ومثل الانجليزية في هذا التقسيم الفرنسيةُ، وسائر الأوربيات التي توخت القواعد اللاتينية، ووجدت أن بعض الهندوأربيات اتبعت التقسيم اللاتيني لأقسام الكلمة؛ لأنه تقسيم يصدق على أقسامها في واقع الأمر.
وكثرة الأقسام وتعصيها على الاختصار تعني فيما تعنيه نوعاً من تفلت الزمام وتعثّراً في اطراد الأحكام وفشلاً في انتظام الأقسام على أقل من ذلك العدد من الأقسام.
وحق العربية، وهي الكبيرة المعجم والكثيرة الأصوات، أن تكون أقسام كلِمها أكثر، ولكن رأينا العكس، وسبب ذلك أن الأكثر أقساماً هو الأكثر تعقيداً، وأن العكس بالعكس.
فإذا أضيف إلى كثرة أقسام الكلمة كثرةُ أزمنة الفعل (22 زمناً)، وكثرةُ الصيغ المعبرة عن تلك الأزمنة، وكثرة الأفعال الشاذة في تصريفها والمختلفة في صيغتها، حتى كأن الأصل هو اختلافها وشذوذها = يبلغ التعقيد مدى لا تشعر به في العربية التي تتكون من ثلاث صيغ (ماض ومضارع وأمر)، تعبر بها وبغيرها من المشتقات المتصرفة والمقيسة والمطردة، عن فروع تلك الأزمنة الثلاثة (المضي والحضور والاستقبال). ويكاد يتفق الدارسون أن قواعد الأفعال والضمائر هي من أصعب ما يمر به المتعلم في الانجليزية.
وهذا التقسيم في الانجليزية، وما كان في شبه نظامها من الألسنة ذات الأصول اللاتينية (الهندوأربية)، يخلط بين نحو الكلمة ونحو الجملة (انظر مثلاً المصطلحات: الأمثال).
وليس محل الإشكال هو كثرة الأزمنة؛ فالإنسان مضطرّ إلى معرفتها بدقة واستعمالها على ظروفها ومنازلها؛ بخلاف كثرة الصيغ المعبرة عنها التي هي المركب الصعب.
وترى في الانجليزية تحت تلك الأقسام) مقسمة تقسيماً عُمقيّاً أو رأسيّاً، وتأتي فيه الأنواع المندرجة تحت القسم السطحي/ الأفقي السالف) مفرداتٍ تقل عن مفردات العربية في الدلالة على الأشياء، مثال ذلك الضمائر: I We You They He She It، ومثل أدوات الشرط التي تفوق العشرين في العربية، وليست إلا واحدة في الإنجليزية: IF.
فهي كثيرة الأقسام قليلة الألفاظ؛ بخلاف العربية قليلة الأقسام كثيرة الألفاظ.
واختفى من الانجليزية ما يعبر عن الضمائر العربية: أنتِ أنتما أنتنّ هما هنّ. وجعلوا ضميراً لغير العاقل ( It)؛ اعتبروا غير العاقل، ولم يعتبروا النساء (التأنيث)!.والعرب ترى أن لكل شيء عقلاً بحسبه، نحو قوله: (قالت نملة:) (قالتا: أتينا طائعين)، ويا جبلُ، ألا أيها الليلُ.
دع حروف الجرّ، فهي في العربية: عشرون، وفي تلك الألسنة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. وحروف الجر من روابط الكلام، وهي تجرّ في العربية ليس غير، أما في غيرها فهي جارّة بلا جرّ.
ولك أن تتصور الفرق بين ذينك التقسيمين في تكليف المبتدئين استخراج أقسام الكلام العربي من نص عربي، واستخراج أقسام الكلام من نص انجليزي!.
وتعتمد ألسنة كثيرة على الأفعال المساعدة في أداء معانٍ جليلة، كأفعال الكينونة وأفعال الملكية وغيرها، وذلك لضعف في قدرة أفعالها عن تحمل الدلالة الزمنية في طيها وعن قصورها عن أن تسند إليها الضمائر، كما سيأتي في نحو الجملة.
ومر بنا أن الصينية تتكون من مقاطع .. فلا معنى للتقسيم السالف فيها!، ولا تستطيع أن تعرف من شكل المفردة الصينية أهي اسم أم فعل أم صفة أم ضمير أم جماد أم إنسان؟، إلا في السياق (كالحرف عندنا: يدل على معني مع غيره)، وقد يسمع الصينيّ المقاطع واضحة فلا يفهم مدلولها، وتستعمل المقاطع في تكوين الكلمات المفردة بأنواعها (أسماء/ أفعال/ حروف). وقد ترى جملةً من مقطعين ومفردةً من ثلاثة مقاطع، والأغلب أن لكل مفردة مقطعاً واحداً كالقالب الجامد، لا يجرّد ولا يوزن ولا يبدل ولا يتصرف إلا نادراً وبلواحق.
¥