تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذلك قال ابن كثير الدمشقي - رحمه الله -: "أراضٍ تُجاوِرُ بعضُها بعضًا، مع أنَّ هذه طيِّبة تنبت ما يَنتفع به النَّاس، وهذه سَبَخة مالِحَة لا تُنْبِت شيئًا، هكذا رُوِي عن ابن عبَّاس، ومجاهد، وسعيد بن جُبَيْر، والضحَّاك، وغيرهم، وكذا يَدْخل في هذه الآية اختلافُ ألوانِ بقاع الأرض؛ فهذه ترْبة حمْراء، وهذه بيضاء، وهذه صفراء، وهذه سوداء، وهذه محجرة، وهذه سهلة، وهذه مرملة، وهذه سميكة، وهذه رقيقة، والكلُّ متجاورات، فهذه بصِفَتها، وهذه بصفتها الأخْرى، فهذا كلُّه مما يدلُّ على الفاعل المخْتار، لا إله إلاَّ هو، ولا ربَّ سِوَاه" [16] ( http://www.alukah.net/Sharia/1045/24589/#_ftn16#_ftn16).

وعلى هذا فإنَّ إقْحام ذِكْر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلي - رضي الله عنه - في تفسير الآية لا وجْهَ له، ولا برهان، إلاَّ أنَّ صاحب التفسير أراد بيانَ وإثباتَ فضيلةٍ لعلي دون غيره من سائر الأصحاب الكرام.

2 - وفي قوله - تعالى -: ? وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ? [الرعد: 7].

فقد حاول "الكاشانيُّ" العبثَ بتفسير الآية؛ ليُوجِّهها نَحْو صِدْق معتقَدِه بالأئمَّة المعْصومين، وأنَّهم الأوصياء على خلافة الأمَّة من بعْد علي - رضي الله عنه - وذلك من خلال المعهود من منْهجه من سَوْق الروايات التي لا رابط لها ولا سند ولا خطام، فقال: "ولكلِّ قوم هادٍ يَهْديهم إلى الدِّين، ويدعوهم إلى الله بِوَجْه من الهداية وبآية خصَّ بها، في "المجمع": لمَّا نزَلَت هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: أنَا المُنْذِر، وعليٌّ الهادي من بعْدي، يا علي، بِكَ يَهتدي المهْتَدون.

وفي الكافي عن الباقر - عليه السلام -: رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المنذر، ولكلِّ زمان منَّا هادٍ يَهْديهم إلى ما جاء به نبِيُّ الله، ثم الهُدَاة من بعده عليٌّ، ثمَّ الأوصياء، واحد بعد واحد.

وعن الصادق - عليه السلام -: كلُّ إمام هادٍ للقرْن الذي هو فيهم، ومثله في "الإكمال" وروَاه القمي والعياشي وغير واحد من الخاصَّة والعامة في غير واحد من الأسانيد، والقمي رد على مَن أنكَر أنَّ في كلِّ عصْر وزمان إمامًا، وأنَّه لا تَخْلو الأرض من حُجَّة".

وهذا مرْدود عليه أيضًا مِن وجوه:

الأوَّل: مِن حيث لا دليل على صِدْق ثبوت هذه الروايات؛ فرواية المجْمَع هذه: "أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي، يا علي بك يهتدي المهتدون"، قال عنها ابن كثير في تفسيره: "وهذا الحديث فيه نكَارة شديدة".

وقد علَّق عليه العلاَّمة أحْمد شاكر في "تفسير الطبري" فقال: "وهذا خبَرٌ هالِكٌ من نواحيه، وقد ذكَرَه الذَّهبي وابنُ حجَر في ترجمة "الحسن بن الحسين الأنصاري" قالاَ بعد أن سَاقا الخبر بإسناده ولفْظِه، ونِسْبته لابن جرير أيضًا: "مُعَاذ نَكِرة، فلعلَّ الآفَة منه وأقول: بل الآفة من كِلَيهما: الحسن بن الحسين، ومعاذ بن مسلم".

وقال عنه ابن الجوزي في "زاد المسير": "وهذا من مَوْضوعات الرَّافضة".

وقال ابن عطيَّة المحاربي: "قال القاضي أبو محمَّد: والذي يشْبِهه - إنْ صحَّ هذا - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنَّما جعَل عليًّا - رضي الله عنه - مثالاً من علماء الأمَّة وهُدَاتها إلى الدِّين، كأنَّه قال: أنْت يا عليُّ وصِنْفك، فيدخل في هذا أبو بكر وعُمَر وعثمان وسائر علماء الصحابة، ثم كذلك مِن كلِّ عصْر، فيكون المعنى - على هذا - إنما أنْت يا محمَّد ولكلِّ قوْم في القديم والحديث دعاة وهُدَاة إلى الخير".

ومن وجْه آخر: أنَّه لا دليل شرْعيًّا من الوحْيَين "الكتاب، والسُّنة" يؤكِّد هذا أو يثْبِته، بل الثابت بالسُّنة االعملية الواضحة أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ترك الأمر شُورَى بين الصحابة في أمْرِ الخلافة.

أمَّا الوجه الثالث: فإنَّ أهْل العلْم بيَّنوا أنَّ الحديث هنا في الآية الكريمة لا علاقة له بذِكْر الإمامة ولا الأئمَّة، إنَّما هو إثْباتُ رسالة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهدايته للمشركين، كما سبَقَه هُدَاةٌ من الرسل والأنبياء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير