تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - عقيدة "الكاشاني" من خلال تفسيره سورة الرعد في "الصافي":

وقد تأمَّلْتُ في تفسير سورة الرعد من كتاب "التفسير الصافي"، "لمحسن الفيض الكاشاني" [14] ( http://www.alukah.net/Sharia/1045/24589/#_ftn14#_ftn14) من كُتِبهم، وهو من غُلاتِهم، فوجَدْتُ أنَّه قد ساق في تفسيرها كثيرًا من الأعاجيب والمسائل وبعض العقائد الباطلة، والتي حملها لآيات القرآن بما لا يمكن احتماله، ولا جاء الدَّليل الصحيح عليه، من كتاب الله - تعالى - نفْسِه، أو من سُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وهذا إيراد لبعض الأمثلة من تفسير سورة "الرعد"، ولن أقف معها طويلاً:

1 - ففي قوله - تعالى -: ? وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ? [الرعد: 4].

ساق "الكاشاني" روايةً يزْعم فيها أنَّ تفسير القِطَع المتجاورات هو النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلِيٌّ - رضي الله عنه - فيقول: "يَعني هذه الأرض الطيِّبة مجاوِرَة لهذه الأرض المالحة، وليست منها، كما يُجَاور القومُ القومَ ولَيسوا منهم، وفي المَجْمع عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنَّه قال لعلي - عليه السلام -: النَّاس من شجَر شتَّى، وأنا وأنت مِن شجرة واحدة، ثم قرأ هذه الآية".

وهذا الرِّواية الملْحَقة بهذا التفسير ضعيفةٌ من وجْهَين:

الأوَّل: من جهة ثُبوت صحَّة هذه الرواية عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعن علي - رضي الله عنه - وقد نَقَل هذه الرِّوايةَ القرطبِيُّ في تفسيره، وكذلك السيوطي، ولم أطَّلِع على باقي التفاسير، وقال السيوطي فيها: "وأخرج الحاكِمُ وصحَّحه وضعَّفه الذهبي وابن مردويه، عن جابر - رضي الله عنه"، ثم ساق الرِّواية بنصِّها.

وجاء في "مجمع الزوائد": "رواه الطَّبراني في "الأوسط"، وفيه مَن لم أعرفه ومَن اختُلِف فيه".

وقد ذكَر الذهبي وابن حجَر العسقلانِيُّ أنَّ الحديث من رواية ابن عمر فيه رجل متَّهم هو: "صباح بن يحيى".

قال فيه الذَّهبي في "الميزان": "صباح بن يحيى متْروك، بل متَّهم".

وقال ابن حجر في "اللسان": "صباح بن يحيى عن الحارث بن حصيرة، عن جميع - ثلاثتهم من الشِّيعة - وكان جميع من رؤسائهم والآفة في هذا الخبر من غيره، وأمَّا هو فذَكَره ابن عدي فقال: كوفي، ونقل عن البخاري أنَّه قال: فيه نظر، قال ابن عدي: هو من جملة الشيعة".

كما أشار إليه بالوضْع ابنُ الجوْزي في "الموضوعات"، ولا يَفُوتني هنا أنْ أذكر أنَّ هناك رواياتٍ أخْرى شبيهةً بهذه الرواية ولها مقال آخَر.

وإذا ثبَتَت صحَّة الحديث مع هذا، فقد نقول: إنَّ له مَحْملاً شرعيًّا صحيحًا في بيان حُبِّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبيان مكانة علي وفضْله، وكونه ابن عمِّه ومن قريش، وأنَّ أصْلَهما في الرَّحِم واحد كما جاء في الحديث: ((أنت منِّي بمنْزلة هارون من موسى)).

والحَقُّ أنَّ إثْبات فضْلٍ لِصَحابي بعيْنه لا يَعْني نفْي الفضيلة عن غيره من سائر الصحابة الكِرَام، فقد ثبتت نصوص واضحة في الكتاب والسُّنة في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - وكذلك تفضيلهم.

الثَّاني: أنَّ هذا تَحْميلٌ للآية على خلاف الوجْه الصحيح الواضح لدَى أهْل التفسير المعْتبَرين؛ حيث إنَّ الله - تعالى - يتكلَّم عن آية من آيات قدْرته في الخَلْق وهي الأرض، وقد قال أبو جعفر الطَّبري - رحمه الله -: "يقول - تعالى ذِكْرُه -: ? وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ ? [الرعد: 4]، وفي الأرض قِطَع منها متقاربات متدانيات، يَقْرب بعضها من بعض بالجوَار، وتختلف بالتفاضل مع تجاوُرِها، وقُرْبِ بعْضِها من بعض، فمنها قِطْعة سبخةٌ لا تُنْبِت شيئًا في جوار قطعة طيِّبة تُنْبت وتنفع" [15] ( http://www.alukah.net/Sharia/1045/24589/#_ftn15#_ftn15)، ثم ساق عدَّةَ روايات تدلُّ على المعنى المذكور هنا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير