تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[26 Oct 2010, 09:33 م]ـ

جزاك الله خيراً

وجود أكثر من معنى كلها صائبة ليس محل حديثنا.

ولازال السؤال قائماً:

هل المعنى الصواب لتلك الأحرف كان معلوماً لجيل الصحابة رض3؟

فإن كان معلوماً لهم .. فما هو؟

شكر الله لك.

شكر الله لك، وجزاك خيرا أخى الكريم

كنت قد عقدت العزم على الخروج من الموضوع، وأكدت هذا بذكر دعاء ختم المجلس، ولكنى وجدت أنه ليس من اللياقة ولا من الأدب أن أهمل سؤال أخى الكريم بألا أعبأ به أو أتركه بلا رد

ولأنى أدرك جيدا أن سؤال أخى الفاضل ليس سؤالا عاديا، بل إنه سؤال ذو أبعاد كبيرة، فلهذا آثرت أن يأتى الرد عليه من شخصية علمية مرموقة ولها ثقلها ووزنها العلمى

إنه المفكر الاسلامى الكبيرالأستاذ الدكتور محمد عمارة، ففى كتابه الموسوم ((شبهات واجابات حول القرآن الكريم)) والصادر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر، يقول فى صفحة 82 منه ما يلى:

((يظل الباب مفتوحا أمام العقل المتدبر فى أسرار القرآن لاكتشاف وجوه جديدة للاعجازوالاطلاع على أسرار قرآنية لم يعرفها الأقدمون - بمن فيهم الصحابة رضوان الله عليهم - فهذا لا يقدح فى القرآن الكريم، وانما هو الطبيعى مع هذا الكتاب المتنامية أوجه اعجازه، والمتدفقة مستجدات معانيه، والمتوالية كنوز أسراره مع مراحل نمو العقل الانسانى، وتراكم العلوم والمعارف المعينة على اكتشاف أسرار آياته، واشتداد عودالفكر المتدبر لأبعاد هذا القرآن الكريم. ولذلك فإن تصور ضرورة معرفة جيل الصحابة بكل أسرار القرآن وعجائبه هو الأمر الغريب. . . بل هو التصور الذى يقدح فى القرآن الكريم!. . . انطلاقا من هذه الحقيقة لا نرى بأسا من فتح أبواب جديدة لفهم الرموز التى جاءت فواتح لبعض سور القرآن الكريم، والتى لم تعد تفسيرات القدماء لها مقنعة للعقل المسلم فى العصر الذى نعيش فيه. . . ان بقاء الباب مفتوحا لاكتشاف المعانى الجديدة والأسرار غير المسبوقة لهذه الحروف والرموز هو الطبيعى، فنحن أمام كتاب لا تنقضى عجائبه ولا تنفد مكتشفات أسراره، ولسنا أمام نص قد طوت الأفهام - حتى ولو كانت أفهام الصحابة - كل أسراره ومعانيه ومراميه))

انتهى الاقتباس من الكتاب المذكور، والمرجو الإنتباه جيدا للفقرات الملونة بالأحمر والتى وضعتُ تحتها خط لأن فيها يكمن الجواب عن السؤال المطروح

فمن هذا الكلام يتبين لنا أنه ليس من الضرورى ولا الحتمى أن يكون المعنى الإعجازى الكبير لتلك الأحرف معلوما لجيل الصحابة رضى الله عنهم، وهذا لا يقدح فى علمهم أو فى فضلهم على الإطلاق، ويُخطىء كثيرا من يظن ذلك، أو من يربط هذا بذاك

فإنهم قد علموا من معانى تلك الأحرف ما أراد الله لهم أن يعلموه، علموا منها القدر الذى يتناسب مع ظروف عصرهم ومع مبلغ العلم فيه، والله لا يكلف نفسا إلا ما آتاها

المهم فى الأمر أنهم علموا من معانيها شيئا يمكن أن يُوصف بأنه صواب فى حد ذاته

أما ماذا يكون هذا الشىء الذى علموه منها؟ فمثل هذا السؤال قد يُعد فضولا منا، لأنه ما أدرانا أن ذلك المعنى الذى عقلوه قد وصل إلينا؟، أو أن الله عز وجل قد قيض له التدوين والتسجيل كى يصل إلينا؟

هذا ما لا يمكن الجزم به مطلقا

بل قد يكون العكس من هذا هو ما حدث، وذلك وفقاً لحكمة إلهية بالغة، إليك بعض تفاصيلها:

قد يكون هذا المعنى الذى فهموه منها لم يصل الينا بقدر الله تعالى وتدبيره الحكيم لأن هذا المعنى كان فهما خاصا بهم، أو بمعنى أكثر دقة كان فهما مرحلياً يناسب طبيعة عصرهم ولايوافق المدلول الكبير لها والذى يعد اعجازيا بكل ما فى كلمة اعجاز من معنى (كما سوف نرى حين يأذن الله بذلك)، فقد يكون الله عز وجل لم يشأ لهذا الفهم أن يستعلن، ولم يقيض له الإنتشار والذيوع لهذا السبب

وأيضا قد يكون هذا له سبب آخر هو: لأن هذا لو حدث (بأن وصل إلينا فهم الصحابة الكرام لها على نحو قاطع) لتمسّكنا حينذاك بهذا الفهم وحده ولعضضنا عليه بالنواجذ ضاربين صفحا عن أى محاولة للإجتهاد فى فهم تلك الفواتح،لأن فهمهم سيكون حينذاك هو المقدم على كل فهم آخر سواه، وفى تلك الحالة سيتوقف الإجتهاد والتدبر فيها مما يُفوّت علينا إدراك حقيقتها الاعجازية والوقوف على وجوه الإعجاز الكامنة فيها، وهى الوجوه التى ادخرها سبحانه لأهل هذا العصر الحاضر الذى نعيشه

ومع ذلك أقول: إنه من الممكن التوصل إلى حقيقة ما كان عليه فهم جيل الصحابة رضوان الله عليهم لتلك الفواتح، ولكن ذلك لن يحدث إلا عن طريق الإستنباط والتدبر الشامل الدقيق، وأعتقد أنى قد تمكنت بفضل الله تعالى من التوصل إليه، وبالقرائن والأدلة القرآنية الخالصة، أما تفصيل هذا الكلام وبيانه فيحتاجان الى وقت كثير؛ لأنى قد حررت هذه المسألة وحدها - والخاصة بفهم الأقدمين للحروف المتقطعة - فى فصل كامل طويل من كتابى ((حل رموز فواتح السور، وبيان اعجازها العظيم)) والذى لم يخرج الى النور بعد

وبعد، فقد كان هذا بعض ما أسفر عنه بحثى الطويل فى تلك المسألة، وهو البحث الذى استغرق منى نحو عقدين من الزمان حتى تم الكشف عن وجوه الاعجاز الرائعة فى تلك الأحرف جميعا، وأرجو الله تعالى أن ييسر لى إخراج هذا الكتاب إلى النور فى أقرب وقت، وهو ولى التوفيق

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير