تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- عليه السلام - قال: قلت له: جُعِلتُ فِدَاك، إنَّا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نَسمعها، ولا نُحْسِن أن نقرَأها كما بلَغَنا عنكم، فهل نأثَم؟ فقال: لا، اقْرَؤُوا كما تعلَّمتم، فسيجيئُكم مَن يعلِّمكم، أقول: يعني به صاحب الأمر - عليه السلام".

ثم قال: "وبإسناده عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل على أبي عبدالله - عليه السلام - وأنا أستمع، حروفًا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبدالله - عليه السلام -: كُفَّ عن هذه القراءة، واقْرأ كما يقرأ النَّاس، حتَّى يقوم القائم - عليه السلام - فإذا قام قرأ كتاب الله - تعالى - على حدِّه، وأخرج المصْحف الذي كتبه علي - عليه السلام - وقال: أَخرَجَه عليٌّ - عليه السلام - إلى الناس حين فرغ منه وكتَبَه، فقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزله الله على محمَّد - صلى الله عليه وآله - وقد جمَعْتُه بين اللَّوحين فقالوا: هو ذا عندنا، مصحف جامع فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه، فقال: أمَا والله ما ترَوْنه بَعد يومِكم هذا أبدًا، إنَّما كان عليَّ أنْ أخبركم حين جمعتُه لتقرَؤُوه".

وفي "تفسير العياشي" عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: لولا إنَّه زِيدَ في كتاب الله ونُقِص، ما خَفِي حقُّنا على ذي حِجى، ولو قد قام قائمنا فنطَق صدَّقَه القرآن، وفيه عن أبي عبدالله - عليه السلام - قال: لو قُرِئ القرآنُ كما أُنزل لأَلْفَيتنا فيه مُسَمَّين".

(ج) وهذا قولٌ مِن أشدِّ ما يبيِّن فيه القولَ بتحريف القرآن وإيمانه بذلك، بعد ذِكْرِه عددًا من الرِّوايات، فعَقَّب عليها قائلاً: "أقول: المستفاد من مجموع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت - عليهم السلام - أنَّ القرآن الذي بين أظْهُرِنا ليس بتمامه كما أُنِزل على محمَّد - صلى الله عليه وآله وسلم - منه ما هو خِلافُ ما أَنزل الله، ومنه ما هو مغيَّر ومحرَّف، وإنَّه قد حُذِف منه أشياء كثيرة، منها اسْمُ عليٍّ - عليه السلامُ - في كثير من المواضع، ومنها غير ذلك، وأنَّه ليس - أيضًا - على الترتيب المَرْضِيِّ عند الله وعند رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - وبه قال علي بن إبراهيم في تفسيره".

وقد ذكَر روايةً غريبةً منْكَرة في قوله - تعالى -: ? لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ? [الواقعة: 79] قال فيها: "وفي الاحتجاج لما استُخلِف عُمَر سأل عليًّا - عليه السلام - أن يَدفع إليهم القرآن فيحرِّفوه فيما بينهم، فقال: يا أبا الحسن، إن جئْتَ بالقرآن الذي جئتَ به إلى أبي بكر حتَّى نَجتمع عليه، فقال: هيهات! ليس إلى ذلك سبيل، إنَّما جئْتُ به إلى أبي بكر؛ لِتَقوم الحُجَّة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة: إنَّا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا: ما جئْتَنا به، فإنَّ القرآن الذي عندي، لا يمَسُّه إلاَّ المطهَّرون والأوصياء من ولَدِي، فقال عمر: فهل وقْتٌ لإظهاره معلوم؟ قال علي - عليه السلام -: نعَم، إذا قام القائم من ولَدِي يُظْهِره، ويَحمل الناس عليه، فتَجْرِي السُّنة به، أقول: وفي التَّحقيق لا منافاة بين المعْنَيَين؛ لجواز الجمع بينهما وإرادة كلٍّ منهما أو يكون أحدُهما تفسيرًا والآخَر تأويلاً".

ثم هو بعْدَ تِلْكم الرِّوايات التي ساقها في مقدِّمته متَذبْذِب أيضًا في القول بالتحريف، ويحاول التخلُّص من ذلك بأنَّ التحريف قد يقع في بعض الأسماء بالحذف، كحَذْفِ اسْم "علي" فلا يضر، أو أنَّ التحريف وقع في تفسيره.

هذا قليل من كثير، من هذا السُّم القاتل، والقول الباطل حول كتاب الله - تعالى - "القرآن" المُنَزَّل من فوق سبع سمَاوات، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خَلْفه، تَنْزيل من حكيم حميد، وقد سُقْتُها؛ حتَّى لا ينخدع فِئَام من الناس بهم، وحتَّى لا يتقوَّلوا بالباطل أنَّ أهْل السُّنة لا يَمْلكون من الحجج والبراهين ما يدلِّل بيقين على قولهم.

ومَن وقَفَ على مصنَّفاتهم طفَحَت له مئاتٌ من الأدلَّة والأقوال الظاهرة، من مِثْل الغُثَاء السَّابق ذِكْره، ولَسْنا بالأدْعياء، ولا يُمْكن لعلمائهم أن يُنْكِروا وجود هذا عندَهم، إلاَّ إنْ أَحْرقوا كتبهم وأَتْلفوها، وقالوا لنا: أين البرهان؟ أو أنْ يقوموا فيَحذفوا منها، أو أن يَنفوا نِسْبتَها لأئمَّتهم وعلمائهم، وكلُّ هذا غير ممكن ولا ريب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير