أفضّل تسميته بالاحصائى لا بالعددى)
هذا المُشِكل هو أنكم لم تبيّنوا لنا: عن أى نمط من الاعجاز الاحصائى تتحدثون؟
ذلك أن هذا الوجه من الاعجاز ليس نمطا واحدا، وانما له أشكال عديدة، سواء من حيث المنهج، أو من حيث الموضوع كذلك، وتلك مسألة هامة للغاية أرى أنكم قد غفلتم عنها، وإن كان يبدو لى أنكم تقصدون فى المقام الأول الأبحاث المنشورة بالملتقى، وهى فى معظمها - فيما أعلم – تخص الأستاذ جلغوم بالدرجة الأولى
ولكن تلك الأبحاث لا تمثل الاعجاز الاحصائى كله، فالأستاذ جلغوم يبحث فى منطقة بعينها من جهة الموضوع، كما أنه يستخدم طرائق محددة من جهة المنهج، فموضوعه الأثير هو (ترتيب السور والآيات)، ومنهجه فى البحث هو عدد الآيات والسور، وأحيانا عدد الكلمات
ولكن هذا لا يغطى كل موضوعات الاعجاز الاحصائى من جهة، ولا يحصر كل أدواته المنهجية من جهة أخرى
وحتى يكون حديثنا علميا وموضوعيا فإن الأمانة العلمية تقتضى منا أن نكون أكثر تحديدا فى تناولنا للموضوع، حتى لا يتوهم الناس أن هذا الوجه من الاعجاز محصور فى نطاق محدد وضيق هو المعروض فى الملتقى فحسب، بينما هو فى واقع الأمر يُعدّ واسعا ورحبا للغاية
فإننى – مثلا - من الباحثين فى هذا الاعجاز منذ أمد بعيد، ولكنى أسلك فيه مسلكا آخرغير الذى يسلكه زميلى الأستاذ جلغوم، سواء من ناحية الموضوع، أو من ناحية المنهج وأدوات البحث، ولهذا السبب فإننى لا أستطيع أن أتحدث عن الضوابط المنهجية لأبحاث الأستاذ جلغوم وفقه الله، لأنها بعيدة عن مجال بحثى من جهتى المنهج والموضوع معا
ولكنى أستطيع بيسر أن أتحدث عن ضوابط شديدة الإحكام والإتقان فى موضوع آخر من موضوعات الاعجاز الاحصائى العديدة
فهل تقبلون أن أفتح موضوعا أستعرض فيه مظهرا جديدا من مظاهر الاعجاز الاحصائى فى المجال الذى أتقنه؟
أم أنكم لا تريدون عرض نماذج جديدة لهذا الوجه الاعجازى قبل وضع ضوابط عامة يسير عليها كل الباحثين بلا استثناء على إختلاف موضوعاتهم ومناهجههم؟!
هذا ما لم يك واضحا فى ورقتكم البحثية فأردت الاستعلام عنه
وفى إنتظار جوابكم
وفقكم الله لما فيه الخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[02 Oct 2010, 12:24 م]ـ
- 2 -
الخطأ المنهجى الثانى
أما الخطأ الثانى فقد جاء فى كلام الأخ الفاضل محمود الشنقيطى وفقه الله
ذلك أنه يعترض على الباحثين فى الاعجاز الاحصائى بإختلاف القراءات وإختلاف رسم المصاحف
وهو إعتراض لا يصح منهجيا على الاطلاق، وذلك لأنه من غير المقبول ولا المعقول منهجيا أن يُجرى الباحث الاحصائى بحثا محددا على أكثر من قراءة وأكثر من رسم فى نفس الوقت، فتلك أقرب إلى الفوضوية منها إلى المنهجية العلمية السليمة، بل إنها لن تكون من العلم فى شىء
فالباحث الذى يجرى بحثه وفق قراءة حفص مثلا، وعلى مصحف المدينة النبوية الموافق لتلك القراءة، لا يحق لنا أن نسائله: ولماذا تركت قراءة ورش والرسم الذى يوافقها؟
فهذا سؤال لا محل له لعدة أسباب، منها:
أولا: لأن الباحث لم يقل أنه يجحد القراءات الأخرى غير حفص، ولا الرسوم القائمة عليها، واعتماده على قراءة واحدة لا يعنى بالضرورة أنه ينكر ما عداها من قراءات.
ثانيا: لأن مسلك الباحث لا يعنى كذلك أنه ينكر وجود إعجاز خاص بتلك القراءات الأخرى، بل غاية ما يعنيه أنه لم يتسن له البحث فيها والكشف عن إعجازها المخبؤ
ثالثا: لأن المنهج العلمى الصحيح يتميز بالإطراد والموضوعية، لذا يجب توحيد جهة البحث وحصرها فى قراءة واحدة أيا كانت تلك القراءة، فالمهم أن تكون واحدة
أما الخلط بين القراءات فإنه يعد تلفيقا يتنزه عنه البحث العلمى الموضوعى
رابعا: إذا نظرنا إلى الباحث من منظور شخصى نجد أنه شخص مسلم قد نشأ فى بلدة قد اشتهرت فيها قراءة بعينها، فمن الطبيعى أن يُجرى بحوثه على القراءة التى شب عليها وعرفها جيدا دون القراءات الأخرى التى لا يعلم عنها شيئا
خامسا: و مما يؤكد أن إعتماد قراءة واحدة فى البحث هو المنهج العلمى الصحيح هو ما جاء فى ضوابط البحث فى الاعجاز الاحصائى التى أقرتها ندوة دُبى كما سنرى لاحقا
¥