آمَنُوا بالبيعة لأمير المؤمنين - عليه السلام - ثمَّ كفروا حيث مضَى رسول الله - صلى الله عليه وآله - فلم يقرُّوا بالبيعة، ثمَّ ازدادوا كفرًا بِأَخْذهم مَن بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء" [12] ( http://www.alukah.net/Sharia/1045/24589/#_ftn12#_ftn12).
فهل من الممكن أن نتصوَّر مثْل هذا القول الشَّنيع في الطَّعْن على مِثْلِ أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - وهناك آياتٌ وأحاديث ثابتة، تدُلُّ على فضْلهم ومكانتهم؟! وإذا كانت هذه الرِّواية ليست بالصَّحيحة، فلماذا لم يعقِّب عليها الكليني بعد ذِكْرها؟! لكنَّه ذكَرَها بَعْد آية الاستقامة وقبل آية الرِّدة، وكأنَّه تبنَّى القول بهم جميعًا، والغريب الباطل أنْ زادَ في الآية جملة: "لن تُقْبَل توبتهم"، ولستُ أدري أهي عنده من قرآنِ فاطمة أمْ لا؟
وقد قال أبو جعفر الطبري في تفسير هذه الآية قولاً رَام إليه في شأنها: "وأَوْلَى هذه الأقوال بتأويل الآية، قولُ من قال: عنَى بذلك أهْلَ الكتاب الذين أقَرُّوا بحكم التوراة، ثم كذَّبوا بخلافهم إيَّاه، ثم أقرَّ مَن أقرَّ منهم بعيسى والإنجيل، ثم كذَّب به بخلافه إياه، ثم كذَّب بمحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - والفرقان، فازداد بتكذيبه به كفرًا على كفره.
وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب في تأويل هذه الآية؛ لأنَّ الآية قبلها في قصص أهل الكتابَيْن - أعْني قولَه: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ? [النساء: 136]- ولا دلالة تدلُّ على أنَّ قوله: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ? [النساء: 137]، منقطِعٌ مَعْناه من معْنَى ما قبْلَه، فإلحاقه بما قَبْلَه أولَى، حتَّى تأْتي دلالة دالَّة على انقطاعه منه".
رابعًا: تفسير "الصافي" لِمُلاَّ محسن الكاشاني [13] ( http://www.alukah.net/Sharia/Culture/0/19718/#_ftn5#_ftn5) والموقف من القرآن وتفسيره:
وهنا أَقِف مع نموذج شيعي فيه نوْعٌ من الغلُوِّ في التَّفسير، وهو "مُلاَّ محسن الكاشاني" وتفسيره "الصافي" وذلك فيما يلي:
1 - أقوال بتحريف القرآن مِنْ تفسير "الصافي" لملا محسن الكاشاني:
هذه بعضُ أقوالٍ ذكَرَها "ملا محسن الكاشاني" صاحب تفسير "الصافي"، وهو من جملة التفاسير المُغَالية في القول بالتحريف في القرآن وعصْمة آل البيت والولاية، وقد ساق فيه عدَّةَ روايات وأقاويل مزْعومة بتحريف القرآن وتأْكيده ذلك، وهي أقاويل وروايات ظاهرة الانحراف عن إجْماع الأمَّة في شأن القرآن والمصْحف الذي بين أيدينا اليومَ، فمنها:
(أ) الزَّعْم بأنَّه لا يَعرف القرآنَ الحقَّ إلاَّ آلُ البيت، وأنَّ القرآن له ظاهر وباطن لا يَعْلمه إلاَّ الأوْصياء منهم، فيقول في ذلك في مقدِّمة الصافي: "وفي الكافي بإسناده عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: ما ادَّعَى أحَدٌ من الناس أنَّه جمَع القرآنَ كلَّه كما أُنزِل إلاَّ كذَّاب، وما جمَعه وحَفِظَه كما أَنزَل الله إلاَّ عليُّ بنُ أبي طالب والأئمَّةُ من بَعْدِه - عليهم السلام.
وبإسناده عن أبي جعفر - عليه السلام - أنَّه قال: ما يستطيع أحد أن يدَّعي أنَّ عنده جمَيعَ القرآن كله، ظاهِرَه وباطنه - غير الأوصياء".
وقوله: "وعنه - عليه السلام - إنَّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف؛ لكلِّ آية منها ظَهْر وبطن، ولكل حدٍّ مَطْلع، وفي رواية: ولكلِّ حرف حدٌّ ومطلع، وعنه - عليه السلام - إنَّ للقرآن ظهرًا وبطنًا، ولبطنه بطنًا إلى سبعة أبطن".
(ب) القول بأنَّ عليًا - رضي الله عنه - جمع القرآن بأمْرٍ من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّه القرآن الصحيح وما عدَاه فباطل، وذلك من خلال عدَّة روايات ساقها في مقدِّمته حيث قال: "وتأويل ذلك روَى عليُّ بن إبراهيم القمي في تفسيره بإسناده عن أبي عبدالله - عليه السلام - قال: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال لعلي - عليه السلام -: يا علي، إنَّ القرآن خَلْف فِرَاشي في الصحف والحرير والقراطيس، فخُذُوه واجْمَعوه، ولا تضيِّعوه كما ضيَّعَت اليهود التوراة، فانطلق علي - عليه السلام - فجمعه في ثوب أصفَر، ثم ختَمَ عليه في بيته، وقال: لا أرتدي حتَّى أجْمَعَه، قال: كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رِدَاء حتَّى جمعه، وفي الكافي عن محمد بن سليمان عن بعض أصحابه عن أبي الحسن
¥