الصلاة عماد الدين وركنه المتين والتي بصلاحها يصلح سائر العمل لذا فإنه كثيرا ما يسعى العبد الناصح لنفسه في تحسين صلاته وتجويدها , ويجاهد نفسه للارتقاء في أدائها والخشوع فيها وامتدح الله المؤمنين بالخشوع فيها (قد أفلح المؤمنون .. الذين هم في صلاتهم خاشعون) , ولا شك أن الأخذ بالسُّنتين معًا هو الطريق الأمثل للأداء الأمثل , وكلُّ تقصير في الخشوع إنما مرده ضعف في الأخذ بهما معًا أو في أحدهما ..
فمن صحح ما بينه وبين ربه من نية وعمل , وصدق في طلب الخشوع وجاهد هواه ونفسه في تحصيله , وأدام الاستغفار ’ والذكر قبل الصلاة وبعدها ’ وسأل ربه بصدق أن يجعله من أهل الخشوع ... كان ممن أخذ بالسبب الشرعي على كماله ... لكن لا يكفي هذا وحده حتى يُضاف له بذلٌ للسبب الكوني .. من حُسن اختيار لمكان الصلاة , والتهيؤ البدني والنفسي لها, وتفريغ العقل والذهن من كل المشاغل عنها , وحسن التطهر والتطيب عند إتيانها , وعدم التعجل في الإتيان إليها (فلا تأتوها وأنتم تسعون) فإن هذا وأمثاله مما يعين في حصول المقصود , وغير هذا من الأسباب كثير ...
3/ (تطبيق اجتماعي) الإصلاح والتغيير:
يظل أمر تغيير الناس وإصلاحهم , والارتقاء بالأمة هاجسًا قويًا للنُخَب من أبناء هذه الأمة , َومَن صَدَق في الجمع بين هاتين السنتين معًا في دعوته وإصلاحه وتوجيهه فإن التوفيق حليفه , بل لك أن تنظر في حال من وُفِّق في هذا الباب وفُتح عليه فيه , فإنه لم يحصل له ذلك إلا ببذل السببين معًا ...
فالصدق والإخلاص والتجرد وتصحيح النية , والاعتماد على الله تعالى وتفويض الأمر إليه والتعلق به ودوام سؤاله والتوسل إليه بصالح العمل أن يعين ويُسدد ويوفق المصلح , ويرزقه القبول , ويفتح قلوب الناس له .. كل ذلك يصُبُّ في الميزان الشرعي حتى يحصل التغيير والتأثير ,, والقرآن كله يحث على بذل السبب الشرعي بالإقتداء بالأنبياء والسير على خطاهم و حكى لنا واقعهم , وبالغ في كشف أسرار تعبدهم وتعلقهم بربهم وحسن صلتهم به والأمثلة على هذا كثيرة.
ومن جهة أخرى حث الشارع على الأخذ بالسبب الكوني وذلك بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ... ) ,و حث على طلب العلم والتبصُّر (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة) أي: بيان وحجة واضحة غير عمياء ,, وكذلك استغلال معطيات العصر الحديثة وتسخيرها من أجل ايصال الحق والخير للناس من تطوير للدعاة في مهارات الحوار والاقناع , ومهارات التأثير والتغيير والتخطيط ونحوها , كذلك الافادة من التقنية المعاصرة من وسائل الاتصالات والمواصلات في نشر الحق وإظهار الدين ونشره بين العالمين ... كلها تصب في كفة السبب الكوني الذي أمر الشارع بالأخذ به.
ـ[عمر جمال النشيواتي]ــــــــ[23 Oct 2010, 10:38 م]ـ
/ (تطبيق سياسي) انتصار الأمة على أعدائها:-4
قال الله تعالى عن الربانيين الذين يقاتلون مع الأنبياء حاكيًا موقفهم من الهزيمة وتأخر النصر (و ما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين .. )
قال ابن القيم (لما علم القوم أن العدو إنما يدال عليهم بذنوبهم وأن الشيطان إنما يستزلهم ويهزمهم بها , وأنها نوعان تقصير في حق أو تجاوز لحد .. وأن النصر منوط بالطاعة ... (قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا) , ثم علموا أن ربهم تبارك وتعالى , إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم , لم يقدروا على تثبيت أقدام أنفسهم ونصرها على أعدائهم , فسألوه مايعلمون أنه بيده دونهم , وأنه إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم ,, لم يثبتوا ولم ينتصروا , فوفَّوا المقامين حقهما: مقام المقتضى وهو التوحيد , والالتجاء إليه سبحانه , ومقام إزالة المانع من النصرة , وهو الذنوب والإسراف .. انتهى.
¥