ـ[صالح الفايز]ــــــــ[21 Oct 2010, 12:34 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وبعد.
في الآية الكريمة أمور: مروادة امرأة العزيز ليوسف عليه السلام، وتغليق المرأة للأبواب، وتصريح المرأة بطلب يوسف أن يقبل إليها بقولها " هيت لك "، وتمنع نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام ورفضة وتعوذه من ذلك الطلب.
وظاهر لفظ الآية الكريمة يوحي بأن هذه الأمور جاءت مرتبة كما في الآية، وجائز أن تكون المراودة سبقت تغليق الأبواب، وجائز أن يكونا مع بعضهما فهي تراوده أثناء تغليق الأبواب، وليس في الآية الكريمة نص صريح على المتقدم من الفعلين، وبيان أيهما المتقدم مما طوي ذكره - كما أعلم - وقد يرى البعض تقدم المراودة ويستدل على ما ذهب إليه بأدلة عقلية، ويرى آخر تقدم الإغلاق على المراودة ويستدل على قوله بأدلة عقلية، ومن هنا فلن يتم اتفاق لعدم وجود النص الصريح.
مع أن الأمر المبحوث عنه هو مما لا يضر الجاهل الجهل به، ولا ينفع العالم العلم به، ولا يعود في معرفته فائدة على المكلف والحمد لله.فمن فهم من الآية تقدم أحد الفعلين على الآخر فقد اجتهد وتدبر فهو مأجور مثاب.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[21 Oct 2010, 01:14 ص]ـ
السلام عليكم
يجب أن تكون المراودة وقعت قبل تغليق الأبواب، وذلك لأسباب:
= أنها في مراودتها له استنفدت كل فنون المراودة التي تعرفها النساء فلما يئست من إبائه التجأت إلى القوة، وأول أسباب القوة هو أن تغلق الأبواب ثم تزيد من إغلاقها وتشدد، فلا داخل ولا خارج.
= فعل المراودة يغطي كل الإغراءات التي قدمتها المرأة قبل التغليق، وهي لا شك إغراءات كثيرة ومتنوعة، وليس منها قطعاً قول: (هيت لك) الذي كان بعد التغليق، والذي هو غاية الصراحة في مقارفة الفاحشة، وآخر ما يكون عن كيد النساء، وأبعد، مع صراحته الفجة، في الدلالة على المراودة التي سبقت، وهو التصريح بـ (هيت لك) قطعاً لا يكون إلا بعد التغليق، وهو (هيت لك) أيضاً أبعد ما يكون عن الإغراء وأقرب ما يكون إلى الوقاحة، لأن الإغراء لا يكون إلا مع البعد ولا يكون إلا مع رجاء أن يأتي إليها طائعاً لا مكرهاً بالتغليق ليتحقق لها انتصارها. فهي لم تلتجئ إلى التغليق من أول الأمر، وما كذلك تكيد النساء، وانظر إلى كيدها بصواحبها حين (1) أرسلت إليهن (2) وأعتدت لهن متكئاً (3) وآتت كل واحدة منهن سكيناً (4) وقالت اخرج عليهن (5) قالت فذلكن (6) ولئن لم يفعل ...
= معرفة معنى المراودة يقطع الالتباس، فراوَدَ: فعل ثلاثي مزيد بحرف (الألف): راود؛ وأصله الثلاثي: راد: رغب وطلب، والمزيد (راود) يفيد من حيث الصيغة معاني منها:
1/ المشاركة أو المفاعلة، وتكون بين طرفين فأكثر، مثل: جاذب وضارب وشاتم وكارم.
2/ التكرار أو التكثير، وتكون من طرف واحد مثل: ضاعف وخادع وراوغ وطالَب.
3/ الموالاة، وتكون بتتابع إيقاع الفعل، مثل: واليت الصوم وتابعت القراءة.
أما المعنى الأول (المشاركة) فغير جائز ولا لائق ولا واقع في حق النبيء. وعليه فقد أظهرت له المرأة رغبتها فيه بطرائق مختلفة جيئة وذهوباً، ليلا ونهاراً، بكثرة، وتكرار، وموالاة، فهي تراوده، وهو مستعصم دائماً، حتى جاء حين التغليق واشتداد الأمر، فقرر يوسف الصديق الفرار من المعصية، فقدت قميصه، وحضر السيد ... وكان ما كان. فكلام الرافعي مستقيم جداً في تنزيه مقام النبوءة هنا، مع براعة واختصار لا يتأتيان للكثيرين.
= (الواو) العاطفة، كما قال ابن هشام، تفيد: " مطلق الجمع "، وهذا لا يعني انتفاء الترتيب بين المتعاطفات، فقد ترد كثيراً وتحمل على الترتيب، ومن ذلك: (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) .. ولا زال الوضوء على هذه الترتيب، ومنه: (إن الصفا والمروة .. )، فبدأ النبيء بما بدأ الله به. ولا تخرج عن الترتيب إلا بدليل من السياق أو من العقل أو النقل، وأين هو هنا؟.
¥