قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ.
قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ!
قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟
قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ.
قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟
قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ ". متفق عليه
فالذنب الأول بين النبي صلى الله عليه وسلم ضعف الداعي إليه بقوله: " وَهُوَ خَلَقَكَ "، فكونُ الله عز وجل خالقاً لك، ينبغي أن يكون داعياً إلى عبوديته لا إلى الإشراك به، وكذلك في الذنب الثاني فإن داعي الأبوَّة يردع عن قتل الولد، فيكون قتله مع توفر الداعي إلى ضد ذلك ذنباً عظيماً، وكذلك الذنب الثالث فإن في الجوار ما يدعو إلى الإحسان وطيب المعاشرة، حتى إن الجاهليين كانوا يدركون ذلك، وفي ذلك يقول عنترة:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي = حتى يواري جارتي مأواها
فإن فجر الجار بحليلة جارِه كان ذلك مخالفاً لما تدعو إليه الفطرة من حفظِ الجوار، فكان ذنباً عظيماً دالاً على خُبث صاحبه واستحقاقه من العذاب ما لا يستحقه من قوي داعيه لهذا الفعل.
ومن هذا الباب أيضاً: أن المعصية في البلد الحرام ليست كالمعصية في غيره، لأن العبد إذا كان في بلد سيده فإن الداعي إلى مخالفته وعصيانه يكون ضعيفاً جداً، فإن عصاه استحق العذاب الأليم، كما قال تعالى: " وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ " قال ابن القيم في زاد المعاد: " فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه ".
وفي المقابل: فإن العبد إذا أحجم عن المعصية مع توفر دواعيها كان هذا أعلى وأعظم ممن أحجم عنها دون أن يكون في نفسه ما يدعوه إليها.
قال الإمام أحمد في كتاب الزهد: حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد قال: كُتب إلى عمر يا أمير المؤمنين، رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر رضي الله عنه: إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها: " أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ".
ولهذا نال يوسف عليه السلام من الأجر في الدنيا والآخر وثناء الله تعالى عليه ما نال، بسبب إحجامه وتمنعه عن معصية توفرت دواعيها، ولابن القيم في هذا كلام لطيف ذكره في آخر الجواب الكافي فقال: " وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف بصبره وعفته وتقواه مع إن الذي ابتلي به أمر لا يصبر عليه إلا من صبره الله عليه، فإن موافقة الفعل بحسب قوة الداعي وزوال المانع، وكان الداعي ها هنا في غاية القوة، وذلك لوجوه "، ثم ذكر تلك الوجوه فراجعها.
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[30 Sep 2010, 11:19 م]ـ
أحد احتمالين، وقد يجتمعان
1 - أن المسألة تشريع عام؛ كقوله تعالى " ولا تقربوا الزنا " فليس كل المسلمين يزنون.
2 - التحذير مما يمكن أن يقع مستقبلا؛ فكأنه يقول له: إذا من الله عليه بالغنى؛ فلا تبطر، ولا تفخر، ولا تتكبر .. وتذكر أصلك.
هذا إذا صح أصلا أنه عبد، كما أشار الشيخ أبوسعد
ـ[أبو المهند]ــــــــ[30 Sep 2010, 11:39 م]ـ
يا أخانا محمد إن عين ما استعذبته من كلام غيرنا هو هو ما اعترضته ولم ترتضه، وقد أضاف الأخ الفاضل والشيخ الحاذق أبو سعد الغامدي إضافات أسعدتني وأفدتُ منها وأكملتْ وحرَّرَتْ ما حاولتُه أنا، فله من الشكر المزيد لذلك ولكونه ـ أيضا ـ أطال النفس تفنيدا وتوجيها وشارحا بما ينشرح له الصدر.
والعلم ليس صراعا على سلطة، العلم بالتعلم والحق أبلج.
أسأل الله أن يلزمنا هضم النفس وسعة الصدر وذل العلماء وانكسار الإتقياء آمين.
ـ[محمد براء]ــــــــ[01 Oct 2010, 01:53 ص]ـ
يا أخانا محمد إن عين ما استعذبته من كلام غيرنا هو هو ما اعترضته ولم ترتضه
والعلم ليس صراعا على سلطة، العلم بالتعلم والحق أبلج.
أسأل الله أن يلزمنا هضم النفس وسعة الصدر وذل العلماء وانكسار الإتقياء آمين.
يا أبا المهند أنت (عذب) وكلامك (عذب) وسقاك الله من الماء (العذب) ..
بس ما تزعل الله يخليك .. ما في شي بستاهل!!
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[01 Oct 2010, 04:22 ص]ـ
¥