العرب من اللُّغة. ولذلك هو يَكاد يُضاهي الصِّحاح للجوهري في جودة اللُّغة، لذلك اللُّغة لو وجدتها في كتاب المجمل فهي أشبه ما يكون بالأحاديث الصحيحة.
وللرَّاغب الأصفهاني كتباً كثيرة من أشهرها:
محاضرات الأدباء وهي اختيارات أدبية وهي مثل عيون الأخبار لابن قتيبة
وله كتاب اسمه (الذَّريعة في مكارم الشَّريعة) وله غيرها من الكتب.
وله كتاب في التّفسير طُبع جزءاً منه محقَّقاً في دار الوطن بتحقيق الدكتور عادل الشِّدي
المقدّم: له كتاب اسمه (الكُليّات) لا أدري إذا كان موجوداً أم مفقوداً
الضيّف: ليس موجوداً. وله أيضاً كتب جيِّدة في القرآن ولكنّها ليست موجودة.
المقدّم: بالنسبة لكتاب (مفردات القرآن) هل سُبِق إليه غيره؟
الضيّف: مفردات ألفاظ القرآن هي تتحدَّث عن ألفاظ القرآن الكريم وليست فقط عن غريب القرآن الكريم، فهو حاول أن يستوعب كل الكلمات التي وردت في القرآن الكريم ويتحدّث عنها، وفاته تقريبا ثمان مفردات فقط. فهو جهد رائع جدّاً. يعتبر الكتاب من أجود معاجم المفردات القرآنية ولذلك أثنى عليه العلماء بعد الزّركشي وغيره، ولذلك بعضهم يوصي بحفظه وبعضهم يُكثر من النّقل عنه.
من ميزات هذا الكتاب:
أوّلاً: أنّه حاول استيعاب مفردات القرآن، ثانياً: أجاد في البيان عن المفردات فهو عندما يتحدّث عن مُفردة إنّما يتحدّث حديث عالم متّتبع مستقصي للمعاني ولذلك يُعتبر من أقدم من تحدَّث عن المفردة من زاويتين من زاوية (جانب الحقيقة في المفردة) ثمّ التَّعبيرات المجازية، لذلك هو قد سبق الزمخشري في كتابه (أساس البلاغة) يعتبر من مميزاته أنّه يتحدّث عن المعانيى الحقيقية للمُفردة ثم يأتي بالمجازية.
أيضاً حسن ترتيبه فقد رتبّه ترتيبا معجميا، والمعجم المقصود به هو الكتاب الذّي رُتِّبت فيه المواد ترتيباً ألف بائياً أو أبجدياً حسب حروف المعجم. وأصل كلمة معجم تكلّم عنه ابن منظور في (لِسان العرب) كلاماً جيِّداً.
طبعاً المؤلف رتّب كتابه ألف بائياً، ثم يأتي في داخل كل كتاب فسمّاه (كتاب الألف، كتاب الباء، كتاب التّاء) إلى آخره، فيُرَتِّبها داخل المفردة على حسب الألف ثم الباء ثم التاء إلى آخره. فيبدأ بكلمة (أبى)، فمثلاً تُريد أن تبحث عن كلمة (حَرَد) كما في سورة القلم (وغَدَوا على حَردٍ قادرين)، زمان قبل الرَّاغب الأصفهاني بل قبل السجستاني صاحب كتاب (نزهة القُلوب). لعلّنا نتحدّث عنه عندما نتحدّث عن المعاجم، أوّل من ابتدأ في المعاجم القرآنية فكرة ترتيب المفردات على حسب الألف بائي دون السُّور، كان ابن قُتيبة يُرَّتبه على حسب السُّور، فأنت الآن كلمة (حَرَد) مباشرة تذهب إلى سُورة القلم تجد الكلمة، لكن هنا لا، تذهب كتاب الحاء ثم تتبَّع الحاء ثم الباء ثم التَّاء إلى آخره حتى تصل إلى حرَث ثم حَرَجَ ثمّ حَرَد، فتجد كلمة (حَرَد) يقول الحَرد المنعُ من حِدَّةٍ وغضَبِ يعني ليس المنع العادي. قال عزَّوجل (وغَدَوا على حَردٍ قادرين) أيّ على امتناعٍ من أن يتناولوه قادرين على ذلك، ونزَلَ فلاناً حِريداً أيّ ممتنعاً عن مخالطة القوم فهو حريدُ المحل، وحاردت السَّنةُ منعت قطرها .. انتهى.
لكن انظر إلى كلمة أخرى وَردت أكثر من مرّة مثل (حَرَجَ) يقول أصل الحَرَج والحَرَاجي مجتمعُ الشيئين ص 226، وتُصُوِّر منه ضيقَ ما بينهما، فالضيِّق حَرَجٌ،وللإثمِ حَرَجٌ قال تعالى (ثمَّ لا يجدوا في أنفسهم حَرَجاً) وقال عزَّوجل (وما جعل عليكم في الدِّينِ من حرج) وقد حَرِجَ صدره قال تعالى (يجعل صَدَرَه ضيِّقاً حَرَجا كأنما يصَّعَّدُ في السَّماء) وقُرئَ (حَرِجاً) أي ضيِّقاً بكفره لأنّ الكفر لا يكاد تسكُنُ إليه النّفس لكونه اعتقاداً عن ظنٍّ، وقيل ضُيِّق بالإسلام كما قال تعالى (خَتَم الله على قلوبهم) وقوله تعالى (فلا يكن في صدركَ حَرجٌ منه) قيل هو نهيٌ، وقيل هو دعاءٌ، وقيل هو حُكمٌ منه، نحو (ألَم نشرح لكَ صَدرَك) والمتحرِّج المتحوِّبُ المتجنِّبُ من الحَرَجِ والحبو.
فنُلاحظ أنّه يجمع الآيات التي وردت في نفس اللّفظة من القرآن كامل وهذه ميزة عنده، فيُقَدِّم الحديث عن القرآن ثمَّ يستشهد بالأحاديث أحياناً ويستشهد بالشِّعر أحياناً، ثمَّ إذا كانت لها معانٍ مجازية ذكرها بآخر حديثه.
¥