أما الخطأ الثانى فقد جاء فى كلام الأخ الفاضل محمود الشنقيطى وفقه اللهذلك أنه يعترض على الباحثين فى الاعجاز الاحصائى بإختلاف القراءات وإختلاف رسم المصاحف
وهو إعتراض لا يصح منهجيا على الاطلاق، وذلك لأنه من غير المقبول ولا المعقول منهجيا أن يُجرى الباحث الاحصائى بحثا محددا على أكثر من قراءة وأكثر من رسم فى نفس الوقت، فتلك أقرب إلى الفوضوية منها إلى المنهجية العلمية السليمة، بل إنها لن تكون من العلم فى شىء
فالباحث الذى يجرى بحثه وفق قراءة حفص مثلا، وعلى مصحف المدينة النبوية الموافق لتلك القراءة، لا يحق لنا أن نسائله: ولماذا تركت قراءة ورش والرسم الذى يوافقها؟
الأستاذ الكريم: العليمي , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما أجمَلَ هذا الفصلَ المُتحيِّزَ لو جمَّلتمُوهُ بتدليلٍ أو تعليلٍ , كي لا يرُدَّ مخالفكَ كلامكَ بنفسِ هذه العباراتِ فلا تستفيدانِ ولا القراءُ الكرام شيئاً أيَّ شيءٍ من النقاشِ القائم , والذي يُثبِتُ أحقِّيَّةَ التساؤلِ من عدمهِ هو المُعطَياتُ الشرعيةُ والاعتراضاتُ المنطقيةُ التي بُحَّت أصواتُ المنادينَ بها.
ولستُ أدري أيَّ الفريقينِ أحقُّ بالفوضى: أهُمُ الذين يعُدُّون الحروفَ عداً غيرَ منضبطٍ بقاعدةٍ معينةٍ فيحسبونَ المكتوبَ دونَ المنطوقِ تارةً , ويعكسونَ تارةً أخرى , ويتعامَونَ عن تسعةَ عشر وجهاً أخرى ثبتَ بها القرآنُ بالإضافةِ إلى مذاهبَ شتَّى في الرسمِ والقطعِ والوصلِ , أم هُمُ الذينَ يفرحونَ بإعجازِ القرآنِ ويريدونَ لهُ جُهداً مضبوطاً يشتركُ فيه أهلُ القرآنِ مع العادِّينَ فيُحصِّنوا بحوثهم من إغاراتِ الهازئينَ كي لا ينقلبَ إعجازهم مطعناً يُنالُ بهِ من كتاب الله.؟
لأن الباحث لم يقل أنه يجحد القراءات الأخرى غير حفص، ولا الرسوم القائمة عليها، واعتماده على قراءة واحدة لا يعنى بالضرورة أنه ينكر ما عداها من قراءات.
لو قالَ الباحثُ الكريمُ الوالد عبد الله جلغوم - وحاشاه حفظه الله - أو قال غيرُهُ ذلكَ لكانَ أهونَ علينا وعلى اللهِ من جناحِ بعوضةً , لأنَّ هذا ناقضٌ من نواقضِ الإسلامِ المُجمَعِ عليها , والتزكيةُ بتركِهِ قد يفهمُها بعضُ البلاغيينَ تأكيدَ ذمٍّ بما يشبهُ المدحَ.
: لأن مسلك الباحث لا يعنى كذلك أنه ينكر وجود إعجاز خاص بتلك القراءات الأخرى، بل غاية ما يعنيه أنه لم يتسن له البحث فيها والكشف عن إعجازها المخبؤ
إذاً لمَ العجلةُ , والمجالُ مُتاحٌ لإيجادِ مواطنَ عدديَّةِ معجزةٍ تشتركُ فيها القراءاتُ كُلُّها ولا تتضاربُ فيها مذاهبُ الرسمِ والعَدِّ.؟
: لأن المنهج العلمى الصحيح يتميز بالإطراد والموضوعية، لذا يجب توحيد جهة البحث وحصرها فى قراءة واحدة أيا كانت تلك القراءة، فالمهم أن تكون واحدة أما الخلط بين القراءات فإنه يعد تلفيقا يتنزه عنه البحث العلمى الموضوعى
هذهِ: (الخلط بين القراءات فإنه يعد تلفيقا يتنزه عنه البحث العلمى الموضوعى) نتيجةٌ صحيحةٌ متَّفقٌ عليها , ولكنَّها مبنيَّةٌ على مقدِّمةٍ باطلةٍ تقول: (يجب توحيد جهة البحث وحصرها فى قراءة واحدة أيا كانت تلك القراءة)
: إذا نظرنا إلى الباحث من منظور شخصى نجد أنه شخص مسلم قد نشأ فى بلدة قد اشتهرت فيها قراءة بعينها، فمن الطبيعى أن يُجرى بحوثه على القراءة التى شب عليها وعرفها جيدا دون القراءات الأخرى التى لا يعلم عنها شيئا
وهذا أيضاً استطرادٌ لا يخدمُ الخلافَ , وقد يُعذرُ بذلكَ الأعرابُ في عصر التنزيل والآفاقيونَ إبَّانَ بداياتِ الفتحِ الإسلاميِّ , أمَّا والقراءاتُ الصحيحةُ أقربُ إلى أحدنا (أعني المتصدرينَ للبحوثِ القرآنية واكتشافِ الإعجاز) من حبل الوريد فلا مجالَ لهذه الجملةِ.
: و مما يؤكد أن إعتماد قراءة واحدة فى البحث هو المنهج العلمى الصحيح هو ما جاء فى ضوابط البحث فى الاعجاز الاحصائى التى أقرتها ندوة دُبى كما سنرى لاحقا
وفَّقَ الله تعالى القائمينَ على تلكَ النَّدوةِ , لكنَّ هذا الكلامَ كُلَّهُ لا يحوي تبريراً لعنوانهِ الرئيسِ الذي يُنبئُ عن اكتشافٍ خطإٍ (منهجي) وإصلاحهِ , ولك فائقُ الشكرِ والاحترامِ والتقدير.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Oct 2010, 06:23 م]ـ
أخطاء منهجية فى معالجة هذا الموضوع
¥