تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما نتائج استدلاله بالقاعدة التفسيرية فقد ذهب إلى أن الأصل لو كانت خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم أن تكون الآية: عبست وتوليت! بالخطاب وغفل عن سر العدول إلى الغيبة الذي فيه تأنيس لفوأده صلى الله عليه وسلم، وهنا يستقيم قول ابن عاشور رحمه الله تعالى: "ولما كان صدور ذلك من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم لم يشأ الله أن يفاتحه بما يتبادر منه أنه المقصود بالكلام، فوجهه إليه على أسلوب الغيبة ليكون أول ما يقرع سمعه باعثاً على أن يترقب المعنيَّ من ضمير الغائب فلا يفاجئه العتاب".

النقطة الثانية: رد الدكتور على أقوال المفسرين: والحق أني لم أجد رداً سوى ما ذكرته في أقواله عن المفسرين سابقاً ولم يستدل بدليل صحيح أو ضعيف في الرد على مفسرٍ أصلاً!

النقطة الثالثة: رد الدكتور على الروايات الواردة في ذلك:

اقتصر الدكتور على لفظ (أهلا بالذي عاتبني فيه ربي) وذكر انه لم يرد في كتاب من كتب السنة المعتبرة وأنه ضعيف وعليه فلا تصح الروايات الواردة!!

الجواب/ هذا من المنهجية العلمية الخاطئة في الرد حيث عمد الدكتور إلى أضعف الروايات وردها وزعم أنه لا توجد رواية أخرى مع أن هناك عدة روايات وردت في كتب السنة وهي صحيحة وتفيد إثبات قصة ابن أم مكتوم، ومن هذه الروايات الصحيحة:

1. عن عائشة قالت أنزل (عبس وتولى) في ابن أم مكتوم الأعمى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول يا رسول الله أرشدني وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول أترى بما أقول بأسا فيقول لا ففي هذا أنزل، رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي، وشعيب الأرنؤوط في صحيح ابن حبان.

2. في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال:أنزلت عبس وتولى في عبد الله بن أم مكتوم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل يقول يا محمد استدنيني وعند النبي صلى الله عليه و سلم رجل من عظماء المشركين فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول يا أبا فلان هل ترى بما أقول بأسا فيقول لا والدماء ما أرى بما تقول بأسا فأنزلت {عبس وتولى أن جاءه الأعمى}.

وهكذا نرى أن هناك روايات صحيحة تثبت الأمر تركها الدكتور وذهب إلى رواية ضعيفة وهذا خلاف المنهجية العلمية ولا وجه للقول هنا إنه لم يقف عليها فنحن في عصر الحاسوب ويمكن الوقوف عليها بضغطة زر!

القسم الثاني: القول الحق عند الدكتور:

سأجعل هذا القسم في نقاط كالتالي:

1. يرى الدكتور أن القول الحق هو أن الذي عبس وتولى هو الوليد بن المغيرة!! وقد سبق أن نقل الشيخ الكريم أبو سعد الغامدي وفقه الله أن هذا القول شاذ لم يقل به أحد من العلماء ويكفي في رد شواذ الأقوال حكاية الشذوذ عنها، وما كل قول يحتفى به أصلاً!

2. أن القول بأن المراد النبي صلى الله عليه وسلم يلزم منه أنه المراد ب (قتل الانسان ما أكفره) وهذا اللازم لم يقل به أحد من المفسرين أصلاً فلا معنى لإلزام مالا يلزم، وهنا ملاحظة فنية وهي أن الدكتور ذكر هذا الكلام في قسم القول الحق، وحقه أن يورده في قسم الرد!

3. أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف بالخلق العظيم والرأفة والرحمة في القرآن وأن العبوس ينافي ذلك!

والجواب / أن في هذا الموقف حدثت بسببه فوائد عظيمه هي أكبر من جلوس النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن أم مكتوم في تلك الساعة بعينها، ومنها:

1. ثبوت مصدر القرآن الكريم وأنه من الله تعالى لا من النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من ذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم عموماً.

2. معرفة أنه لا مجال للامتيازات في دعوة الحق بسبب الحسب والنسب، أو المال والجاه، فهي إنما جاءت لتأصيل النظرة إلى الإنسان وبيان وحدة الأصل، وما تقتضيه من المساواة والتكافؤ (انظر السيرة النبوية تحليل وقائع للصلابي).

وختاماً فإن صدق المقصد وصلاح النية لا يعنيان بالضرورة صحة القول، وأحسب أن الدكتور قال ما قال بحسن نية ولكن: كم من مريد للخير لا يدركه!!

وفق الله الجميع للقول النافع والعمل الصالح.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Oct 2010, 03:50 م]ـ

الأخوين: أبا سعد ومحمود. وفقكما الله وجزاكما خيراً فقد أفدتما وكفيتما بارك الله فيكما.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير